من السيسي إلى أبو مازن.. لماذا يسعى المستبدون العرب لامتلاك رقبة الإعلام؟

- ‎فيتقارير

يُسرف المستبدون العرب في تقدير مكانة الشاشة الصغيرة والكبيرة، وكذلك يفعل وكلاء الاستعمار في الإمارات والسعودية في الإنفاق على الإعلام، لا فرق بينهم، فالسعودية تحتال بإعلام (MBC) والتي ينبثق عنها إخباريًّا قناة (العربية) وورقيًّا (الشرق الأوسط)، وكذلك أبو ظبي التي استوردت الإعلام اليهودي (سكاي نيوز) للترويج لسياساتها، فضلا عن شرائها ذمم صحفيين مصريين بمواقعهم وصحفهم، مثل البوابة والفجر واليوم السابع وغيرها.

فالإعلام كان السلاح الأقوى الذي أعطته دبي اهتمامًا كبيرًا لزعزعة الاستقرار في مصر، من خلال العزف على وتر السلبيات والتجاوزات وخلق الأزمات وتصدير صورة سلبية عن حكم الإخوان والرئيس مرسي، حيث تم ضخ المليارات من الدولارات لبناء مؤسسات إعلامية قادرة على القيام بهذا الدور.

إعلام أبو مازن

ووصل إسراف المستبدين في المجال الإعلامي إلى محمود عباس (أبو مازن)، الذي ينهب من خلال تلفزيون (فلسطين) ميزانيات الشعب الفلسطيني. ويستحوذ إعلام السلطة الفلسطينية، على موازنة 6 وزارات محورية، بقيمة تبلغ نحو 182 مليون شيكل سنويًا.

وقال نهاد نشوان، الخبير الاقتصادي في منشور له عبر “فيسبوك”، إن الإعلام الرسمي المتمثل بهيئة الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء الرسمية “وفا”، تعادل موازنتهما مجموع 6 وزارات، وذلك وفقًا لمراجعة بيانات مالية مخصصة.

وأوضح أن تلك الوزرات هي: “وزارة الاقتصاد الوطني، وزارة الإعلام، وزارة النقل والمواصلات، وزارة شئون المرأة، وزارة العدل، وزارة السياحة”، تستهلك ميزانية مساوية للإعلام وحده. وذكر أن “هذا النموذج يشكّل سابقة في فساد الحكم، وكيف تم تخصيص أموال شعب محتل لتلفزيون فاشل”.

وعين محمود عباس الناطق باسم حركة فتح أحمد عساف، مشرفًا عامًا للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، ورئيسًا لمجلس إدارة وكالة وفا، بقرار منه منذ يناير 2016، وذلك خلفًا لرئيسها السابق رياض الحسن الذي عين عام 2012، وسط شبهات فساد واختلاس.

وبحسب التقرير السنوي لائتلاف “أمان” للنزاهة والشفافية لعام 2018، فإنّ الفساد تفشى داخل هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية التابعة للسلطة، خاصة التحايل على إجراءات التعيين الرسمية من جهة، والالتزام بمبدأ تكافؤ الفرص من جهة أخرى.

إعلام دحلان

وزار محمد دحلان، القيادي السابق في حركة فتح ورئيس جهاز الأمن الوقائي المتحالف مع “إسرائيل”، والذي نفذ حملة تعذيب واغتيالات لعدد من قيادات المقاومة الفلسطينية في غزة، صحيفة “اليوم السابع”، كبرى الصحف في مصر، في سبتمبر من العام الماضي، مجرد زيارة عادية كما أراد البعض أن يصفها، بل حملت العديد من علامات الاستفهام حول مؤشراتها ودلالاتها، لا سيما في ظل الحفاوة الكبيرة التي قوبل بها القيادي المفصول.

