“الإخوان” حماة الثورة ورعاة ميدانها.. أدوار لا تنسى للجماعة خلال 25 يناير

- ‎فيتقارير

الدور السياسي والاجتماعي للإخوان المسلمين في مصر دور وطني وتاريخي ممتد، وغير مرتبط بلحظة تاريخية معينة، بقدر ما يمصل من مسار متطور، ضاربًا في العمق المصري جذور من الوطنية والتعاطي الإيجابي والعقلاني.

فظل الإخوان المسلمون طيلة السنوات السابقة وخلال فترة حكم حسني مبارك ينظمون المظاهرات والوقفات الاحتجاجية ومحاربة فساد نظام مبارك وحكومته وجهازه الأمني الذي تشكل خصيصًا من أجل القضاء على جماعة الإخوان المسلمين، ولم يمنع جماعة الإخوان هذه التهديدات من القيام بواجبها الدعوي والوطني، على الرغم من اعتقال أكثر من 40000 من أعضائها في ظل هذا النظام الفاسد، ومن المعروف الآن أن الإخوان قد شاركوا بل كانوا ركنًا أساسيًّا في ثورة 23 يوليو 1952 وكان لهم شهداء ومعتقلون، ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن تتصدى جماعة الإخوان للظلم والفساد إلى جانب عملها الرئيسي، وهو الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.

بل إن الحراك الذي أحدثته حركة الإخوان المسلمين في الشارع المصري على المستوى الدعوي والسياسي ومحاربة الفساد ظهرت حركات كثيرة قام الإخوان المسلمون بمساندتها بطرق مباشرة وغير مباشرة عن طريق عقد الندوات والمؤتمرات، ومنها حركة كفاية وحركة شباب 6 أبريل والجمعية الوطنية للتغيير ومجموعة شباب “كلنا خالد سعيد”، والتحم الإخوان مع كل هذه الحركات مساندين لها عبر شبكات الانترنت ومواقع “فيس بوك” و”تويتر” وعلى المستوى الميداني بجميع المحافظات.

ولعل أبرز أدوارهم في العهد الحديث دورهم في ثورة 25 يناير، وهو ما رصده كل الوطنيين والمحايدين والمؤسسات البحثية، ومن تلك المواقف بيان 19 يناير 2011.

 

بيان 19 يناير 2011

جاء البيان بعنوان “الإخوان المسلمون والأحداث الجارية.. انتفاضة تونس ومطالب الشعب المصري”، والذي أشاد بانتفاضة الشعب التونسي ضد الظلم والقهر والفساد وسطوة الحكم وأسرة الحاكم وحاشيته الفاسدة، مطالبين بمقاومة الفساد والاستبداد في مصر، مؤكدين أن ما حدث في تونس “رسالة إلى كل الشعوب المقهورة والصابرة بأن الشعوب يمكن أن تفعل الكثير، وأنها إن تحرَّكت بدافع المصلحة العامة ضد السلطان الجائر فإن يد الله تكون معها وتعمل لصالحها”.

وطالب الإخوان الحكومة المصرية بعدة مطالب، منها: إلغاء حالة الطوارئ المفروضة على المصريين، وحل مجلس الشعب المُزوَّر بإصدار قرارٍ جمهوري من رئيس الجمهورية، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة لتكوين مجلس جديد يُعبِّر عن إرادة الأمة ويحقق آمال وطموحات المصريين وتحت إشرافٍ قضائي كامل. أيضًا إجراء تعديلات دستورية لازمة وسريعة للمواد 5، 76، 77، 88، 179 لضمان حرية الترشح وديمقراطية الاختيار في الانتخابات الرئاسية القادمة تحت الإشراف القضائي الكامل، وإلغاء التعارض الدستوري وتحقيق التوافق مع ثوابت وتاريخ وثقافة وحضارة هذا البلد العظيم، والعمل السريع والفعَّال على حلِّ مشكلات المواطنين الحرجة كبدايةٍ لمسيرة إصلاح اقتصادي حقيقي يحقق العدالة الاجتماعية بتوفير السلع الضرورية والدواء، خاصةً إصلاح منظومة التعليم والصحة مع إمكانية توفر الموازنات اللازمة, وإعادة النظر وفورًا في السياسة الخارجية المصرية، وخاصةً بالنسبة للصهاينة، وضرورة قطع العلاقات معهم، مع دعم الجهاد الفلسطيني، وعلى رأسه المقاومة الباسلة لتحرير أرض فلسطين أرض العروبة والإسلام، وإقامة الدولة الفلسطينية عليها وعاصمتها القدس، وسادسًا: الإفراج والعفو العام عن جميع المعتقلين السياسيين، وعن كل الذين صدرت بحقهم أحكام بالسجن من محاكم استثنائية غير مختصة بمحاكمة المدنيين كمحاكم أمن الدولة أو المحاكم العسكرية.

