ليست شائعة.. الحجز على “الشقق” إذا لم يتم دفع الضريبة العقارية!

- ‎فيتقارير

لم يكتفِ العسكر بفرض المزيد من الجبايات على صورة ضرائب وقوانين جبرية تقصم ظهر المواطنين طوال 5 سنوات، بل زاد الأمر بالتهديد بالحجز على الشقق والعقارات أو دفع الغرامات حال عدم تنفيذ الأوامر.

هذا ما كشف عنه محمد معيط، وزير المالية بحكومة العسكر، في بيان رسمي، اليوم الأحد، بأنه سيتم تطبيق القانون على كل من يتقاعس عن سداد حقوق الخزانة العامة للدولة.

وتأمل حكومة الانقلاب في رفع نسبة الإيرادات الضريبية للناتج المحلي لتتراوح ما بين 17 إلى 18%، مقابل 14% حاليا، بحسب وزير المالية، الذى أكد أنها لن تأتي إلا بفرض ضرائب جديدة سيتحمّلها المواطن في نهاية المطاف.

وقال الوزير: إن المهلة الخاصة بسداد الضريبة دون غرامة قد بدأت من 15 يوليو وحتى 15 أغسطس الحالي، بدعوى التيسير على المُكلفين ومنعًا للتزاحم.

وحذر “معيط” من عدم تنفيذ القانون، وتحصيل حق الدولة المتمثل في الضريبة المستحقة على ملاك الوحدات العقارية، والتى تنتهى مهلة سداد الضريبة بدون غرامة تأخير بعد 10 أيام من الآن.

وطالب وزير الانقلاب، الممولين بسرعة سداد الضريبة “وإلا سيتحملون الغرامة التي حددها القانون أو سيتم الحجز الإداري على وحداتهم العقارية”. مدعيا أن ما يتردد عن عدم دستورية قانون الضريبة العقارية “غير صحيح، كما يروج له البعض”. وأضاف أنه لا توجد على الإطلاق دعوى أمام المحكمة الدستورية العليا تتعلق بهذا الشأن.

وارتفعت نسبة الإيرادات الضريبية في الموزانة من نحو 12% في عام 2015 إلى 14.5 في موازنة العام الماضي، وتستهدف الموازنة الجديدة إيرادات من الضرائب والجمارك نحو 770 مليار جنيه، أي ما يعادل نحو 78% من إيرادات الدولة في موازنة 2018/2019.

جبايات على الشعب

وقد سبق الأمر من قبل العسكر فرض ضرائب على ملايين المصريين، من بينها تصريح علاء والي، رئيس لجنة الإسكان ببرلمان العسكر، بأن لجنة الإسكان بالبرلمان تقوم بدراسة مقترح لسن تشريع لفرض ضريبة على الشقق المغلقة.

وأضاف والي، في مداخلة تلفزيونية، أن الشقق المغلقة في أي مكان هي ثروة مهدرة، أي أنها أموال لا تُستغل، ولا يأتي من ورائها عائد لصاحبها أو للدولة.

وكشف تقرير صادر عن “التعبئة والإحصاء”، عن وجود 12 مليونًا و498 ألف وحدة سكنية مغلقة، سواء تلك التى تم إغلاقها لوجود سكن آخر للأسرة، أو التى تحتاج لتشطيب أو ترميم.

كما وافقت لجنة الخطة والموازنة ببرلمان العسكر، على خضوع التصرف في التركات والمواريث، وهي ما تركه الميت من مال وغيره، ويعود لأبنائه بالبيع من جانب الورثة للضريبة، خاصة العقارات، وهو ما يعني فرض ضريبة على المواريث بعد التصرف فيها من جانب الورثة بالبيع، وهو ما أيدته وزارة مالية الانقلاب، ورفضت اللجنة حذف القرى من الاستثناءات الواردة بنص المادة 42 من مشروع القانون.

كما وافقت اللجنة، في اجتماع لها مؤخرًا، على اقتراح بمشروع قانون بشأن استبدال أحكام المادة رقم 42 من القانون رقم 91 لسنة 2005، بإصدار قانون الضرائب على الدخل، والمُقدم من النائبة ميرفت الكسان، عضو اللجنة ببرلمان العسكر.

صب في المصلحة

وكان المنقلب السيسي قد أقرّ زيادات جديدة بصورة مفاجئة، ومنها الزيادة الجديدة في التراخيص وخدمات المحمول “زيادات تصل إلى 15 ضعفا”، وعليه فإن رسوم خطوط المحمول تصل إلى 50 جنيها عند شراء خط جديد، و10 جنيهات شهريًا على الفاتورة.

