الظلم ملة واحدة.. منتدى للسلام بمصر قمة للتسامح في الإمارات.. والسجون تعج بالمظالم!

- ‎فيتقارير

من المفارقات الساخرة في الدول البوليسية.. تزايد القمم والمؤتمرات والمنتديات والحملات الإعلامية والترويجية بأسماء براقة كالتسامح والسلام والعدل والشفافية.. وغيرها من القيم التي يلتحف بها المجرمون والقتلة في ممارساتهم لأعمالهم السادية بالقمع والقتل والظلم والتصفية الجسديو لمعارضيهم.

تسامح الإمارات!

اليوم، كشف تقرير لموقع ميدل إيست آي البريطاني أن الإمارات تستضيف قمة التسامح الأولى في دبي في الفترة من 15 إلى 16 نوفمبر، وإنها فرصة للتذكير بمفاهيم ومعاني التسامح وبالعودة إلى القاموس “فإن التسامح” “هو القدرة أو الرغبة في تحمل وجود الآراء المختلفة”.

وأضاف التقرير المنشور أمس للصحفي البريطاني بيل لو ان الحديث عن التسامح في الإمارات يطرح ما يطلق عليه علماء النفس “التنافر المعرفي؛ “لأن الإمارات لا تُظهر استعدادًا لتقبل الآراء أو السلوك الذي يتحدى أو يشكك في سلطة نظام الحكم.

ويأتي كلام الإمارات عن التسامح بعيدًا عن الواقع ويكفي أن نسأل ناصر بن غيث أو أحمد منصور أو تيسير النجار وغيرهم من الناشطين والناشطات الذين زج بهم في السجن بسبب انتقاد السلطات، إلى جانب عشرات الآخرين الذين يعتبرون تهديدًا لأمن الدولة.

بن غيث

وواصل التقرير: بن غيث خبير اقتصادي وخبير دولي محترم اختفى منذ ما يقرب من عام، واحتُجز في زنزانة انفرادية في مكان مجهول، ولم يُسمح له بمقابلة محامٍ أو عائلته قبل تقديمه للمحاكمة وحُكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات.

وقد أدين بجريمة “نشر معلومات كاذبة” عن قادة الإمارات وسياساتهم وعن “نشر معلومات كاذبة من أجل الإضرار بسمعة الدولة ومكانتها”.

وهذا ما يؤكد أن الأمر الأخير الذي يمكن أن تفعله حكومة الإمارات هو الاستعداد لتقبل الآراء أو السلوك الذي يتحدى أو يشكك في سلطة النظام الحاكم.

كذلك أحمد منصور ناشط شجاع ومتميز في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان. حائز جائزة “مارتن إينالز” لعام 2015، والمخصصة للناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، لكن السلطات الإماراتية منعته من السفر إلى جنيف لتسلم الجائزة.

وفي مارس من العام الماضي، تم احتجازه في مكان غير معروف قبل تقديمه للمحاكمة، وحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات.كانت الجريمة مرة أخرى نشر “معلومات كاذبة”.

انتقاد إسرائيل جريمة

وبيّن التقرير أنه حتى لو لم تكن إماراتيًا يمكن أن توجه لك تهمة نشر المعلومات الكاذبة على غرار تيسير النجار الصحفي الأردني الذي حكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات وغرامة كبيرة “لإهانة مؤسسات الدولة”، وإذا كنت تظن أنه يهين مؤسسات الدولة في الإمارات، فستكون على خطأ… لقد سجن النجار بتهمة الإساءة إلى مصر وإسرائيل ودول الخليج. وقامت السلطات بتجريم الصحفي، الذي عمل لمدة 15 سنة في الإمارات، بسبب نقده للحرب الإسرائيلية على غزة والتعامل – أو بالأحرى سوء التعامل – مع الاحتجاجات في مصر من قبل السيسي، وذلك على حساباته في وسائل الإعلام الاجتماعية.