ومنذ 25 يناير، طلب شباب الإخوان من قياداته الاشتراك في المظاهرة، وتم ذلك بالفعل من قِبَل شباب الجماعة.

وأضاف د. محمد سعد الكتاتني في حوار تلفزيوني، أنّ تطور الأمر جعل أمن الدولة يحذرهم من الاشتراك في جمعة الغضب، إلا أنهم رفضوا ذلك، وكانوا مصرّين على الاشتراك مع جموع الشعب، مؤكدًا أنهم لم يكونوا قادة لها، بل كانت ثورة شعبية؛ ولذلك نجحت، فالقيادة كانت لأهداف الشعب وليس لأي حزب أو تنظيم.

ثم تلا ذلك صدور تهديد مباشر وجهته الأجهزة الأمنية إلى المرشد العام للإخوان وإلى مسئولي المكاتب الإدارية بالمحافظات، طالبوا فيه الإخوان بعدم النزول إلى الشارع في يوم 25 يناير وإلا سوف يتم فتح النار مباشرة على كل الموجدين بلا استثناء.

إلا أن د. محمد بديع رفض هذا التهديد وأعلن على موقع “إخوان أون لاين” رفضه هذا التهديد، مؤكدًا أن شباب الإخوان لهم حق النزول إلى التظاهرات متى يريدون.

وشارك شباب الإخوان المسلمين في الوقفة الخاصة لمساندة الشعب التونسي في ثورته، كما شارك عدد من قيادات الإخوان إلى جانب الفصائل الأخرى.

كما شارك شباب الإخوان في يوم 25 يناير بصفة فردية غير معلنة إعلاميًّا؛ وذلك لأسباب أمنية كان أهمها الخوف على هذه الوقفات من أن يتم ضربها وإجهاضها بحجة القضاء على الإخوان بقانون الطوارئ، وبالتالي سوف يتم ضرب الفصائل الأخرى معهم، ويتم إجهاض الوقفات؛ حيث لم تكن ثورة معلنة.

مشاركة منذ البداية

وشارك الإخوان منذ أول يوم من بداية الثورة حتى نهايتها بنجاح حتى ذوي الاحتياجات الخاصة منهم لم تتخلف عن هذه الثورة.

وكان النظام الفاسد يراهن على شباب الثورة، مؤكدًا أن وراء هذه الثورة الإخوان، متوعدًا بأنه سوف يبيد الإخوان عن آخرهم، ظانًّا منهم أن هذه الثورة ستفشل، ولقد أثبت ذلك في صفحة لموقع الحزب الوطني، محذرًا الشعب من الإخوان، وحذرهم من الالتفاف حولهم، وذلك قبل أن يتم ضرب موقع الحزب الإلكتروني مباشرة.

ولما كان لجماعة الإخوان من ثقل سياسي أجبر النظام على استدعائهم للحوار وذلك للمرة الأولى التي اعترف النظام بهم، ولكنهم أكدوا ضرورة التمسك بمطالب الثوار؛ ما أدى إلى فشل الحوار وعدم استكماله.

 

في الميدان

وتواجد الإخوان المسلمون بطريقة منظمة ومدروسة في ميدان التحرير وجميع محافظات مصر بلا استثناء جنبًا إلى جنب، مع شعب مصر الذي كان يضم جميع فصائل المعارضة من الشباب وجميع طوائف الشع المصري.

وأكد د. محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين أن الإخوان فصيل من الشعب الشعب المصري الذي أراد الطاغية المخلوع أن يمرضه ويسجنه ويعذبه ظلمًا وقهرًا وعدوانًا.

