“أبيار علي”.. حفرها سلطان دارفور الذي خانه العسكر

- ‎فيتقارير

كتب- سيد توكل:

 

خيانات العسكر تتواصل طولاً وعرضًا في المكان والزمان، فمن الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي، إلى المشاركة في مخطط "القرن" وتقسيم المقسم من الدول العربية، ومنها ليبيا والسودان واليمن وسوريا والعراق، إما بالصمت وقبض الثمن مليارات في أرصدتهم في بنوك أوروبا، وإما بالمشاركة كما حدث في جنوب السودان، واليوم في دارفور التي لها قصة كبيرة في صد الغزاة الصليبيين عن إفريقيا، وخدمة حجيج بيت الله الحرام.

 

الجميع يعرف المدينة المنورة ولعل البعض يعرف أبيار علي، وهي ميقات أهل المدينة المنورة الذي ينوي عنده ويحرم من أراد منهم الحج أو العمرة من هناك و منهم أهل بلاد الشام، وكانت تسمي في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ذي الحليفة، ولعل البعض يظن أنها سميت أبيار علي نسبة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهذا غير صحيح والصحيح أنها سميت بذلك نسبة لعلي بن دينار.. فمن هو هذا الرجل الصالح وكيف خانه عسكر الانقلاب في مصر؟

 

علي بن دينار

 

يقول المؤرخون أن السلطان "علي بن دينار" جاء إلي الميقات عام 1898م حاجًا (أي منذ حوالي مائة عام)، فوجد حالة الميقات سيئة، فحفر الآبار للحجاج ليشربوا منها ويُطعمهم عندها، وجدد مسجد ذي الحليفة، ذلك المسجد الذي صلي فيه النبي وهو خارج للحج من المدينة المنورة، وأقام وعمّر هذا المكان ولذلك سمي المكان بأبيار علي نسبة لعلي بن دينار.

 

إنه سلطان دارفور، تلك المنطقة التي لم نسمع عنها إلا الآن فقط لما تحدث العالم عنها، ونظنها أرضاً جرداء قاحلة في غرب السودان، كانت منذ عام 1898م وحتى عام 1917م سلطنة مسلمة، لها سلطان اسمه علي بن دينار، وهذا السلطان لما تأخرت مصر عن إرسال كسوة الكعبة أقام في مدينة الفاشر (عاصمة دارفور) مصنعًا لصناعة كسوة الكعبة، وظل طوال عشرين عامًا تقريبًا يرسل كسوة الكعبة إلي مكة المكرمة.

 

هذه الأرض المسلمة تبلغ مساحتها ما يساوي مساحة جمهورية فرنسا، ويبلغ تعداد سكانها 6ملايين نسمة، ونسبة المسلمين منهم تبلغ 99% ( والذي لا تعرفونه عنها أن أعلي نسبة من حملة كتاب الله عز وجل موجودة في بلد مسلم، هي نسبتهم في دارفور، إذ تبلغ هذه النسبة ما يزيد عن 50% من سكان دارفور، يحفظون القرآن عن ظهر قلب، حتى أ مس لمي إفريقيا يسمون هذه الأرض “دفتي المصحف”.

 

وكان في الأزهر الشريف حتى عهد قريب رواق اسمه “رواق دارفور”، كان أهل دارفور لا ينقطعون أن يأتوه ليتعلموا في الأزهر الشريف. 

 

سكين التقسيم

 

وأصل المشكلة هناك في دارفور إنها أرض يسكنها قبائل من أصول عربية تعمل بالزراعة، وقبائل من أصول إفريقية تعمل بالرعي. وكما هو الحال في صحراوات العالم أجمع.. يحدث النزاع بين الزراع والرعاة علي المرعى والكلأ، وتتناوش القبائل بعضها مع بعض في نزاع قبلي بسيط، تستطيع أي حكومة أن تنهيه بسرعة، غير أن هذا لم يحدث في السودان.

 

وتهتم أمريكا بتقسيم السودان لأنها سلة الغذاء في إفريقيا، ولأن السودان هي أغني وأخصب أراضي العالم في الزراعة، ولأن السودان اُكتشف فيها مؤخرًا كميات هائلة من البترول، ومثلها من اليورانيوم في شمال دارفور، ولهذا لم يرد أعداء الإسلام لهذه المنطقة أن تنعم بالاستقرار، ولا أن تعتمد علي نفسها، فماذا يفعلون؟

 

يشعلون النزاعات في أنحاء البلاد ليصلوا بالأمر إلي تقسيم هذه الأرض إلي أربع دو يلات، دولة في الغرب (تسمي دارفور) ودولة في الشرق، ودولة في الجنوب ودولة في الشمال في جنوب مصر. 

 

لقد نفذوا خطتهم هذه فعلاً في الجنوب بمساعدة الرئيس المخلوع حسني مبارك، ودبّ النزاع بين الشمال والجنوب، وأقروا أن حق تقرير المصير بانفصال أهل الجنوب سينفذ بعد خمس سنوات من الآن. 

 

وبعد أن تم لهم ما أرادوه في الجنوب، التفتوا إلى الغرب وأشعلوا فيه نار الفتنة والخلاف، سعيًا وراء حق تقرير المصير هناك أيضًا، ومن المؤكد أن النزاع سيصل إلي الشرق عن قريب. 

 

 

اتفاق القرن

 

وفضح أحد الوزراء الصهاينة ما تسمى بـ"خطة القرن" التي جرى توقيعها بين قائد الانقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي وبين الرئيس الأمريكي ترامب، والتي تخدم في النهاية مصالح الاحتلال الصليبي الصهيوني بقيادة واشنطن وتل أبيب.

 

وتهدف هذه الخطة الي تقسيم مصر، وتوطين الفلسطينيين في سيناء، والتنازل عن أراضي المسلمين المحتلة في فلسطين إلى الصهاينة، ومن الوهلة الأولى قد يظن البعض أنه لا علاقة بين اتفاق "القرن" وبين ما يجري في مناطق أخرى من المنطقة العربية مثل دارفور أو ليبيا أو العراق، إلا أن الخطط في النهاية تشكل خطة كبرى يعمل عليها الغرب وينفذها على مراحل.

 

أعرفتم الآن لماذا يذهب كارتر رئيس مجلس الكنائس العالمي إلي الجنوب دائمًا؟ أتدرون أن 13 وزيرًا من وزراء أوروبا وأمريكا ذهبوا إلي دارفور في الثلاثة شهور الأخيرة فقط؟ وأن آخر زوار دارفور وزير الخارجية الأمريكي؟