كورونا.. مرة ثانية

- ‎فيمقالات

الحديث الآن حول قرب حلول موجة ثانية من وباء "كورونا" قد تكون أشد من الموجة الأولى التى لم ينته العالم بعدُ من إجراءاتها الاحترازية. والحديث أيضًا حول استعدادات وتجهيزات مبكرة قبل حلول فصل الشتاء الذى ينشط فيه "الفيروس" وقد استفاد العالم من أخطاء السنة الماضية بعدما فاجأ الوباء الجميع.

لطبيعة عملى؛ راجعتُ ما يقرب من مائة دراسة علمية لأرقى أساتذة الطب والاجتماع والاقتصاد والسياسة الغربيين، ضمها كتابان عن "كوفيد- 19" وما تعلق به من ظواهر فى موجته الأولى التى امتدت من نهاية العام الماضى وإلى الآن. وللأسف لم يقطع واحدٌ من هؤلاء العظام بحقيقة هذا الوباء، ولم يُحسم –من ثمَّ- الجدل الدائر حول منشئه، وطرق علاجه، ووسائل السيطرة على ما نجم عنه من خسائر فى الاقتصاد والبشر، وما تولّد عنه من ظواهر اجتماعية أثَّرت على ثقافات الجماعات والأمم.

إذًا هى الحيرة نفسها التى تبدو على قاطنى العالم البسطاء سواء كان هذا الشخص يعيش فى نيويورك أو فى أدغال الأفارقة، فالأمر لم يحسمه العلم كما ذكرت، أما ملايين التصريحات المتعلقة بالوباء فتبدو متناقضة؛ فإذا كان "الفيروس" ينتشر بسبب الاختلاط وعدم النظافة فقد رأينا فى أوساط بعينها عكس ذلك؛ فعمال النظافة مثلًا هم أقل الفئات إصابة بالفيروس، فى حين جاء الأطباء على رأس قائمة ضحاياه، ورأينا كثيرين من المبالغين فى الاحتراز يتخطفهم الموت فى حين لم يقترب من المفرِّطين. وقسْ على ذلك أمورًا أخرى؛ لقد ثار الجدل حول جدوى "الكمامة" واعتبرها البعض خطرًا على الصحة وأن ضررها أكثر من نفعها، وكذلك ما يخص علاجات الوباء إذ ظهرت عشرات النظريات فى الدواء، وكلما تطوع أحدهم بذكر نوع عارضه آخر مؤكدًا أن هذا النوع يساعد الفيروس على التوحش والافتراس.

والعالم يستعد الآن للموجة الثانية، وقد توقعها، هناك أسئلة كثيرة لم يُجب المختصون عنها: هل هذا الوباء حقيقةٌ أم وهمٌ أُريد لنا أن نعيشه؟ وإذا كان وهمًا فمن بيده "ريموت" هذه الحرب النفسية الفظيعة؟ ولِمَ يفعل ذلك؟ وهل الجائحة تسبب فيها ذلك الفيروس الضعيف المشتق من مجموعة "الإنفلونزا" أم أنه تحوّر بالفعل؟ ومن يستطيع أن يحسم القضية فى ظل أحاديث عن حرب بيولوجية وأنشطة تكنولوجية فى مجال الهواتف وغيرها.

لا ننكر وجود وفيات بالجملة، بعضها لأقارب وأصدقاء قريبين منا رأينا أعراض المرض عليهم. لكن أليس الوهمُ يقتل؟ أليست الحربُ النفسية على مستوى الدنيا وبهذا الشكل المخيف تقذف الهلع فى قلب كل من يُصاب بـ"نزلة برد" فلا ينجو منهم إلا القليل؟ لقد جاء على الأطباء المصريين وقت كلما زارهم مريض ارتفعت درجة حرارته شخَّصوا حالته على أنها "كورونا"، هكذا من دون تحاليل أو أشعة. إنها "الفوبيا" التى خلَّفت خسائر باهظة، وأُغلقت على أثرها مؤسسات، وانهارت شركات، وتوقفت حركة التنقل والسفر ولا زال الجميع يعانون آثار ذلك.

ومن الأشياء العجيبة أن ترى مدينة "ووهان" الصينية التى ادعوا أن الوباء بدأ منها هى أولى مدن العالم عودة إلى ممارسة حياتها الطبيعية، وبينما سجلت أمريكا نحو (100) ألف حالة وفاة بسبب "كورونا" قبل وفاة الشاب الأسود على يد مواطنه الشرطى، رغم الاحترازات المشددة، جاءت تلك الحادثة لتلغى هذه الاحترازات، بل لم نعد نسمع بعدها عن إحصاءات أمريكية لضحايا الوباء.