سؤال صغير لكل السيساوية… لماذا ينتحر الشباب فى عهد العسكر؟

- ‎فيتقارير
الانتحار في مصر

مع تدهور الأوضاع الاقتصادية وموجات الغلاء التى لا تتوقف وتراجع الدخول وفرص العمل وانتشار وباء كورونا المستجد فى عهد نظام الانقلاب الدموى بفيادة عبد الفتاح السيسي، تصاعدت حالات الانتحار بأعداد غير مسبوقة خاصة بين الشباب الذى أصابه اليأس والاكتئاب وهو يرى كل شيء فى مصر يباع ويسرق وينهب، والفساد يستشرى ويتوغل، ما يعنى أنه لا مستقبل للأجيال الحالية أو القادمة ولا أمل فى الحياة على أرض هذه البلاد بعزة وكرامة طالما كان العسكر يهيمنون على السلطة ويستعبدون الناس .

كانت منطقة أوسيم بمحافظة الجيزة، قد شهدات إقدام شاب على الانتحار داخل منزله، عقب اكتشاف إصابته بفيروس كورونا، كما انتحر شاب فى العقد الثالث من عمره، يوم السبت الماضى شنقًا داخل شقته بالمحلة الكبرى، وتبين من خلال المعاينة الأولية أنَّ الشاب استخدم حبل غسيل للتخلص من حياته بسبب مروره بأزمة نفسية نتيجة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السيئة، وفي نفس اليوم أثار انتحار الناشطة سارة حجازي نوعا من التعاطف معها على مواقع التواصل الاجتماعى، خاصة أنها سجنت باتهامات مفبركة، واضطرت إلى السفر خارج البلاد إلى كندا وانتحرت هناك.

يشار إلى أن منظمة الصحة العالمية كانت قد كشفت أن مصر تفوقت على الدول العربية التي تشهد نزاعات مسلحة وحروبا أهلية، حيث شهدت 3799 حالة انتحار في عام 2016، وتجاوز عدد الرجال المنتحرين أعداد النساء المنتحرات (3095 مقابل 704).

ورصدت المؤسسة العربية لحقوق الإنسان 53 حالة انتحار، في شهر يوليو الماضي كما رصدت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات فى الفترة من يناير إلى أغسطس 2018، أكثر من 150 حالة انتحار أغلبها لشباب في الفئة العمرية بين 20 و 35 عاماً، وأكدت التنسيقية أن مصر تشهد 3000 محاولة انتحار سنويا، وأن الرجل هو صاحب العدد الأكبر في حالات الانتحار.

البطالة والغلاء

تعليقا على تزايد حالات الانتحار قال أحمد عبد الله محمود، خبير نفسي، إن الوضع الاقتصادي، وارتفاع الأسعار، وصعوبة توفير الشباب إمكانيات العمل المناسب والدخل المناسب للزواج وتكوين أسرة، وعدم قدرة الأسر على توفير احتياجاتها، كل ذلك يؤدي دورا في أسباب الانتحار، مشيرا إلى أن الأعباء المالية والديون تسبب الاكتئاب والانتحار.

وأكد عبد الله، فى تصريحات صحفية، أن إقدام الشباب على الانتحار بطرق مختلفة شنقا أو أسفل عجلات المترو أو الإلقاء بنفسه من مكان مرتفع أو فى النيل وغيره مؤشر على تفاقم مشكلات الشباب وعدم القدرة على مواجهة الواقع القاسي الحالي والبطالة والغلاء والأزمات الأسرية الناتجة عنها.

الاكتئاب

وأكد الدكتور جمال فيرويز استشاري الطب النفسي أنّ اتجاه البعض للانتحار في أماكن عامة تتسلط عليها الأضواء (كبرج القاهرة، أو خطوط المترو، أو بعض الجسور النهرية)، يعد بمثابة رسالة يريد المنتحر أن يوجهها لشخص ما، أو لجهة ما، أو لاستعراض إعلامي ينشده .

وقال فرويز فى تصريحات صحفية ان اختيار المكان في بعض الأحيان يكون بسبب ارتباط المنتحر بذكريات معينة، وقد تكون هذه الذكريات إيجابية أو سلبية، وقد يكون الهدف هو توجيه رسالة لشخص كانت تجمعه به ذكريات في هذا المكان، ولكن أيضا قد يكون اختيار ذلك المكان غير مقصود .

واضاف: ” لاحظنا في مقطع فيديو لأحد الأشخاص الذين أقدموا على الانتحار ان هذا الشاب كان متردداً، وأرجح أنه لم يكن يخطط للانتحار، فقد تقدّم ثم تراجع ثم اتخذ قراره بالانتحار، فقد وجدها فرصة للتخلص من حياته، وطالب فرويز بعد اعطاء الشخص المصاب بالاكتئاب أي فرصة للتخلص من حياته، ويجب أن نكون قريبين منه بما يكفي لمنع أي محاولة للانتحار .

وأوضح إن الاكتئاب مرض عضوي مثل أي مرض عضوي آخر، وله متخصصون، وهناك مستشفيات متخصصة، يجب أن تخضع المريض لجلستي كهرباء، ثم يتم الاتصال بالمجلس القومي للصحة النفسية، وإبلاغه بحالة هذا المريض، ويجب أن يصاحبه ممرض كظله حتى لا ينتحر.

