دعاة: بيان “علماء بن سلمان” ضد الإخوان جاء متناغما مع الحرب على الإسلام

- ‎فيسوشيال

رحبت وزارة الخارجية في حكومة الاحتلال الصهيوني ببيان لهيئة كبار علماء بن سلمان يصف جماعة الإخوان المسلمين بالإرهابية.
وأعاد حساب "إسرائيل بالعربية" التابع للخارجية الصهيونية على تويتر نشر تغريدة هيئة كبار علماء بن سلمان معلقا، يسعدنا نحن في إسرائيل أن نرى هذا المنهج المناهض لاستغلال الدين للتحريض والفتنة ولا شك في أن جميع الديانات السماوية جاءت لزرع المحبة والألفة بين الناس.

وأضاف الحساب الصهيوني قائلا: "نحن بأمس الحاجة إلى خطاب يدعو للتسامح والتعاون المتبادل للنهوض بالمنطقة برمتها، واختتم بتحية حساب الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء السعودية قائلا: "حياكم الله".

وكان حساب الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء السعودية المشار إليه في التغريدة الصهيونية قد أعاد نشر بيان كبار علماء بن سلمان، معقّبا: "جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفرقة وإثارة الفتنة والعنف والإرهاب".

وقد دعت 18 هيئة ورابطة من علماء المسلمين كبار علماء "بن سلمان" إلى مراجعة موقفها من جماعة الإخوان مع تأكيد ضرورة الحرص على وحدة الأمة والابتعاد عن تسييس خطاب العلماء، وأشاروا في بيان مشترك إلى أن الإخوان المسلمين جماعة دعوية انتسب إليها عدد كبير من العلماء والدعاة والمجاهدين الذين بذلوا في الدفاع عن عقيدة الإسلام وشريعته وهي مثل غيرها من الجماعات تجتهد فتصيب وتخطئ فيقبل صوابها ويرد خطئها".

وذكر البيان أن بلاد المسلمين تمر بحالة من الضعف والتفرق نتيجة الابتعاد عن تحكيم الكتاب والسنة واستنكر توسيع مفهوم جماعة الإخوان ومفهوم الإرهاب معا ليشمل كل ذي رأي ونصح وأمر بمعروف ونهي عن المنكر مما ليس على هوى الأنظمة والاعتقالات التي طالت العلماء والدعاة من جماعة الإخوان المسلمين ومن غيرها في عدة دول شاهد على هذا التعدي الدولي والتواصي العالمي بأهل السنة".
ووقّع على البيان كل من رابطة علماء المسلمين والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورابطة علماء أهل السنة والاتحاد السوداني للعلماء والأئمة والدعاة وهيئة علماء السودان وهيئة علماء ليبيا مجلس البحوث والدراسات الشرعية ودار الإفتاء بليبيا ومركز تكوين العلماء بموريتانيا مجلس الشورى الوطني في سيريلانكا ورابطة علماء المغرب العربي وهيئة علماء فلسطين بالخارج ومنظمة النصرة العالمية ورابطة علماء فلسطين بغزة ورابطة إرشاد المجتمع في الصومال ومنظمة النهضة الشبابية التشادية ورابطة أئمة فرنسا وملتقى علماء فلسطين وهيئة علماء المسلمين في لبنان.

تكفير للمسلمين وطعن في السنة

وكان المفتي العام للمملكة العربية السعودية قد زعم بأن جماعة الإخوان المسلمين لا تمت للإسلام بصلة وهي ضالة تستبيح الدماء وتنتهك الأعراض وتنهب الأموال.

ولم يتوقف الهجوم على الإخوان المسلمين فحسب بل امتد إلى الطعن في السنة النبوية الشريفة حيث نشر الكاتب السعودي تركي الحمد تغريدة قال فيها قبل أن ننتقد الصور المسيئة لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم علينا ان ننتقد تراثنا الذي وفر المادة الحية لهذه الرسوم وأولها صحيح البخاري، فمن خلال مقارنة هذا الكتاب بالقرآن الكريم أجد أنه يتناقض معه تماما.

وعلّق الداعية السعودي عادل الكلباني على تغريدة الحمد مستنكرا: "يتناقض معه تماما؟ هل هي دعوة لدين جديد"؟
وقال الشيخ محمد الحسن الددو، عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، رئيس مركز تكوين العلماء في موريتانيا، إن هيئة كبار العلماء في السعودية عُرف عنها منذ القدم الاعتدال وعدم التكفير وعدم التسرع إلى ما يؤدي إلى الفرقة والنزاع والخلاف بين المسلمين، ولما صدر هذا البيان استغربه كل عارف بالهيئة وتاريخها الطويل وبالأخص أنه ليس ممهورا بختم أحد ولا موقعا من أعضاء الهيئة، فلذلك كان محل شبهة، ولكن المؤسف أن وزارة الشئون الإسلامية تبنته ودعت أئمة المساجد والخطباء جميعا بما فيها الحرمين الشريفين الحديث عن هذا الموضوع فكان لزاما أن يبين الحق في هذه المسألة وأن المسلمين اليوم أحوج إلى ما يجمع كلمتهم وليس ما يفرقهم، وهم أحوج إلى ما يدعوهم إلى التماسك والتآخي بينهم وليس ما يفرقهم.

واستنكر الددو تصريح المفتي العام للمملكة بأن جماعة الإخوان المسلمين لا تمت للإسلام بصلة، قائلا: "لو أن المفتي قال هذا الكلام في جماعة الحوثي مثلا لكان محل نقاش يتفهمه بعض الناس ويمكن أن يرده بعضهم، وما أعلمه أن جماعة الإخوان المسلمين ما أطلقت صاروخا واحدا على السعودية ولا أضرت بمصلحتها ولا أطلقت صاروخا على أحد من خلق الله قط ولم تضر بمصالح أي دولة عدا الكيان الصهيوني".

