أيهما أخطر.. التطبيع مع العدو أم شراء غاز مسروق من فلسطين؟

- ‎فيتقارير

أثار الاختراق الصهيوني الأخير للاقتصاد المصري جدلاً بشأن جدوى استيراد الغاز المسروق من فلسطين، في الوقت الذي بدأت فيه مصر الإنتاج بالفعل من حقلها البحري "ظُهر" في 2015، الذي يحوي احتياطيات تقدَّر بثلاثين تريليون قدم مكعبة من الغاز، ويُعدّ أكبر حقل غاز في البحر المتوسط، وأحد أكبر اكتشافات الغاز العالمية في السنوات الأخيرة.

وكان العسكر أيام المخلوع مبارك يبيعون الغاز لـ"إسرائيل" من قبل، لكن الاتفاق انهار في 2012؛ بعد ثورة 25 يناير 2011 وبعد هجمات متكرّرة شنّها مسلحون على خط الأنابيب في شبه جزيرة سيناء المصرية.

برلمان أم بورصة؟

ومهّد برلمان الدم للصفقة الأضخم مع كيان العدو الصهيوني؛ بموافقته النهائية في 5 يوليو 2017، على مشروع قانون مقدّم من حكومة جنرال إسرائيل السفيه السيسي، يسمح لشركات القطاع الخاص باستيراد الغاز الطبيعي وتسويقه وبيعه في السوق المحلي.

ولا شك أن عملية التطبيع وإقامة علاقات مع الكيان الصهيوني تلحق ضررا كبيرا بالشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، لكن أيهما أكثر خطورة: التطبيع مع الكيان وإقامة علاقات معه، أم استيراد الغاز الفلسطيني من الصهاينة ودعم الخزانة الصهيونية بمليارات الدولارات؟

مصر والأردن يستوردان الغاز الذي يستخرجه الصهاينة من المياه الإقليمية والاقتصادية الفلسطينية، الأردن سيستورد ما قيمته عشرة مليارات دولار على مدى عشر سنوات، ومصر ستستورد ما قيمته 15مليارا.

هذا الغاز مستخرج من المياه الإقليمية والاقتصادية الفلسطينية قبالة حيفا، أيضا من قبالة غزة، والشعب الفلسطيني لا يحصل على أي جزء من هذا الغاز، على الرغم من أن غاز غزة هو غاز تحت الاحتلال وفق المعايير الدولية، واستثمار هذا الغاز من قبل الدولة التي تحتل وبيعه يتناقض مع القوانين الدولية.

لكن العرب والمسلمين عمومًا على وعي تام بأن القانون لا قيمة له أمام القوة، وبالتالي يعتدي الصهاينة على الفلسطينيين باستمرار، وكل نداءات الاستغاثة، والتشبث بالقوانين الدولية لا تجدي نفعا بتاتا.

كارثة على المصريين

وتتمثّل أخطر النتائج الاقتصادية للاتفاقية الأخيرة في رفع نسب التبادل التجاري بين عسكر الانقلاب في مصر و"إسرائيل"، وتخفيف عجز الميزان التجاري الإسرائيلي، وترفع العجز في مصر، كما توفّر الاتفاقية حصيلة مالية قدرها 15 مليار دولار، توجه كما أعلن نتنياهو إلى برامج التعليم والصحة، بينما ستمثّل التكلفة المالية للصفقة ضغطاً على حصيلة مصر من النقد الأجنبي.

واتضحّت أولى النتائج الاقتصادية للاتفاقية فور إعلانها؛ حين ارتفعت أسهم شركة الغاز الإسرائيلي "تمار" بنسبة 19%، وعلى المدى البعيد حمت الاتفاقية "إسرائيل" من احتمالات انخفاض سعر الغاز مستقبلاً، في ظل تعدّد الاكتشافات في منطقة البحر المتوسط.

وقال كبير الخبراء الاقتصاديين في سلطة الغاز الإسرائيلية، ميكي كورنر، في تصريحات سابقة، إن الصفقة ستزيد من حجم إيرادات "إسرائيل" بشكل جدّي، مشيرا إلى أن وزارة المالية في "تل أبيب" ستحصل على نحو 60% من قيمة صفقة الغاز مع مصر كضرائب تُفرض على الشركات المنتجة.

ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، في فبراير العام الماضي، عن كورنر قوله إن "إسرائيل" ستحصل على 12.5% من الصفقة كضريبة ملكية، و23% من قيمتها كقيمة أرباح، و24% كضريبة دخل، وشدّد على أن عوائد صفقة الغاز تمكّن شركتي "ديلك" و"نوبل إينيرجي" من تغطية "نفقاتهما الرأسمالية".