“ترقيع الدستور”.. عندما تحوّل حزب النور من أسد على الشرعية لشيطان أخرس

- ‎فيتقارير

“إن ديكًا كان يوقظ الحي للصلاة، وطلب منه صاحبه أن يتوقف وإلا ذبحه، الأمر الذي جعل الديك يتنازل بحجة درء المفاسد، ثم توالت التنازلات حتى طلب منه أن يبيض، فبكى الديك وتمنى الموت وهو يؤذن”!.

كانت هذه تدوينة للشيخ محمد حسين يعقوب، خلال شهر يوليو 2018، ساخرًا ممن يتعللون بفقه الواقع من أجل التنازل عن المبادئ والقيم الإسلامية مؤيدين للظالمين على طول الخط. وتلقف نشطاء هذه التدوينة وربطوها بحزب النور وعلاقته بالنظام العسكري وأجهزته الأمنية؛ ما أدى إلى اندلاع حرب كلامية بين الطرفين، وشن أنصار حزب النور- على قلتهم- هجومًا حادًا على الشيخ، واعتبروه يبغي الشهرة على حسابهم، بحسب تصريحات سامح عبد الحميد عضو الحزب.

لكن الحقائق تؤكد أن ما يسمى بحزب النور، بات يمارس الفاحشة السياسية منذ دخوله في أحضان نظام العسكر والنوم على أسرّتهم، متجردًا من كل فضل وقيمة، وباتوا أمام الشعب عراة من كل خلق أو ضمير.

موافقة على ترقيع الدستور!

آخر هذه المواقف المشينة لما يسمى بحزب النور (السلفي)، انصياعهم لأوامر وتوجيهات نظام العسكر في جريمة “ترقيع الدستور”، حيث كشف سليمان وهدان، وكيل المجلس، عن أن  الحزب أبدى موافقته التامة على ما تسمى بالتعديلات الدستورية. وأضاف في مداخلة هاتفية ببرنامج «يحدث في مصر»، المذاع عبر فضائية «mbc مصر»، مساء الثلاثاء، أن كتلة الحزب البرلمانية تحفظت فقط على عبارة “مدنية الدولة”، الواردة في المادة المقترحة الخاصة بحفاظ القوات المسلحة على الديمقراطية والدولة المدنية.

وأوضح أن الحزب أبدى تخوفه من أن تعني كلمة «مدنية» معنى «العلمانية»، مشيرًا إلى إيضاح هذا الأمر للحزب بأن هناك فرقًا بين المصطلحين، فوافق حزب النور على موضوع التعديلات بعد إيضاح الأمر. وذكر أن الدستور يتضمن نصًا حاكمًا بأن الشريعة الإسلامية هي دين البلاد، وأن الديانتين المسيحية واليهودية هما مصدر القوانين الخاصة بتنظيم الأمور الاجتماعية لأتباعهما.

وشارك حزب النور في مشهد انقلاب 03 يوليو 2013م، ودعم انقلاب الجيش على المسار الديمقراطي وأول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد، كما أبدى مواقف شديدة الميوعة أمام جرائم النظام العسكري بحق أنصار الرئيس من الإسلاميين، ولم يبد اعتراضًا على تصريحات السيسي في الأمم المتحدة وغيرها، بأنه منع إقامة نظام إسلامي في مصر، وكذلك تقاربه المخزي مع الكيان الصهيوني.

وأعلن الحزب عن دعمه لزعيم الانقلاب في مسرحيتي 2014 و2018م، وأخرج نساءه المنتقبات معلنات دعمهن لسفاح العسكر، في مشهد بئيس أفقد الحزب أي تعاطف شعبي، وكشف عن حجم المذلة التي يمارسها الحزب وقياداته، إما خوفًا من التنكيل والانتقام أو انصياعًا تلقائيًا باعتبارهم أداة من أدوات الأجهزة الأمنية وظّفها لوأد تجربة ثورة 25 يناير.

تخوفات من الترقيعات

وثمة تخوفات كبيرة من التعديلات المقترحة على الدستور، رغم أن المادة “226” تحظر أي تعديل يتعلق بفترات الرئاسة إلا إذا كان يحقق مزيدا من الضمانات والحريات، وهي المادة التي جاءت تخوفًا من عودة تأبيد الحكام كما جرى مع مبارك الذي تمت الإطاحة به بعد ثورة 25 يناير، وقبله محمد أنور السادات الذي قتل بالرصاص من جانب ضباط وعناصر بالجيش أثناء حضوره عرضًا عسكريًا يوم 06 أكتوبر 1981م. كما يتردد أن الطاغية جمال عبد الناصر قتل مسمومًا بعد مشاركته في القمة العربية، وبذلك فإن حكام مصر السابقين من جنرالات العسكر  لم يمارسوا تداولًا سلميًا للسلطة، بل بقوا متشبثين بها حتى هلكوا بوسائل وطرق مختلفة.

كما تسود مخاوف كبيرة من مادة حماية القوات المسلحة لما تسمى مدنية الدولة، على غرار  حماية الجيش التركي قبل مرحلة الرئيس رجب طيب أردوغان لما تسمى بعلمانية الدولة، حيث نفذ 5 انقلابات عسكرية على المسار الديمقراطي بحجة الحفاظ على علمانية تركيا!، وبذلك فإن هذه المقترحات تجعل من المؤسسة العسكرية وصيًا على الشعب والنظام والوطن، وتنذر بمواجهات بين الشعب والجيش حال صمم الشعب على استرداد ثورة 25 يناير، وإقامة نظام ديمقراطي بمشاركة شعبية واسعة دون إقصاء أو تمييز، وتحقيق الحريات والعدالة بمفهومها الشامل سياسيًا واجتماعيًا.

ومن أبرز التعديلات المقترحة: تمديد فترة الرئاسة من 4 إلى 6 سنوات، وإضافة مادة انتقالية تسمح لزعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي بالترشح مجددًا على الرغم من أن الدستور الحالي يسمح بفترتين رئاسيتين فقط. وتمنح هذه الترقيعات السيسي فرصة للبقاء في السلطة حتى عام 2034، إذ تنتهي ولايته الثانية في 2022، وإذا أُقرت التعديلات سيكون لديه فرصة للبقاء لولايتين جديدتين مدة كل منهما 6 سنوات. كما يرى المعارضون أن التعديلات المقترحة تعزز سلطة الرئاسة على القضاء، وتمنح صلاحيات أوسع للجيش على الحياة المدنية في مصر.