منصة “نحن نسجل”: الحبس الانفرادي.. عصف بالقانون وانتقام من المعتقلين السياسيين    

- ‎فيأخبار

أكَّدت منصة “نحن نسجل” الحقوقية إصرار حكومة الانقلاب فى مصر على استخدام الحبس الانفرادي كنوع من أنواع التصفية النفسية والجسدية بحق عشرات المعارضين وأصحاب الرأي، لمدد وصلت إلى أشهر وسنوات.

وذكرت أنه خلال السنوات الأخيرة ارتفعت وتيرة قيام قطاع السجون في مصر، وتحت إشراف جهاز الأمن الوطني، بحبس عشرات الأشخاص انفراديًّا، ولمدد وصلت في بعض الحالات إلى سنوات عدة، بالمخالفة الواضحة والصريحة للتشريعات الدولية وقانون تنظيم السجون المصري 396 لسنة 1956 ولائحته التنفيذية.

وقالت :يعتبر سجن طره شديد الحراسة “992”، وشهرته “سجن العقرب”، من أكثر السجون منهجية في استخدام الحبس الانفرادي، ووضع النزيل في ظروف صحية ونفسية لا تسفر إلا عن إصابته بأمراض نفسية وعضوية شديدة الخطورة على حياته، حيث يواجه الأشخاص عزلًا تامًّا داخل غرف انفرادية شديدة الضيق لا تحتوي على حمام، ويُسلم السجينُ إناءً معدنيًّا “جردل صاج”، كما تحرمهم من التريض والتعرض للشمس، ويقتصر تواصل السجناء فيما بينهم بالطرق على باب الزنزانة أو جدرانها، وهذا وفق ما وثقه فريق “نحن نسجل”.

وأضافت أن الحبس الانفرادي يعتبر نوعًا من أنواع الجزاءات التي تُفرض على السجناء الذين يشكلون خطورة وثبت في حقهم مخالفة توجب هذه العقوبة بموجب تحقيق معهم، ويأتي إنزال الجزاء بالحبس الانفرادي في المرتبة الخامسة في ترتيب الجزاءات وتدرجها، حيث تبدأ بتوجيه الإنذار وعدم التكرار، ثم الحرمان من بعض أو كل الامتيازات المقررة له كسجين مع احتفاظه بموقعه في زنزانته الجماعية، وفِي حالة التكرار يعاقب بتأخير نقل المسجون إلى درجة أعلى من درجته لمدة 6 أشهر، ومع الإصرار على مخالفة قواعد السجن يعاقب بتنزيل درجته إلى درجة أقل لمدة لا تزيد على 6 أشهر، وتأتي في المرتبة السادسة والأخيرة في جدول الجزاءات أقسى عقوبة بإيداع السجين معتاد مخالفة القواعد في زنزانة خاصة شديدة الحراسة لمدة 6 أشهر، ولم ينص القانون على أنها انفرادية. واستثنى القانون من هم دون 18 عامًا ومن تجاوزت أعمارهم الـ60 من هذه العقوبة.

وأشارت إلى قيام سلطات الانقلاب في مصر بإدخال تعديلات على قانون تنظيم السجون بالقانون رقم 106 لسنة 2015، تقضي برفع مدة الجزاء بالحبس الانفرادي من 15 يومًا إلى 30 يومًا.

وأكدت أن سلطات الانقلاب في مصر تطبق الحبس الانفرادي كعقوبة خارج إطار القانون في حق عشرات الأشخاص منذ اللحظات الأولى لإيداعهم في السجن، كما يحدث مع الناشطة الحقوقية عائشة خيرت الشاطر، التي أتمّت أكثر من 370 يومًا وهي تعاني من الحبس الانفرادي، في ظل ظروف غير إنسانية داخل سجن القناطر “نساء”، وهو ما تسبّب في تدهور حالتها الصحية، وسبق أن تم نقلها في 12 أكتوبر 2019 للمستشفى بعد إضرابها عن الطعام، كما أنها نُقلت بسيارة إسعاف إلى مقر النيابة في 7 نوفمبر 2019 الجاري.

كما أشارت إلى تجاوز مدد الجزاء بموجب القانون، كما حدث مع الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي، الذي توفي في 17 يونيو 2019، عن عمر يناهز 68 عاما، نتيجة الإهمال الطبي وإيداعه في الحبس الانفرادي لمدة 6 سنوات، حُرم خلالها من الزيارة والعلاج والتحدث مع الغير، ولم يسمح له بإحضار نسخة من القرآن الكريم، وكذلك أدوات الكتابة “أوراق وأقلام”.

