بلا هدف أو مستقبل.. صحيفة “عبرية” ترصد مؤشرات تفكك المجتمع الصهيوني

- ‎فيعربي ودولي

حذرت صحيفة "هآرتس" العبرية من أن المجتمع الصهيوني يمضي نحو حالة من التفكك والضياع، وأشارت إلى أن هذا المجتمع الذي يتكون من قطاعات وقبائل ظهرت أمراضه بفعل وباء كورونا وما لم يتمكن تجاوز هذه القطاعية فإنه يمضي بسرعة نحو التفكك. وقالت الصحيفة بنبرة ملؤها الخوف «نحن اليوم نشهد حدثا تاريخيا؛ بداية نهاية المجتمع الصهيوني، وربما الكيان الصهيوني، فوباء كورونا الذي اخترق حياتنا ضبط الكيان الصهيوني وهي غير مستعدة، وفيها جهاز صحي مريض وحكومة فاشلة"، معتبرا أن "الأهم من كل ذلك، أن الوباء أظهر جميع أمراض المجتمع الصهيوني، التي تم تجاهلها لعشرات السنين".

ووفقا لهآرتس فإن وباء كورونا أظهر حقيقة مؤلمة وأثبت فعليا أن المجتمع الصهيوني، خليط من الجماعات التي لا تعمل كجسم واحد، لكن على الأغلب تعمل الواحدة ضد الأخرى، وبالتالي، فإن من المستحيل هزيمة الوباء.. ما يجري وصفة مؤكدة للفشل". ونبهت الصحيفة العبرية إلى أن ظهور المجتمع الصهيوني والدولة، "كتكتل واحد ضد عدو خارجي، والتغلب على الشروخ الداخلية، هو تكتل سطحي، ومجرد خداع".

وتضيف "هآرتس" أن المجتمع الصهيوني يتكون من مجموعات ضغط، لا يهمها سوى مصالحها، وكل ذلك كشفه لنا بصورة أشد وباء كورونا، ففي مواجهة هذا الوباء لا يوجد عدو خارجي، وليس هناك من نكرهه أو من نوجه إليه نياشين بنادقنا ولا يوجد بنك أهداف، ولا اسم لامع لعملية عسكرية، ولا مكان نرسل إليه طيارينا الممتازين، لا يوجد هناك من نتكتل ضده، فالمعركة في البيت، والشارع، والحي، وفي المدينة، وفي هذه المعركة يجب أن تظهر روح المجتمع والتكتل الإنساني، وهذا لا وجود له في الكيان الصهيوني، كل بيت وحده، كل قطاع لنفسه وكل قبيلة لمصالحها.

وبحسب الصحيفة العبرية فإن الانقسام في المجتمع الصهيوني ليس بالأمر الجديد، وهو نتيجة لسياسة موجهة، دون الانتقاص من المسئولية الضخمة للحكومة ومنتخبي الجمهور على طريقة التعامل مع المرض، ومسئوليتهم في خلق الاستقطاب والشرخ في المجتمع، وهي أكبر بأضعاف".

وترى "هآرتس" أن القيادة الصهيونية وخاصة الحالية، تتبع استراتيجية "فرق تسد"، والحكومة عرفت أنها كلما زادت الاستقطاب الداخلي، كان من الأسهل تحريض الواحد على صديقه وتحقيق مكاسب سياسية"، منوهة إلى أن "العدو اليوم غير مرئي، ومحاربته تقتضي التكتل الاجتماعي، المسئولية الشخصية تجاه المجموع، التنسيق بين الأجهزة، رؤية المصير المشترك، وبالأساس التضامن والاهتمام بالآخر، وكل ذلك غير موجود، كل قطاع لنفسه".

وأوضحت أن "الكيان الصهيوني بحاجة لخطة بسيطة فيها قاعدة موحدة للجميع، لكن لا يوجد "جميع" في إسرائيل بل يوجد "نحن" و"هم"، لذلك، فإن مصيرنا هو الفشل في مكافحة كورونا، لأن الكيان الصهيوني قطاعية لأحزاب قطاعية، وفيها القليل من الوسط والكثير من الأطراف". ولفتت إلى أن "الكيان الصهيوني تشهد حدثا تاريخيا، تفكك المجتمع الصهيوني، في حال لم نوقف هذا الآن، فالوقت سيكون متأخرا جدا، والكيان الصهيوني ستتفكك"، مضيفة أنه "إذا لم نقم بصياغة قواعد ثقافية أساسية للمجتمع فسننهار، وإذا لم نحدد مرة أخرى مفهوم "صهيوني" فلن يكون لنا هدف أو مستقبل".

احتجاجات متواصلة
وتشهد شوارع الاحتلال الصهيوني  منذ منتصف إبريل 2020م موجة من الاحتجاجات المُستمرة تُنظّم بشكل شِبه أسبوعي من جانب حركتي “الرايات السود” و“العقد الجديد” وغيرهما، وهي موجة غير مسبوقة منذُ بدء تفشّي فيروس كورونا في (الكيان الصهيوني)، والتي تطالب بعزل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ومحاكمته بتهم الفساد التي تلاحقه.

وبحسب مراقبين، يبرهن هذا الاحتجاج المتواصل على شيئين: الأول هو تراجع منسوب الثقة داخل "المجتمع الصهيوني" في مؤسسة القضاء واليقين بعدم قدرتها على ملاحقة نتنياهو وإجراء محاكمة عادلة تفضي إلى عزله من منصبه استنادا إلى الاتهامات التي وجهت إليه والتي تؤكدها كثير من الأدلة والشواهد والشهود. والثاني، هو ضعف المعارضة السياسية ضد نتنياهو؛ وإن كان ذلك لا يمنع من دعم نواب في الكنسيت لمطالب المحتجين. يبرهن على ذلك أنه لا يوجد بديل سياسي لنتنياهو حتى اليوم، ورغم أن المطالبة باستقالة نتنياهو هي مطلب محوري للحراك، لكن من البديل؟ فالجنرال "يني غانتس" زعيم  حزب "أزرق ــ أبيض" الذي كان ينظر إليه باعتباره بديلا أكثر استقامة انضم إلى حكومة نتنياهو رغم اتهامات الفساد التي تلاحقه وبالتالي فقد أحرق "غانتس" نفسه بهذه الخطوة وتراجع الرهان عليه كثيرا بعد تفكيك تحالفه. وبات كثير من الصهيونيين يفهمون الآن أن المشكلة ليست "نتنياهو" نفسه، بل شيء أعمق وأكثر تعفنا.  وبناء عليه فإن تواصل هذا الحراك ونجاحه يعني تحولات جذرية في (الكيان الصهيوني)، وزعزعة المفاهيم السياسية السائدة حاليا والتي تهيمن  على مؤسسات الحكم بها.

في ظل هذا التفكك الداخلي للكيان الصهيوني، يأتي التطبيع الإماراتي والبحريني والسوداني وربما السعودي لمثل طوق نجاه ليس لنتنياهو فقط بل للمجمع الصهيوني كله. الأمر الذي يعكس حجم الخيانة والغدر من جانب النظم العربية المستبدة لفلسطين وشعبها ومقدساتها.