تحركات دحلان لم تتوقف عند “اليوم السابع” وفقط، بل زادت إلى مجموعة من القنوات الفضائية ذات الشهرة والتأثير الكبير في مصر، في مقدمتها ”CBC” و”الحياة” و”القاهرة والناس” و”ON TV” و”TEN” و”النهار”، إضافة إلى بعض المراكز البحثية الأخرى كالمركز العربي للدراسات والبحوث، ومركز الدراسات الإقليمية والسياسية، وبعض المواقع الإخبارية الأخرى، مثل “البوابة” و”الفجر” و”دوت مصر” و”التحرير”.

أثارت زيارات دحلان المتكررة لمصر ولقاء عدد من الإعلاميين، فضلا عن بعض السياسيين بمن فيهم السيسي نفسه، جدلا وتساؤلات لدى الكثير من المهتمين بالشأن المصري، وهو ما عبر عنه الإعلامي المصري “سيد علي”– في لحظة غضب– مستنكرا الحفاوة البالغة في استقبال الرجل متسائلا: “قولوا لنا يا دولة ما هو الوضع الدستوري والقانوني والشرعي لدحلان حتى يتم استقباله بهذا الشكل؟”.

سيطرة إماراتية

وبالمال أيضا استحوذت الإمارات على الرأي العام في عواصم كبيرة مثل القاهرة، وكشف تقرير نشر في أغسطس 2016، عن أن نحو 8 مليارات دولار قدمتها الإمارات كمساعدات لنظام الانقلاب، تضاف إلى نحو 5 مليارات أخرى خلال الفترة من ثورة يناير وحتى الآن، فضلا عن ضخ عشرات المليارات في منظومة الإعلام المصري والعربي، للسيطرة على مفاتيح الرأي العام الداخلي في مصر.

وساعد تمويل الإمارات لوسائل إعلام مصرية في فرض أجندتها الخاصة على السياسة التحريرية لهذه الوسائل، خاصة ذات الانتشار الواسع كصحيفة اليوم السابع والمصري اليوم والوطن، إضافة إلى تمويل إنشاء بعض المراكز البحثية والإعلامية التي تخدم توجهاتها مثل المركز العربي للدراسات والبحوث الذي يديره البرلماني عبد الرحيم علي، المقرب من الإمارات ودوائر صنع القرار المصري، فضلا عن تقديم الهدايا والمكافآت لعدد من الإعلاميين بهدف الالتزام بالتعليمات وتنفيذ المطلوب على أكمل وجه، كما كشفت تسريبات “ويكيليكس”.

وبالرغم من سيطرة الإمارات على توجهات وسياسات العديد من وسائل الإعلام المصرية، إلا أن ذلك لم يكن كافيا، حيث شرعت في إنشاء قناة خاصة تكون صوت الإمارات في مصر، وبالفعل كانت قناة “الغد العربي”، إذ يملكها الشيخ “طحنون بن زايد”، ولها سياسية معروفة بالعداء للثورات والتيارات الإسلامية.

رواتب الأذرع

وبالعودة للمعلن عما تتقاضاه أذرع السيسي في الإعلام من رواتب، سنتعرف على أسباب دفاعهم عنه وعن سياساته التي يعلمون أنه فاشل وأنها كذلك، فحسب الأرقام التي كشفتها الإقرارات الضريبية لبعض الإعلاميين في مايو 2015، فقد كانت عائدات أبرز الإعلاميين كالتالي: عمرو أديب 33 مليون جنيه، إبراهيم عيسى 16 مليونًا، وائل الإبراشي 15 مليونًا، خيري رمضان 14 مليونًا، يوسف الحسيني 14 مليونًا، لميس الحديدي 13 مليونا، أحمد موسى 11 مليون جنيه.

بالإضافة إلى أذرع إعلامية أخرى، تتقاضي أيضًا رواتب بالملايين، مثل خالد صلاح، ومحمد الغيطي، وعبد الرحيم علي، ومصطفى بكري، أماني الخياط.