ومن أبرز حالات الحبس الانفرادي كذلك ما يحدث بحق المحامي والمرشح الرئاسي السابق حازم صلاح أبو إسماعيل “58 عاما”، والذي يقبع فِي سجن طره في الحبس الانفرادي منذ اعتقاله في 5 يوليو 2013.

وأوضحت أن عددًا كبيرًا ممن واجهوا الحبس الانفرادي في سن الـ60 عامًا، فبالإضافة إلى الدكتور محمد مرسي وحازم أبو إسماعيل، ظل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية، قيد الحبس الانفرادي لمدة تجاوزت العام داخل سجن مزرعة طره. ويعاني أبو الفتوح “68 عاما” جراء هذه الظروف القاسية من تدهور حاد في حالته الصحية، وكان أبو الفتوح قد اعتقل من منزله في 14 فبراير 2018، من منزله عقب عودته من إنجلترا، وظهوره على شاشة تلفزيونية دعا فيها السلطات لإجراء إصلاحات سياسية.

كما تشمل أبرز حالات الحبس الانفرادي منذ الاعتقال: رئيس مجلس الشعب السابق الدكتور محمد سعد الكتاتني، “67 عاما” منذ اعتقاله في 3 يوليو 2013، والأستاذ أمين عبد الحميد الصيرفي، السكرتير الخاص للرئيس محمد مرسي، حيث يعاني من الحبس الانفرادي منذ 6 سنوات داخل سجن العقرب، بعد أن تم اعتقاله من داخل القصر الرئاسي بتاريخ 3 يوليو 2013، ومساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير معصوم مرزوق، “74 عاما” الذي اعتقل في 23 أغسطس 2018، على خلفية إعلانه عن مبادرة لمصالحة وطنية في مصر، والدكتور يحيى القزاز أحد رموز التيار المدني، والدكتور رائد سلامة وكيل مؤسسي حزب التيار الشعبي، وأيضا رئيس أركان الجيش المصري السابق الفريق سامي عنان الذي يقبع في الحبس الانفرادي داخل مقر عسكري غير معلوم منذ اعتقاله في 23 يناير 2018 على خلفية إعلانه الترشح في هزلية الانتخابات الرئاسية المزعومة، التي تمت بتاريخ 26 مارس 2018، في ظل أجواء غير نزيهة وعملية صورية محسوم فيها الفائز قبل إجرائها في الأساس.

ورغم أن كثيرًا من ضحايا الحبس الانفرادي تجاوزوا سن الـ65 وليس الـ60 عامًا، كما نص قانون تنظيم السجون، ولكنهم يواجهون الحبس الانفرادي، وسلسلة مركبة من الانتهاكات تجعلهم عرضة لخطر الموت في أي لحظة، كما حدث مع الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي وعشرات الأشخاص الآخرين داخل مقرات الاحتجاز غير الإنسانية.

وناشدت المنصة الحقوقية الدولية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ودعت حلفاء سلطات النظام الانقلابي المصري الدوليين إلى التدخل نحو وقف هذه الانتهاكات الأخيرة وإنهاء حالة تغييب القانون، واستخدام الحبس الانفرادي كعقوبة انتقامية بحق أصحاب الرأي والسياسيين والحقوقيين في مصر.

وفي عام 2011 اعتبرت الأمم المتحدة الحبس الانفرادي لمدة طويلة “تعذيبًا يجرّمه القانون، حتى وإن كان لفترات قصيرة من الزمن”، منوهةً إلى أنه “غالبًا ما يسبب المعاناة النفسية والجسدية أو الإذلال، ويرقى إلى حدّ المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أو العقاب. وقد يرقى إلى حدّ التعذيب، إذا ما تزايد مستوى الألم أو المعاناة”.

وتتوسع سلطات الانقلاب في مصر في استخدام هذا النوع من الحبس كعقاب إضافي للسجناء ذوي الخلفيات السياسية أو الحقوقية، والذين يعزلون عن العالم الخارجي تمامًا لمدة تصل إلى 23 ساعة ونصف الساعة في اليوم، رغم أن القانون الدولي لحقوق الإنسان، أكد أنه لا يجوز استخدام الحبس الانفرادي كإجراء تأديبي، إلا باعتباره الملاذ الأخير.