سياسة اغتيال المعارضين.. 6 رسائل ومخاطر تهدد مستقبل البلاد

- ‎فيتقارير

تستحوذ على نظام الجنرال العسكري بقيادة عبد الفتاح السيسي شهوة القتل، فهو يتلذذ بسفك الدماء وينتشي بالاغتيالات والتصفية الجسدية للمواطنين الأبرياء، وخلال اليومين الماضيين فقط قتل 23 مواطنًا على يد الجنرال، منهم 18 بالاغتيال المباشر في كلٍّ من العريش 12 شخصًا، و6 في أكتوبر، و5 مواطنين قتلوا تحت أنقاض منزلهم الذي سقط بفعل فساد محليات السيسي.

البداية كانت اليوم الإثنين، حيث أعلنت وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب عن مقتل 6 مواطنين داخل وحدة سكنية في مدينة السادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة، بزعم تشكليهم خلية إرهابية كانت تسعى لاستهداف منشآت حيوية ودور العبادة المسيحية وعناصر الجيش والشرطة خلال عيد الأضحي، الأسبوع المقبل.

كما أعلنت الداخلية عن أن جهاز الأمن الوطني تمكن أمس من قتل 12 مواطنا بالعريش، بدعوى أنهم إرهابيون دون تحقيق أو محاكمة. واليوم قتل 5 مواطنين تحت أنقاض منزلهم المنهار في محافظة قنا بجوار مسجد سيدي عبد القادر القناوي.

ورسالة النظام للشعب واضحة: إذا كنت معارضا ستُعتقل أو ستُقتل إما بالتعذيب الوحشي في أقبية وزنازين النظام أو قنصا بالرصاص، وإذا كنت مواطنا عاديا لا تنشغل بالسياسة ومعارضة النظام فمصيرك الهلاك والقتل أيضا إما تحت أنقاض بيتك بسبب فساد المحليات، أو بحوادث الطرق التي تعاظمت في عهد السيسي، أو بالإهمال في المستشفيات التي تقتل أكثر مما تشفي جراء تهالك منظومة الصحة وتعفنها، أو بالانتحار يأسا وإحباطا من الغلاء الفاحش والأسعار الملتهبة.

وأمام هذه الجرائم نبدي هذه الملاحظات:

أولا: يبدو السؤال المنطقي: كيف عرفت الأجهزة الأمنية أن ضحايا العريش و6 أكتوبر ينوون فعل كل هذه الأشياء والجرائم وهي أصلا لا تعرف أسماءهم، حيث لم تذكر أسماء الضحايا في بيانها، كما أنها لم تحقق مع أي منهم بل داهمتهم في شقتهم واغتالتهم دون تحقيق أو محاكمة؟!، فما يتضح من صور الضحايا أنهم إما كانوا مختطفين قسريا ثم قتلوا جراء التعذيب الوحشي ويتم التغطية على الجريمة باختلاق رواية هشة وغير محبوكة؛ حتى يفلت الضباط المجرمون بجريمتهم في الدنيا، أو أنهم بعض الشباب المطحونين الساعين للقمة العيش ويسكنون في شقة واحدة توفيرا للنفقات في ظل الغلاء الفاحش، فاستهدفتهم عصابات الشرطة اشتباها بهم دون تحقيق أو محاكمة، ثم جاءت الرواية الأمنية للتغطية على الجريمة بوضع أسلحة بجوار جثامين الضحايا، والزعم أنهم قتلوا في تبادل لإطلاق النار!.

ثانيا: الغريب في قتلى تبادل إطلاق النار أنهم دائما من الشعب، ولا يصاب أي من عناصر الشرطة مطلقا في هذا التبادل المزعوم لإطلاق النار. وهو دليل آخر على فبركة الرواية الأمنية وعدم ثباتها أمام سهام النقد والتحليل العقلي أو المنطقي.

ثالثا: صور ضحايا 6 أكتوبر اليوم كلها مضروبة في الرأس، ودماؤهم تسيل على الأرض بجوار سخان كهربائي وأدوات بسيطة، ما يؤكد أنهم جيء بهم أحياء ثم اغتيلوا غدرا في هذا المكان، أو تمت مداهمتهم فجأة وقنصهم بعد السيطرة عليهم دون تحقيق أو محاكمة.

رابعا: يبدو أن النظام العسكري مصر على سفك مزيد من الدماء، ما يؤكد الإصرار على تكريس منظومة الاستبداد واحتكار السلطة والثروة، في رسالة تهديد للشعب من الإقدام على ثورة جديدة تواجه ظلم النظام وفساده واستبداده. فالنظام لا يسترضي الشعب بانفتاح سياسي دون إقصاء أو تحقيق اختراق في الوضع الاقتصادي يفضي إلى تحقيق الرفاهية وتحسين مستويات المعيشة، بل فشل في كل هذه الملفات ولم يبق له سوى لغة التهديد والوعيد والقتل والقمع من أجل تكريس قبضته السلطوية الغاشمة.

خامسا: الدماء لا تأتي باستقرار، ولن تجبر مستثمرا على المجيء لبلاد تعاني من اضطرابات وحروب، فما الرسالة التي يتلقفها المستثمرون الأجانب من قراءة أخبار الاغتيالات وتبادل إطلاق النار ومقتل 12 بالعريش أمس و6 بأكتوبر اليوم، وقبل أسبوع الإعلان عن مقتل 52 مواطنا بشمال سيناء!، كلها رسائل تعكس حالة الفوضى وعدم الاستقرار، ما يرجح استمرار هذه الأوضاع والتي ستفضي إلى انعكاسات خطيرة على مستقبل البلاد سياسيا واقتصاديا وفي كل المجالات.

سادسا: بهذه السياسات الرامية لاغتيال الشباب وتصفية المعارضين، فإن الفجوة تتسع والعداوة تتغذي بمزيد من الدماء، ما يفضي إلى اضطرابات حتما سوف تجد من يساندها، خصوصا إذا تحالف ضحايا الاستبداد السياسي مع ضحايا الاحتكار الاقتصادي والغلاء الفاحش، فإن ذلك ينذر بانفجار وشيك يراه النظام بعيدا ويستخدم في سبيل منعه كل وسائل البطش والقمع، ولكنَّ خبراء ومحللين يؤكدون أن الانفجار وشيك، وسوف يأتي من حيث لا يتوقع النظام أو يحتسب.