سد النهضة.. المفاوضات فشلت والسيسي “يا مولاي كما خلقتني”

- ‎فيتقارير

أثار اعتراف نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبد الفتاح السيسي بفشل مفاوضات سد النهضة مع الجانب الإثيوبي، تساؤلات فى الشارع المصري حول الخطوة القادمة: هل سيوجه السيسي ضربة عسكرية للسد أم يعترف بالأمر الواقع وأن القضية أكبر منه بكثير، وبالتالي يتنازل عن حقوق مصر التاريخية فى مياه النيل وتتعرض مصر للعطش والمجاعة وبوار أراضيها الزراعية؟ أم هل سيحمّل السيسي المسألة برمتها على شماعة الإخوان كما هو المعتاد؟

الخبراء أكدوا أن مصر أمام منعطف تاريخي إما أن تكون أو لا تكون، معربين عن أسفهم لأن السيسي يسير بالبلاد فى طريق الهاوية والسقوط المدوي على كافة الأصعدة الخارجية والداخلية.

وقالوا إن السيسي تسبب لمصر في كوارث غير مسبوقة منذ انقلابه الدموي على أول رئيس مدنى منتخب فى التاريخ المصرى الشهيد محمد مرسى فى 3 يوليو 2013.

وطالب الخبراء الشعب المصري بضرورة التحرك للضغط على هذا النظام الفاشل، إما أن يواجه الأزمات التى تتعرض لها البلاد ويتخلى عن التآمر والخيانة على حساب المصريين، وإما عليه الرحيل ليقرر الشعب مصيره ويستعيد التجربة الديمقراطية التي انقض عليها العسكر وفلول الثورة المضادة.

كان محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري بحكومة الانقلاب، قد اعترف بأن مفاوضات سد النهضة التى أجريت على مدار الفترة الماضية لم تحقق تقدما يذكر، بسبب المواقف الإثيوبية المتعنتة على الجانبين الفني والقانوني، مشيرا إلى أن إثيوبيا رفضت خلال مناقشة الجوانب القانونية أن تقوم الدول الثلاث بإبرام اتفاقية ملزمة وفق القانون الدولي، وتمسكت بالتوصل إلى مجرد قواعد إرشادية يمكن لإثيوبيا تعديلها بشكل منفرد.

وقال عبد العاطى، فى تصريحات صحفية: إن إثيوبيا سعت إلى الحصول على حق مُطلق فى إقامة مشروعات في أعالي النيل الأزرق، فضلا عن رفضها الموافقة على أن يتضمن اتفاق سد النهضة آلية قانونية مُلزمة لفض النزاعات، كما اعترضت على تضمين الاتفاق إجراءات ذات فعالية لمجابهة الجفاف.

وزعم أنه رغم طول أمد المفاوضات على مدار ما يقرب من عقد كامل، إلا أن نظام العسكر انخرط في جولة المفاوضات الأخيرة التي دعا إليها السودان بحسن نية؛ سعيا منه لاستنفاد واستكشاف كافة السبل المتاحة للتوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن حول سد النهضة، وفق تعبيره.

وكشف عبد العاطى عن أن إثيوبيا اعترضت في ختام اجتماعات وزراء الري على اقتراح بأن تتم إحالة الأمر إلى رؤساء وزراء الدول الثلاث كفرصة أخيرة للنظر في أسباب تعثر المفاوضات والبحث عن حلول للقضايا محل الخلاف، مما أدى إلى إنهاء المفاوضات.

عمل مسلح

فى المقابل قالت صحيفة لاكروا الفرنسية، إن أزمة سد النهضة “ربما تكون طريقة مناسبة لعبد الفتاح السيسي غير المحبوب لتوحيد الأمة ضد عدو مشترك.

واستبعد مارك لافيرن، مدير الأبحاث في المعهد القومي الفرنسي للبحث العلمي، أن يغامر نظام الانقلاب بالقيام بعمل مسلح رغم التوترات مع إثيوبيا بسبب السد، مؤكدا أن الجميع سينقلب ضد السيسي فى هذه الحالة.

واعتبر الخبير الفرنسي أن التوترات المتعلقة بالسد مفرطة في التضخيم، لأنها في الواقع سباق من أجل المكانة الإقليمية، إذ لم تعد مصر فى عهد العسكر دولة زراعية وريفية، ولم تعد حاجتها إلى المياه كبيرة.