وتساءل التقرير: هل ذكرت الأطفال الذين سجنوا أو تم تجريدهم من الجنسية لأنهم انتقدوا على تويتر المعاملة غير العادلة لآبائهم؟ أو ما يسمى بالمركز الاستشاري الذي تم إرسال بعضه له واحتجازهم هناك بعد الانتهاء من الأحكام الصادرة بحقهم؟ أم الأكاديمي البريطاني ماثيو هيدجز، الذي احتجز في الحبس الانفرادي لمدة خمسة أشهر قبل اتهامه بالتجسس؟

متسامحو مصر والسعودية!!

الأمر المضحط المبكي، أن قمة التسامح ستضم مجموعة من المتحدثين من السعودية؛ حيث لا ينبغي أن تفكر حتى في انتقاد ولي العهد والحاكم الفعلي محمد بن سلمان الذي قام بالتعاون مع الإمارات بإغراق اليمن في حرب كارثية، واعتقل المئات من النشطاء المدنيين، بما في ذلك النساء البارزات اللاتي قمن بحملات من أجل الحق في القيادة، هل يمكن الحديث عن التسامح في ظل تورط ولي العهد السعودي في مقتل خاشقجي.

والمثير للسخرية أن المتحدثين سيشاركون بحماسة كبيرة؛ لأنهم يأتون من بلدان تعتبر “معقل التسامح” ففي مصر السيسي يحتجز الآلاف لأن مفهومه عن التسامح ضعيف جدًا ولا يقبل أي شكل من أشكال النقد. كما لدى البحرين مجموعة من المتكلمين أيضًا، وهو البلد الذي كان لمدة السنوات السبع الماضية مسرحًا للإساءات واحتجاز الأغلبية الشيعية إنهم لا يتفقون مع العائلة الحاكمة الظالمة.

وتستهدف قمة التسامح توجيه الشباب نحو قبول الاختلافات ومنع العنف وتعزز دور المناهج التعليمية في زراعة ثقافة التسامح والسلام بين الطلاب”، دون التطرق بالطبع من قريب او بعيد للواقع الذي يتزايد فيه الإخفاء القسري، والحبس الانفرادي، والضرب، والمحاكمات الاستعراضية والتصفية الجسدية والقتل خارج اطار القانون…وغيرها من ممارسات التسامح في مصر والسعودية والإمارات!!

منتدى السلام بمصر

وقبل أيام شهدت مصر منتدى شباب العالم ، النسخة الثانية..وانطلقت النسخة الأولى من منتدى شباب العالم، فى الفترة من 4-10 نوفمبر 2017، فى مدينة شرم الشيخ، فيما شهدت النسخة الثانية ، التركيز على محاور السلام والتطوير والإبداع، حيث يحاول النظام بهذه المؤتمرات الادعاء بأنه يرعى الشباب ويهتم بهم ويتحاور معهم؛ لكن هذا الكم من المؤتمرات المخصصة للشباب لا يعكس اهتمام النظام بالشباب بقدر ما يعكس أزمته معهم باعتبارهم هاجسه الأكبر، فما حدث في ثورة 25 يناير 2011 بيد الشباب، ما زال حاضرًا بقوة في الأذهان، وخاصة أذهان المسؤولين وعلى رأسهم السيسي، الذي كان يشغل وقت اندلاع الثورة منصب مدير المخابرات الحربية؛ فالنظام يحاول من خلال هذه المؤتمرات التغطية على أزمته مع الشباب، الذين يعتقل عشرات الآلاف منهم في سجونه ويخفي المئات منهم قسريًا، ويمارس بحقهم أبشع صور التعذيب والاغتيال خارج إطار القانون حيث شهد شهر أكتوبر الماضي فقط تصفية 20 شابا بذريعة محاربة الإرهاب.

وباستعراض كثير من الفعاليات التي تشهدها مصر والامارات والسعودية ، تتضح الصورة اكثر بمحاولة تجميل وجه الانظمة القبيح، في ظل واقع مرير اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وسياسيا.