لماذا يخشى مؤيدو السيسي غضبه ولا يخافون الله؟

- ‎فيتقارير

في واقعة تعكس الهجمة الشرسة على كل مظاهر الإسلام، استنكر المنتج السينمائي المؤيد للانقلاب، محمد العدل، قيام المسافرين والموظفين في مطار القاهرة الدولي بصلاة الجمعة في ردهات المطار، مشيرا إلى أن مثل هذه المناظر تمنع السياحة، في الوقت الذي بات تشبيه السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي بالأنبياء والرسل ظاهرة منتشرة على لسان قادة المؤسسة العسكرية والأوساط الإعلامية والفنية والدينية المؤيدة لانقلاب الثالث من يوليو 2013.

وقال “العدل”، في تدوينة له عبر حسابه بموقع التدوين المصغر “تويتر” رصدتها “الحرية والعدالة”، مرفِقًا بها صورة فور انتهاء المصلين من صلاتهم: ”مطار القاهرة وقت صلاة الجمعة. الكلام القبيح يعجز عن التعبير. برغم وجود مسجدين بالمطار. ومستنيين سياحة.. يا أخي….”.

من جانبهم، استنكر المغردون تهجمه على الصلاة والمصلين، مؤكدين أن الأرض كلها مساجد لله، في حين أشار البعض إلى أنه وأمثاله لا يقدرون إلا على مهاجمة الدين ولا يجرؤون على انتقاد شيء آخر، مع سخرية واسعة من عدم تطرقه إلى حالة الاقتصاد السيئة وغلاء الأسعار، ومدى تأثير هذه العوامل على السياحة.

تقديس عجل الانقلاب

يأتي هذا في الوقت الذي يقدس فيه مؤيدو الانقلاب السفيه السيسي، وأحدث فتاوى التقديس خرجت من فم المفتي السابق للبلاد، علي جمعة، الذي جزم بأن السيسي “مدعوم من الله”، بعد أن كان أستاذ الفقه في جامعة الأزهر، سعد الدين الهلالي، قد وصفه بالنبي.

وقد تخطّى الأمر المؤسسات الدينية والسياسية، ووصل إلى الأوساط الفنية، حتى إن الفنانة “بوسي” أدلت بدلوها قائلة باللهجة العامية: “اللي بيقول إن الرسول أشرف خلق الله… أكيد ما شفش السيسي”، ولم يردّ الأزهر على مثل هذه التصريحات، ولا التيارات السلفية فعلت ذلك رغم أنها تعتبر مجرّد التلفظ على النبي محمد من الكبائر التي “تستوجب الجهاد”.

وأصدر برلمان الدم قانونًا يقدس عصابة الانقلاب ويمنع السخرية منهم، ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 5 سنوات، وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على 500 ألف كل من أساء للرموز والشخصيات التاريخية، وفي حالة العودة يعاقب بالحبس بمدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تزيد على 7، وغرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه.

ومَن يستمع إلى قيادات الجيش، يمكنه سماع صفات الألوهية تجاه السفيه السيسي، صفات دينية تحاكي شارعا مصريا محافظا من الناحية الدينية، وتضرب عرض الحائط علمانيّة المؤسسة العسكرية، العزيزة على قلوب أصحاب البدل الكاكي منذ ثورة يوليو 1952، إلا أن إعلام الانقلاب تمادى في رسم هالة “القائد المتدين” فوق رأس السفيه السيسي، على غرار ما صُنع للرئيس الراحل أنور للسادات بعد حرب أكتوبر.

حتى مع السادات، لم تصل الأمور إلى حدّ ما يحصل اليوم حيال السفيه السيسي، من تقديس و”تأليه”، وتشديد على التزامه الديني عقيدةً وطقوسا، وهو ما يتناقض مع الحملة التي سبق وشنّها إعلاميون مقربون من المؤسسة العسكرية ضد الرئيس محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب للبلاد، خلال فترة حكمه.