وأضاف د. بديع في اتصال مع فضائية “الجزيرة” أن الإخوان قدموا خلال 10 سنوات 30 ألف معتقل بما يعادل 150 ألف سنة سجن وإغلاق شركات ومدارس وجمعيات ومستشفيات ومستوصفات كانت تعمل لصالح الشعب.

 

شهادات مهمة

براء الخطيب أحد من كانوا في التحرير يوم الأربعاء الدامي 2/2/2011، يقول: لولا دفاع شباب الإخوان عن الميدان يوم الأربعاء الدامي لذبح الجميع”.

مضيفًا: “أما عن يوم الأربعاء الدامي فقد بدأ بالنسبة لي حوالي الساعة الحادية عشرة؛ حيث كنت أساعد شابًّا اسمه إبراهيم (لا أعرف بقية اسمه) في تعليق لافتة ضخمة كتب بنفسه عليها مطالب الثوار، بعدها بمدة قصيرة سمعت هرجًا ومرجًا وصراخًا، ورأيت الأحصنة والجمال وعليها رجال يضربون المتظاهرين بالعصي والسيوف، لكن شباب الثوار استطاعوا القبض على أربعة من الخيالة وراكبي الجمال، واقتادوهم إلى السجن الذي أقامه شباب الثورة في محطة المترو، بعد ذلك مباشرة تغير شكل ميدان التحرير، فقد انخرط شباب الإخوان المسلمين في بسالة وعزم الرجال الأشداء يدافعون عن شباب الثوار، ورحنا نهتف حتى غابت الشمس وظهرت الإضاءة الخفيفة في الميدان واستطاع شباب الإخوان المسلمين الحصول على بعض ألواح الصاج من سور كان يحيط بأحد مشاريع البناء في أول شارع قصر النيل، وصنعوا منها متراسا قريبا من تمثال “عبد المنعم رياض”، فصل بين قوات البلطجية وأنصار الحزب الوطني وأفراد الأمن بالملابس المدنية الذين تم طردهم من ميدان التحرير؛ ليصعدوا فوق كوبري أكتوبر حيث بدءوا هجومهم، فيما بدا للجميع أن النظام الفاسد ينوي أن ينهي المسألة كلها في هذه الليلة، وتغير الوضع تغيرا رهيبا؛ حيث بدأ القناصة تخير بعض الشباب بإطلاق الرصاص عليهم، وسقط المصابون والشهداء واندفعت سيارات إسعاف الجيش في محاولة إسعاف المصابين بطلقات القناصة، وأنا أقول بضمير مستريح لقد كان هدف النظام الفاسد في يوم الأربعاء الدامي هو القضاء النهائي على شباب الثورة قبل أن يشرق نهار يوم الخميس، وأقول بضمير مستريح وأقسم بشرفي وبكل ما هو مقدس بأنه لولا شباب الإخوان ودفاعهم عن ميدان التحرير في هذا اليوم الدامي لتم ذبح الجميع”.

مصطفى الفقي على قناة الجزيرة قال، رغم أنه يفتخر بأنه ضد أفكار الإخوان لكنه مع مشاركة الإخوان في الحياة السياسية، ثم انتقل إلى الحديث عن تنظيم الإخوان وإشرافهم على جمعة النصر، وكذلك حماية وتأمين مداخل الميدان طوال أيام الثورة، وكذلك وضعهم للشاشات الكبيرة، وكذلك الفداء والتضحية في موقعة الجمل والتي كانت مرحلة حساسة ويومًا حاسمًا من أيام الثورة.

 

سقوط شيطنة الإخوان

أما الكاتب والسيناريست بلال فضل فقال: “الثورة أسقطت وهم شيطنة صورة الإخوان المسلمين الذين نختلف معهم وظهر الإخوان بمظهر حضاري وكان لهم دور كبير في إنجاح الثورة سيكتبه كل الذين شاركوا في هذه الثورة، وأنا منهم، ودورهم يوم الأربعاء في صد البلطجية دور رائع”.

وبجانب ذلك، شارك الإخوان المسلمون في لجان التأمين حول الميادين وفي القرى وشوارع المدن، وسعوا لتوفير متطلبات الإعاشة بميادين التحرير، وأيضًا السلع الاستهلاكية والخضراوات بالأسواق الشعبية.

وتلاحم الإخوان المسلمون مع متطلبات الثورة لحظة بلحظة على مدار السنوات التالية لثورة يناير.