كما بلغت الجبايات على المصريين، ومنها رسوم جوازات السفر بقرارات السيسي ووكيله “البرلماني” علي عبد العال، 200 جنيه عند استخراج الجواز أو تجديده، بدلا من 54 جنيها و40 قرشا.

وقبل أيام، ارتفعت مياه الشرب بنحو 46.5% بدعوى الإنفاق على إصلاح الخدمة، اعتبارا من يوم 2 يونيو الماضى، ووفقا للقرار تم رفع سعر مياه الشرب للاستخدام المنزلي إلى 65 قرشا للمتر المكعب بدلا من 45 قرشا في شريحة الاستهلاك الأولى بين صفر وعشرة أمتار مكعبة، و160 قرشا بدلا من 120 قرشا للمتر المكعب في الشريحة الثانية “11-20 مترا مكعبا”، و225 قرشا بدلا من 165 قرشا للشريحة الثالثة “21-30 مترا”.

إتاوة على تذكرة الطيران

كما أصدر قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي عدة قرارات من منظور “الصب فى مصلحة المواطن”، بفرض ضريبة على تذاكر السفر للخارج، على الرحلات التي تبدأ من مصر لأي بلد آخر، وصلت قيمتها إلى 400 جنيه على التذكرة.

من جانبه، قال عماد الوكيل، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية: إن اتجاه الحكومة الانقلابية لفرض الضرائب يرجع لأنها الطريقة الأسهل في جباية الأموال، قائلا: “مصر لا تعتمد على التصدير لزيادة الإيرادات؛ لأن معظم مكونات المنتج المحلي تعتمد على استيراد المواد الخام، وهنا المنتج المحلي يصبح أغلى من المنتج المستورد من بلد مثل الصين”.

وأضاف فى تصريح له: “إذا رجعنا إلى مكونات الدخل في أي دولة فهي التصدير، لكن مصر لا تعتمد على التصدير والاستثمار الأجنبي؛ نظرا لمشاكل الأمن وعدم انتظام آلية انتقال الحكم، ثم السياحة التي تؤثر عليها ظاهرة الإرهاب، والسياسة الأمنية تعوق عودتها، وهناك الموارد الطبيعية، لكنها في مصر غير مستغلة؛ لأن تكلفة الاستخراج أو الإنتاج تفوق تكلفة البيع للمنتج عالميا، وأخيرا الضرائب”.

كارثة الضرائب

فى المقابل، حذر الخبير الاقتصادي، مصطفى شاهين، من أن “ما يحدث في مصر يعد مشكلة كبيرة في الاقتصاد؛ فأي دولة تحاول رفع الضريبة دون زيادة الإنتاج سيؤدي ذلك إلى حالة من الانكماش أو الكساد؛ فالضريبة تسهم في تقليل الدخل من ناحية وارتفاع الأسعار من ناحية أخرى”.

شاهين كشف فى تصريحات صحفية، عن أن “كل ما سبق سيؤدي إلى تقليل الاستهلاك، ما يؤدي إلى تراجع إنتاج الشركات، ونبدأ الدخول في سلسلة أزمات جديدة من تراجع الدخل وزيادة البطالة.. إلخ، ما يؤدي إلى حالة من الكساد، التي لا تظهرها المؤشرات في مصر لعدم وجود مؤشر له”.

وانتقد شاهين سياسة حكومة السيسي في زيادة الأعباء دون زيادة الدخل، قائلا: “الدول في ظل الأزمات الاقتصادية تعمل على زيادة دخل المواطنين، أو تقليل نسب الضرائب ليزيد إنفاقهم على السلع والخدمات”، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن “الحكومة عندما تزيد الضريبة ستقلل الإنتاج، ما يؤدي إلى تراجع نسبة النمو المرتبط بالإنتاج بسبب انخفاض الناتج المحلي الإجمالي”.

أما أستاذ التخطيط الدولي، صفي الدين حامد، فقال: إن “السيسي ليس لديه خيارات أخرى لزيادة الإيرادات غير فرض الضرائب، وهو يضع في اعتباره إرضاء صندوق النقد الدولي في المقام الأول، ووضع سداد فوائد ديون مصر في مقدمة المصروفات بالموازنة العامة”.‏

وأضاف فى تصريح له: أن “مصر مطالبة في الموزانة الجديدة بسداد فوائد ديون وأجزاء من تلك الديون البالغة أكثر من 90 مليار دولار، ثم يأتي بعد ذلك رواتب أكثر من 6 ملايين موظف، ‏وأخيرا تأتي ميزانية الخدمات مثل الصحة والتعليم وخلافه”، مشيرا إلى أن “الإيرادات تنكمش منذ عام 2013 في قطاعات مهمة مثل السياحة، وقناة السويس، والصادرات المصرية للخارج، وتهرب رجال الأعمال من دفع الضرائب”.