الغضب جريمة!

إلا أن الشعب المصري الذي اكتوى بنار إرهاب العسكر وقمعهم وخيانتهم، بات لا يكترث لإرهاب القوانين، ولم يمنعه ذلك من السخرية وتوجيه الشتائم للعسكر، “منه لله.. الرئيس الـ…” جملة قالها بغضب رجل خمسيني داخل إحدى عربات مترو أنفاق القاهرة الكبرى، وأنهاها بإهانة السفيه السيسي مكونة من ثلاثة أحرف، تنتهي بحرف الصاد، وتعني في العامية المصرية الرجل القواد.

شتيمة الرجل للسفيه السيسي تأتي بعد ساعات قليلة من قرار رفع أسعار الوقود، والذي تسبب في حالة غضب شعبي، اتخذ شكل الشتائم فقط، لكنه لم يؤدِ على الأقل حتى هذه اللحظة إلى التظاهر في الميادين ضد السفيه، وفي السنوات الأخيرة، واعتراضا على الظلم الاقتصادي الذي يمارسه السفيه السيسي، تحت شعار “الصب في مصلحة المواطنين”، بينما يعتبرها المصريون قرارات قاسية، كثر من تفنن في توجيه شتائم من كل شكل ولون للسفيه السيسي، وأصبح من الشائع أن تخرج شتائم من أفواه المصريين في أماكن مختلفة، منها المقاهي، ووسائل المواصلات، والأسواق الشعبية، وحتى بعض مقرات المصالح الحكومية.

مواطنة مصرية

ويمكن النظر لتوجيه شتائم للسفيه السيسي، باعتباره شكل الاعتراض الوحيد تقريبا، الذي يستطيع المواطن العادي القيام به، خصوصا بعد أن صار التظاهر من دون ترخيص، جريمة بحسب القانون المصري، وفي هذا الصدد، تداول النشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لمواطنة مصرية توجه فيه انتقادات لاذعة إلى السفيه السيسي، لا سيما إعلانه حالة الطوارئ في البلاد، وهو ما ترتب عليه “لم المعارضين، لا سيما من نشطاء مواقع “التواصل الاجتماعي”، و”فيسبوك”، بحسب قولها.

وتساءلت المواطنة: “أنت أعلنت قانون الطوارئ لتقلل من الإرهاب، والحد منه.. فهل تريد أن تحكم البلد من غير معارضين؟ عايز ما حدش يقول لك حاجة خالص.. هل أنت رسول الله المُنزَّل، وما بتغلطش؟”.

وأجابت: “أنت بتغلط، وشخصيا لم أر لك حاجة صح، وباعتباري مواطنة مصرية، فلي حق معارضتك، وأن أقول لك: اللي أنت بتعمله ده غلط.. أنا حرة.. دي حاجة طبقا للدستور.. الذي يضمن لي أن أقول رأيي بكل صراحة، وأن أعارضك.. أي حد في البلد له الحق في أن يعارضك”.

وتابعت: “أنت مش رسول الله المنزَّل.. أنت مش منزه عن الخطأ.. أنت إنسان، ومجرد حكومة.. أنت موظف عند الشعب، ولازم تخدمه، وليس العكس.. لكنكم متعودون من 80 سنة من الحكم العسكري على “سيستم” أننا “التوب” القمة، وإزاي حد يعارضني، واللي يعارضني ويشتمني سوف أسجنه وراء الشمس، وهذا ما حدث من قانون الطوارئ.. إذ مَنْ الذي سيترشح ضدك”.

وأردفت: “لمجرد أن معارضا يقول إن هذه أرض مصرية يتم سجنه.. شباب، ومن حقهم المعارضة.. الجيل ده هيتحرك.. وزي ما شفت في فرنسا شباب تحت الأربعين يترشحون، ويكسبون.. كندا اللي أنا عايشة فيها يحكمها شاب” واختتمت حديثها بقولها: “يا شعب قوموا بَقى كفاية”.