أرض النفاق.. إعلاميون تورمت ثرواتهم يأمرون الغلابة بالتقشف

- ‎فيتقارير

“نستحمل شوية علشان مصر”، من فم السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، إلى أفواه زبانية إعلامه تتقافز تلك العبارة من ميكرفون إلى آخر، ومن قناة إلى أخرى، مرة على لسان مذيع متأنق ومتصاب كان يعمل ضابط شرطة مثل مدحت شلبي، والذي وصل راتبه الشهري في قناة بيراميدز إلى مليون و300 ألف دولار في السنة، كأعلى راتب لمذيع رياضي في تاريخ مصر، ومرة أخرى على لسان مذيعة ترتدي باروكة صفراء تشبه لون ابتسامتها، مثل لميس الحديدي، التي تجتهد في إخفاء ملايين الدولارات التي تتقاضاها هي وزوجها كل عام.

وبينما تتضخم ثروات المطبلين للانقلاب وتتورم أرصدتهم البنكية، يخرج السفيه السيسي بعد مقولة “10 سنوات بثلاجة فارغة إلا من المياه”، بمقولة جديدة عن استعداده لتناول وجبة واحدة فقط في اليوم لبقية عمره، اعتبرها مراقبون ممعنة في إذلال الشعب بحديثه الدائم عن مفيش حاجة ببلاش، تمهيدا لمزيد من قرارات التقشف ورفع الأسعار وتجويع الشعب، مؤكدين أنه إشارة لأذرعه الإعلامية بالحديث عن الاكتفاء بوجبة واحدة كي تحيا مصر.

وفي عام 2016، قال السفيه السيسي خلال لقاء مع مجموعة من الشباب الأمنجي، في ندوة بعنوان “أزمة سعر الصرف”، على هامش المؤتمر الوطني الأول للشباب الأمنجي بشرم الشيخ: “أنا واحد منكم.. والله العظيم قعدت 10 سنين تلاجتي كان فيها ماء ولم يسمع أحد صوتي”.

التمهيد للانقلاب

وبدأ اهتمام السفيه السيسي ببناء ذراع إعلامية للانقلاب حين كان وزيرا للدفاع، حيث أطلقت حينها حملة إعلامية مركزة ضد الرئيس محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب للبلاد، مهدت الطريق أمام الانقلاب عليه بعد سنة من استلام مهامه رئيسا لمصر.

وساير الإعلام حركة الانقلاب بالترويج وحشد الدعم للمظاهرات التي أطلق عليها “ثورة 30 يونيو”، ولم يكتف الإعلام بمواكبة خطوات السفيه السيسي بالدعم، وإنما عمل على التحريض على قتل المعتصمين في ميدان رابعة العدوية المطالبين بعودة الرئيس مرسي، وساند قوات الأمن وهي تقتحم الميدان بالدبابات وتطلق الرصاص على المتظاهرين.

وساعد الإعلام السفيه السيسي في تسويق عبارات من نوعية (مفيش، مش قادر أديك، هتاكلوا مصر يعني، اتبرع ولو بجنية)، في مختلف الفضائيات، والتي تمادت في سخفها بتحميل المصريين مسئولية ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والمعيشية خلال الفترة الأخيرة، مطالبين إياهم بضرورة التحمل سنوات أخري، لدرجة ترديد بعضهم عبارات أن الشعب أغني من الحكومة.

ورغم عدم وجود تقديرات دقيقة بشأن أجور مقدمي هذه البرامج، فإن تقارير صحفية أشارت إلى أن بعضهم يتقاضى رواتب تتجاوز عشرات آلاف الدولارات، مع نسبة من الإعلانات التي يجلبها برنامجه للمحطة، إلا أنه وبالعودة للمعلن عما يتقاضاه هؤلاء الإعلاميين من رواتب، سنتعرف علي أسباب تحدثهم بهذه اللغة التي تجافي واقع الشعب المصري المطحون والذي يقبع غالبيته تحت خط الفقر ولا يستطيع توفير قوت يومه.

أجور بالملايين

وبحسب الأرقام التي كشفتها الإقرارات الضريبية لبعض الإعلاميين في مايو 2015، فقد كانت عائدات أبرز الإعلاميين كالتالي: عمرو أديب 33 مليون جنيه، إبراهيم عيسى 16 مليونًا، وائل الإبراشي 15 مليونًا، خيري رمضان 14 مليونًا، يوسف الحسيني 14 مليونًا، لميس الحديدي 13 مليونا، أحمد موسى 11 مليون جنيه، بالإضافة الي أذرع إعلامية أخرى، تتقاضي أيضًا رواتب بالملايين، مثل خالد صلاح، ومحمد الغيطي، وعبد الرحيم علي، ومصطفى بكري، أماني الخياط.

وتقوم المخابرات الحربية بإدارة المشهد الإعلامي في مصر، أثبتت ذلك تسريبات لاتصالات بين ضباط كاشفة عن تدخل الأجهزة الأمنية في محتوى ما تبثه وسائل الإعلام، وتسييرها، فقد كشفت التسريبات التي بثتها قناة “مكملين” المعارضة تدخل ضباط الأمن فيما يقدمه بعض نجوم برامج “التوك شو” المؤيدين للانقلاب.

ويظهر في أحد التسجيلات صوت النقيب في المخابرات الحربية “أشرف” وهو يوجه مقدم البرامج في قناة “العاصمة” سعيد حساسين إلى الطريقة التي يجب أن يتحدث بها عن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بشأن نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس، ويشرح له ضرورة التعبير عن “قبول القرار”.

دائرة المخابرات

كما أظهرت تسجيلات أخرى اتصالا بين ضابطين في المخابرات الحربية هما النقيب “أشرف” والمقدم “إمام”، دافع فيه أشرف عن المذيع بقناة “العاصمة” عزمي مجاهد في مواجهة الضغوط التي يتعرض لها من إدارة القناة، وفي نفس التسجيل يتحدث الضابطان بشكل صريح عن وضع خريطة دقيقة لما يقدم في الشاشات، وعدم القبول بأي نوع من الأخطاء.

ويتعرض المشاهد المصري يوميا لأكثر من 16 ساعة غسيل دماغ من برامج “التوك شو”، وهو ما يعادل 480 ساعة بث شهريا، تغطي وقت الذروة من الساعة السادسة مساء إلى الواحدة ليلا، ويخصص مقدمو هذه البرامج أغلب ساعات ظهورهم للحديث عن فوائد الانقلاب، وتفسير كل الأحداث لصالح السفيه السيسي، كما يتبارون في تكرار الجمل التي ترد على لسانه في أي خطاب.

وتسعى عصابة السفيه السيسي إلى بسط سيطرتها على الرسائل الموجهة إلى المواطن المصري عبر الإعلام، ومن خلال هذه السيطرة يمكنها الاستماع إلى صوت واحد على المصريين، دون أن يضمن بالضرورة رسوخ قناعة الجمهور بتلك الرسائل.