بيان مستغرب

وأوضح الددو أن البيان مستغرب في وقته وهو لاشك موقف سياسي وقد يكون أُملي على المشايخ، وفرح الصهاينة به، وهذا الترحيب دليل أن البيان ليس موافقا للإسلام ولا لشريعته ولا هديه وليس في مصلحة المسلمين، فمصلحة المسلمين فيما يؤلف بين قلوبهم ويجمعهم على الحق.

وأشار الددو إلى أن ما ورد في بيان كبار علماء بن سلمان بخصوص أن كل ما يؤثر على وحدة الصف حول ولاة أمور المسلمين من بث شبه وأفكار أو تأسيس جماعات ذات بيعة وتنظيم أو غير ذلك فهو محرم بدلالة الكتاب والسنة، يعد موقفا سياسيا ولا يعد موقفا شرعيا ولا يستند إلى أي دليل، وما ذكر في الكتاب والسنة النهي عن التفرقة وعن اتهام المسلمين وظن السوء بهم وفق قول الله تعالى "يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعد الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب حدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه".

ولفت إلى أن البيان تضمن اتهاما لجماعة ينتمي إليها آلاف العلماء والدعاة والمجاهدين الذي استشهدوا وبذلوا أرواحهم بالدفاع عن عقيدة الإسلام وشريعته في مشارق الأرض ومغاربها في التاريخ، وهو اتهام للأموات ومن ولاة الأمور مثلا الدكتور محمد مرسي فهل ينطبق هذا الكلام على موقف الهيئة منه؟، موضحا أن هذا التناقض في البيان دليل أنه ليس ممثلا لشرع الله ولا معتمدا على فقه الهيئة ورصيدها من الفتاوى في فتاوي الشيخ بن باز والشيخ محمد بن إبراهيم، وكلهم تعاملوا مع الإخوان المسلمين وأحبوهم وأكرموهم ووظفوهم في المملكة.

وحول دلالة توقيت الهجمة الدينية المسيسة على الإخوان وخطورتها أكد الددو أن هذا البيان يترتب عليه أمران نزع المصداقية عن الهيئة وأنها تحت الطلب، وأن فتاواها ليست مؤصلة وتخالف الكتاب والسنة وهدي السلف، والأمر الثاني التفرقة بين المسلمين وأن تكون الهيئة مستعملة لهذا الأمر.

واستنكر الددو تصريحات الكاتب السعودي ترك الحمد بحق صحيح البخاري، مؤكدا أنه لا يعرف شيئا اسمه صحيح البخاري وكل ما يعرفه عنه سمعه من الإعلام، مضيفا أن صحيح البخاري ليس من تأليف البخاري كما يتوهم بعض الناس، فكتب السنة ليست من تأليف أشخاص فهي جمْع لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم ومن يشكك في كتب السنة يشكك في كلام رسول الله وليس البخاري، أما كتب الفقه والأصول تكون من تأليف أشخاص، وكان الأولى بهيئة كبار علماء بن سلمان معاقبته لأن ذلك يعد كفرا بواحا.

متناغم مع قوى خارجية

وقال الدكتور محمد مختار الشنقيطي، أستاذ الأخلاق السياسية بجامعة حمد بن خليفة، إن بيان هيئة كبار علماء بن سلمان يأتي متناغما مع حرب قوى خارجية على الإسلام في المنطقة والعالم، لأنه لا توجد مناسبة لهذا البيان ولم تحدث أي مناوشات بين الإخوان والسلطة في السعودية، ومن الطبيعي أن يفرح الصهاينة بهذا الأمر لأن السعودية تمثل قلب العالم الإسلامي وكانت تمثل الدرع الواقي لأي اختراق من الصهيونية العالمية، وهذا الدرع بدأ ترويضه في السعودية والإمارات مثل ما حدث من الدعوة إلى ما يسمى المجالس الإبراهيمية وحتى اتفاق التطبيع أسموه اتفاق إبراهيم كنوع من إسباغ الصبغة الدينية على هذه الموبقة السياسية لأنهم أدركوا أن الإسلام هو الجدار الصلب والمناعة ضد الاختراق الصهيوني للعالم العربي والإسلامي.

وأضاف الشنقيطي أن هناك علاقة وثيقة بين بيان كبار علماء بن سلمان وتشكيك ترك الحمد في صحيح البخاري، وأن الأمر كله يهدف إلى الانسلاخ من القيم والهوية الإسلامية، مضيفا أن ترك الحمد لا ينطق من تلقاء ذاته فهو من المقربين من بن سلمان ويحظى بالرعاية وقد تجاوز ذلك بالتشكيك في عقيدة الرسول الكريم.

وأوضح الشنقيطي أن الدولة السعودية نشأت على فكرة دينية وعلى أيدي إصلاحيين سواء الشيخ محمد بن عبدالوهاب أو من التف حوله من زعماء القبائل ومنهم زعماء آل سعود وغيرهم، وكانت تحمل رسالة وكانت داعية للأقليات المسلمة في إعلامها وتعليمها وجامعاتها التي كانت تستجلب مئات الطلاب من أرجاء العالم لدراسة الإسلام، مضيفا أن هذا العهد مضى وانقضى ولا بد أن نكون واقعيين في واجهة سعودية جديدة تريد الانسلاخ من كل التراث الإسلامي.