وأشار إلى أن محاولات مصر والسودان وإثيوبيا للتوصل إلى حل وسط بشأن سرعة ملء خزان سد النهضة فشلت على مدار عشر سنوات بسبب مخاوف نقص المياه في مصر، مؤكدا أنه منذ عام 2011 أصبح هذا السد الكهرمائي الذي يبلغ طوله 1.8 كم وارتفاعه 145م، مصدرا للتوتر بين الدول الثلاث، حيث تسعى أديس أبابا لتطوير وتوفير الكهرباء لـ50 مليون إثيوبي، وذلك ببناء هذا السد عند المنبع على النيل الأزرق الذي يلتقي مع النيل الأبيض في السودان لتشكيل نهر النيل.

وأضاف أن الشعب المصرى يخشى من أن يؤدي ملء حوض السد الذي يسع 74 مليار متر مكعب، إلى حرمانه من جزء من المياه التي تصل إليه سنويا، خاصة أنه يعتمد على النهر بنسبة 90% للتزود بالمياه.

وأشار لافيرن إلى أن الولايات المتحدة والبنك الدولي يضغطان منذ نوفمبر 2019، لكسر الجمود في المفاوضات دون نجاح، خاصة بعد أن رفضت إثيوبيا التوقيع على اتفاق في أوائل مارس الماضى حول تشغيل السد.

تنازلات السيسي

واتهم محمود وهبة، خبير اقتصادي، السيسي بالمسئولية عن التعنت الإثيوبي وتهديد المصريين بالعطش بعد توقيعه على اتفاقية 2015، التي عرفت بإعلان المبادئ، موضحًا أنه بهذا التوقيع أبطل اتفاقية مودعة بالأمم المتحدة عام 1993، بين مصر وإثيوبيا تمنع بناء السدود.

وتساءل وهبة، في تدوينة على حسابه بموقع فيسبوك، لماذا يتنازل السيسي عن اتفاقية دولية مودعة بهيئة الأمم المتحدة تحفظ مياه مصر وسيادتها ويوقع بدلها اتفاقية الخرطوم عام 2015، ويعطي لإثيوبيا الحق في بناء سد بلا شروط أو مواصفات ويلغي بذلك اتفاقية دولية لعام 1993؟!.

وأكد أنه لو انسحب السيسي من اتفاقية الخرطوم، فإن اتفاقية 1993 وحدها تضمن نجاح مصر في أي تحكيم دولي مع إثيوبيا.

مستحيل

وأكد الدكتور محمد حافظ، أستاذ هندسة السدود وهندسة السواحل، أن أي عمل عسكري مصري ضد سد النهضة الإثيوبي أصبح مستحيلا، لأنه سيهدد سلامة سدود السودان.

وقال حافظ، في تدوينة عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى “فيسبوك”: إن أحدث صور عبر الأقمار الصناعية لسد النهضة تظهر وجود أكثر من 100 مليون متر مكعب من المياه أمام السد.

وعلق على الصور قائلا: “بداية مبكرة لفيضان النيل الأزرق ونهاية الخيار العسكري المصري للأبد، لأن أي تخريب لسد النهضة سيؤدي لدمار السدود السودانية (الرصيرص، وسنار، ومروي) بعد أقل من أسبوع من تدمير سد النهضة”.

استفزاز إثيوبي

وأكد مختار الغباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن إثيوبيا تصر على موقفها بشأن ملء السد وترفض الاعتراف بحقوق مصر التاريخية في مياه النيل، مؤكدا أن إثيوبيا لا تعترف بحقوق تاريخية ولا اتفاقيات، وتصريحاتها دائما مستفزة.

وانتقد الغباشي، فى تصريحات صحفية، دخول نظام العسكر فى جولات تفاوض متتالية تهدف إثيوبيا من خلالها إلى تضييع الوقت.

وقال: أنا كمراقب لأزمة سد النهضة منذ بداية الأزمة في 2011، لا أثق في الجانب الإثيوبي، فحتى إذا وقع تحت ضغوط دولية على أي اتفاق فلن يلتزم به، ولن نستطيع تطبيق العقاب إذا خالف لأن الخزان سيكون جرى ملؤه بالفعل وأصبح أمرا واقعا، وحينها سيكون التعاطي معه صعبا تماما.

واعتبر الغباشي أن الجانب الإثيوبي مراوغ وتعلم التسويف، متخذا في ذلك مدرسة الجانب الإسرائيلي في التفاوض في القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن آبي أحمد قال إنه لا تراجع عن ملء السد وتشغيله.