قضاء الانقلاب الفاجر.. لماذا تعزل “الإدارية العليا” موظفين بالحكومة بتهمة الانتماء للإخوان؟

- ‎فيتقارير

قضت المحكمة الإدارية العليا  بعزل موظفي الإخوان من أجهزة الدولة، الحكم الذي صدر الثلاثاء، عن محكمة كان حكمها عنوانا لبطلان ما أسست عليه دائرة التأديب بالمحكمة الإدارية العليا، 28 يوليو بأن أصدرت حكماً قضائياً، بمجازاة أحد العاملين بمأمورية ضرائب إمبابة بالفصل.

دائرة تأديب الإدارية العليا -هذه المرة- أدعت النيابة أن الموظف في غضون عام 2016 – وأثناء كونه بالخدمة- شارك في مسيرات بمنطقتي ناهيا وكرداسة. وقال مراقبون إن السفيه عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب ورط القضاء -عن عمد- في انقلابه العسكري الفاشي علي التجربة الديمقراطية الوليدة، فقام بتعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسا مؤقتا للبلاد، لحين تنصيب نفسه رئيسا في يونيو 2014.

وتوالت أحكام القضاء الظالمة وبدأت بحل الأحزاب السياسية الشرعية والاعتداء علي الملكيات الخاصة للأفراد والجماعات دون النظر إلى المبادئ الدستورية التي اعتبرت المحافظة على الملكيات الخاصة للأفراد والمؤسسات من أهم وظائف الدولة.

عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان أسامة رشدي ترحم في تغريدة له على "مجلس الدولة" الذي كان حصنا للحرية وصيانة الحقوق المدنية والسياسية. وأشار في تغريدته على "تويتر" إلى التحول الذي اصاب جسد القضاء فضربه في مقتل بعد تحوله لأحد ثكنات الاستبداد والفاشية وشرعنة القمع وأكل حقوق وأموال الناس بالباطل. متوعدا أنه يوما ما سينتصف المظلوم وترد الحقوق ويفضح الطغاة.

حكم ضد أستاذ جامعي
وفي يوليو الجاري، أودعت أيضا المحكمة الإدارية العليا، حيثيات حكمها بعزل الدكتور ( م.إ.ح.و) الأستاذ المساعد المتفرغ بقسم الثروة النباتية بكلية التكنولوجيا والتنمية جامعة الزقازيق.
ومن حيثيات الحكم برأي الإدارية العليا؛ ثبوت صدور حكم جنائي بالسجن المشدد ثلاث سنوات بتهمة انضمامه لجماعة محظورة وقيامه بتنظيم المسيرات والمظاهرات المناهضة للنظام القائم، كما زعم الحكم أن الأستاذ  أمد عناصر الطلاب المنتمية للجماعة بالألعاب النارية والأموال والمهمات لتنفيذ أعمال الشغب داخل الحرم الجامعي لجامعة الزقازيق.

وأدعت أنه أضر بالوحدة الوطنية لتحقيق أهداف هذه الجماعة بتشجيع القاعدة الطلابية علي  القيام بأعمال المظاهرات والتخريب والاعتداء علي الحريات الشخصية للطلاب والأساتذة والاعتداء علي الممتلكات العامة والخاصة داخل الحرم الجامعي باستخدام العنف والإرهاب لتحقيق أهداف الجماعة الإرهابية التي ينتمى إليها بما يخالف كرامة وتقاليد الوظيفة الجامعية التي يشغلها. 

واعتبر إعلام أذرع الانقلاب أن الحكم يواجه المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين بالجامعات، مع استغلال القضاء مصطلحات عميقة في صالح انقلاب هش مثل أن "الجامعات منارات العلم ومعقل الفكر وذخيرة الوطن في بناء الشخصية المصرية".
ولكن الجديد في الحكم أنه ليس فقط "أعمال العنف والتطرف" سبيل لعزل الموظف وهي مرفوضة من الجميع، ولكن الحيثيات اضافت إليهما "التحزب" واعتبرته من موجبات عزل عضو هيئة التدريس بالجامعات.
وأدعت المحكمة أن "الأستاذ الجامعي انضم لجماعة محظورة اتخذوا من الإرهاب وسيلة لتعطيل الدستور".

مجلس الشعب 2012
وكانت "المحكمة الإدارية العليا" شريكا أساسيا في الانقلاب على ثورة يناير، بعدما أيدت في 22 سبتمبر 2012، قرارا بحل مجلس شعب الثورة 2012، والذي انتخب أعضاؤه في نهاية 2011. وأيدت الإدارية العليا في حكم تاريخي – من حيث ضعفه وتوقيته- حكما أصدرته المحكمة الدستورية العليا في 14 يونيو 2012، بحل مجلس الشعب الذي كان للإسلاميين القوة الغالبة فيه وكان حزب الحرية والعدالة التجمع الأكبر برلمانيا.

واعتبرت الإدارية العليا كأعلى محاكم القضاء الإداري في البلاد أن المجلس "زال بقوة القانون". وبذلك رفضت المحكمة الإدارية العليا طعنا تقدم به إسلاميون ضد قرار المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب.

وزعم مصدرو الحكم أنه "متى كانت الانتخابات التي أسفرت عن تكوين مجلس الشعب أجريت بناء على نصوص ثبت عدم دستوريتها، فإن مؤدى ذلك أن تكوين المجلس بكامله يكون باطلا منذ انتخابه، بما يترتب عليه زوال وجوده بقوة القانون اعتبارا من تاريخ انتخابه دون حاجة لاتخاذ أي إجراء آخر"، جدير بالذكر أن انتخابات مجلس الشعب 2011 أكثر انتخابات شارك فيها المصريون وشهدت نزاهة وحرية غير مسبوقة.

وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي كان يدير شئون البلاد في ذلك الوقت قد حل مجلس الشعب يوم 15 يونيو تأسيسا على حكم المحكمة الدستورية العليا. وبعد مرور يومين على حل مجلس الشعب أجريت جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة التي فاز فيها مرشح جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة د. محمد مرسي.
وكان مرسي أصدر قرارا بعودة مجلس الشعب في يوليو لكن المحكمة الدستورية العليا أبطلت القرار قائلة إن أحكامها ملزمة للجميع.

المحاكمات العسكرية
وتاريخيا كانت الإدارية العليا حائط الصد الأمني ضد أحكام القضاء الاداري حيث أصدرت محكمة القضاء الاداري في 2007 التي تتألف من سبعة قضاة قرارا بوقف تنفيذ قرار المخلوع حسني مبارك بإحالة عشرات من الأعضاء القياديين في جماعة الإخوان إلى محاكمة عسكرية قائلة إن الدستور المصري والقانون الدولي يوجبان محاكمة الإنسان أمام قاضيه الطبيعي.

وقالت محكمة القضاء الإداري إن سلطة رئيس الدولة في مجال إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية ليست سلطة مطلقة وإنما تخضع لرقابة القضاء، كما أنها مشكوك في دستوريتها لوجود دعوى لإبطالها منظورة أمام المحكمة الدستورية العليا منذ أكثر من عشر سنوات.
لكن دائرة فحص الطعون قالت إن حكم محكمة القضاء الإداري صدر على خلاف الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا والمحكمة الدستورية العليا، مما يرجح معه إلغاءه عند نظر موضوع الطعن (أمام المحكمة الاستئنافية وهي المحكمة الإدارية العليا).