العامل الاقتصادي

وقال مصطفى عبد السلام خبير اقتصادى إن هناك تفسيرات متعددة حول أسباب زيادة معدل الانتحار بين الشباب مشيرا الى إن هناك من يُرجع الانتحار إلى عوامل نفسية بحتة مثل إصابة الشباب بأمراض الاكتئاب العقلي والنفسي، ضعف النفس، المرض، غياب الثقافة، الإدمان، وهي عوامل تصيب الشاب بحالة من اليأس تجعله يفقد الأمل في الغد.

وأضاف عبد السلام فى تصريحات صحفية : هناك من يتحدث عن انتشار أمراض أخرى بين الشباب مثل الفصام، الهلاوس، والتي قد تدفعهم إلى الانتحار تحت وطأة ضغوط الحياة والأحوال المعيشية الصعبة. وهناك من يُرجع تنامي حالات الانتحار إلى عوامل اجتماعية مثل تأخر الزواج والانفصال الأسرى والعشوائيات والعزلة.

وأكد أن هذه التفسيرات لا تعالج الأسباب الحقيقية لانتحار الشباب في مصر، فهناك تجاهل لأبرز سببين وهما الظروف السياسية والاقتصادية التي يمر بها المجتمع، فالفضاء السياسي وحرية الرأي والتعبير باتت مغلقة أمام الشباب، وشبح الاعتقال حاضراً في حال تبني وجهة نظر مخالفة للسلطة الحاكمة، خاصة في قضايا الحريات وأزمة الاقتصاد، وأصبح تغييب آلاف الشباب في السجون حاضراً في المشهد والأحلام البراقة التي حلم بها الشباب في 2011 ما لبثت أن انهارت على يد الثورة المضادة والاستبداد.

وأوضح عبد السلام أن العامل الاقتصادي يلعب الدور الأكبر في انتحار الشباب، فلا توجد فرص عمل، في ظل قرار بوقف التعيينات في الجهاز الإداري للدولة. حتى الرهان على القطاع الخاص بات مخيباً لآمال الشباب، فهذا القطاع يعاني بشدة في ظل منافسة قوية من جهات سيادية، وزيادة كلفة الإنتاج من كهرباء ووقود ومياه وتأمينات.

وأشار الى انه عندما يسمع شاب أن الحكومة تحصل على قروض مدتها 40 سنة فإنه يصاب بالاكتئاب، فهو وأولاده وربما أحفاده مطالبون بسداد تلك الديون من جيوبهم وعلى حساب مخصصات الصحة والتعليم والخدمات.

وتابع عبد السلام إن الوعود الحكومية بإصلاح الأحوال المعيشية للمواطن تذهب أدراج الرياح. والكلام عن حدوث طفرة في معدل النمو ومؤشرات الاقتصاد يكذبها واقع مرير يشهد تنامياً للبطالة والفقر وانهيار الطبقة الوسطى وقفزات في الأسعار.

ولفت الى انه عندما يرى شاب أن حكومته تهتم بإقامة السجون الجديدة أكثر من تشييد المصانع فإنه يصاب بالإحباط. حتى حلم الهجرة والبحث عن فرصة عمل في الخليج أو العراق أو الأردن أو ليبيا والسودان ذهب أدراج الرياح.

وأكد عبد السلام أنه عندما يرى شاب انتشاراًلحالات الفساد فإنه يفقد الأمل في الغد، ويتكرر المشهد عندما يرى قصورا واستراحات رئاسية جديدة يتم إقامتها بمليارات الجنيهات وتمول من موازنة الدولة، بينما لا يستطيع الشاب الحصول على مسكن آدمي ورعاية صحية مقبولة.

جريمة نكراء

وأكد الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الفقه بكلية الدراسات الاسلامية والعربية جامعة الأزهر أن الانتحار جريمة نكراء لها بواعث متداخلة متشابكة معقدة، وهناك أسباب نفسية واجتماعية لتلك الواقعة، موضحا انه من الناحية الدينية يعنى الانتحار ضعف الجوانب الدينية لدى هؤلاء الشباب، ويجب معالجة تلك الجوانب الضعيفة من خلال نشر الوعظ الديني وإعلاء ثقافة تحمل البلاء والصبر والرضا بقضاء الله وقدره.

وقال كريمة فى تصريحات صحفية: يجب إلقاء الضوء في الإعلام والندوات الدينية على حياة الأنبياء فهي مليئة بالبلاء والتحمل والصبر والرضا فنحن بحاجة لوعي ديني لمواجهة ظاهر الانتحار ويتم ذلك باستنفار وطني على أعلى مستوى، وعقد لقاءات مع الشباب بالجامعات ومراكز الشباب وقصور الثقافة وداخل الأندية الرياضية.

وأضاف: نحتاج لوعي ديني واجتماعي ونفسي حقيقي داخل المدارس والمعاهد والجامعات والمراكز الثقافية والإسلامية، واقترح على وزارتي التعليم والتعليم العالي استحداث وظيفة “مشرف ثقافي” وتلك وظيفة موجودة في كل دول العالم تكون مسئوليته رصد مشاكل الشباب والظواهر السلبية الموجودة بينهم وتنظيم لقاءات تثقيفية تخصصية لمواجهتها وطرح الحلول .

وأكد انه رغم إن الانتحار جريمة منكرة وكبيرة من الكبائر، الا ان إن فاعله ليس بكافر أو خارج عن الملة، وذلك بإجماع الأئمة الأربعة، وبالتالي يغسل ويكفن وتصلي عليه صلاة الجنازة ويدفن في مقابر المسلمين .