كتب: سيد توكل
أكد حقوقيون أنّ إحالة القاضيين عاصم عبدالجبار وهشام رؤوف إلى مجلس التأديب والصلاحية، يدل على أن هناك إرادة سياسية لاستمرار التعذيب في سجون الانقلاب، وإفلات كل من يرتكب هذه الجريمة من العقاب.
من جانبه، أكد المحامي الحقوقي كريم عبدالراضي، في مداخلة هاتفية مع برنامج "بتوقيت مصر"، أن الانقلاب لا يريد لأحد أن يمارس حقه في التعبير، حتى ولو كان من القضاة، مؤكدا أن هذه الإحالة تعطي الإنذار بضرورة مراجعة آليات محاسبة القضاة عن طريق مجلس التأديب والصلاحية؛ باعتباره يتبع وزارة العدل التي تعد سلطة تنفيذية في البلاد.
وأشار عبدالراضي إلى أنه لا يوجد في القانون ما يدعو إلى محاسبة القضاة، بل على العكس، القانون يحوي عدة مواد من شأنها ترجمة نصوص الدستور المصري لأفعال قابلة للتنفيذ، بمحاسبة كل من يرتكب جريمة التعذيب من أجهزة الدولة.
واستغرب عبدالراضي من السند القانوني الذي اعتمد عليه وزير العدل في حكومة الانقلاب، في إحالة القاضيين لمجلس التأديب والصلاحية، ألا وهو "الاشتغال بالسياسة"، وقال: "لا أرى أن وضع قانون مناهض للتعذيب في مصر هو اشتغال بالسياسة، ولكن المسألة تتعلق بمدى رغبة الدولة بالتزامها بالاتفاقيات الدولية".
وأكد عبدالراضي، في ختام حديثه، أن سلطات الانقلاب تريد إطلاق يد الأجهزة الأمنية، ولا تريد مكافحة التعذيب في السجون، ولا تريد محاسبة المتورطين في التعذيب وفقاً للقانون.
يذكر أن وزير العدل في حكومة الانقلاب طلب إحالة القاضيين عاصم عبدالجبار وهشام رؤوف لمجلس التأديب والصلاحية، للتحقيق معهما فيما يخص عملهما على إنجاز مشروع قانون لمكافحة التعذيب داخل السجون، على أن تكون جلسة التحقيق اﻷولى معهما في 24 أبريل المقبل.
من جانبها، أكدت المجموعة المتحدة للقانون– يديرها نجاد البرعي- عن بالغ أسفها وصدمتها للقرار الصادر بإحالة القاضيين عاصم عبدالجبار نائب رئيس محكمة النقض، وهشام رؤوف رئيس محكمة الاستئناف، إلى مجلس التأديب والصلاحية.
ورأت المجموعة القانونية أن القرار وما سبقه من تحقيقات، يقوض الجهود الرامية إلى مكافحة جريمة التعذيب، وينسف التزامات مصر بشأن مكافحة هذه الجريمة، وفقا للدستور والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها.
نعيش من غير تعذيب؟
وكتب القاضي المحال للصلاحية "محمد سليمان"، أحد قضاة بيان رابعة والقاضي السابق بمحكمة سوهاج، عبر حسابه على الفيس بوك، "الأسوأ من إحالة المستشارين عاصم عبدالجبار وهشام رؤوف لمجلس الصلاحية، للاشتراك في إعداد مشروع قانون لمناهضة التعذيب، أن من تقدم بالبلاغ ضدهما هو مجلس القضاء الأعلى.
وأضاف- في منشور آخر- أن "الإحالة كانت لاشتراكهما في إعداد مشروع قانون لمناهضة التعذيب في مصر"، وعلق ساخرا "مكافحة التعذيب رجس من عمل الشيطان.. ونعيش من غير تعذيب؟!.. ونعيش ازاى وحبك يا مصر عذاب ومرار وجفا وحرمان".
أما الحقوقي نزار محمود غراب، فعلق على منشور القاضي محمد سليمان، بما يشير إلى أن الزمن يعيد نفسه، قائلا: "فاروق سيف النصر، وزير العدل الأسبق، هو الذي حرك دعوى التأديب والصلاحية ضد والدي القاضي محمود غراب، ببلاغ لمجلس القضاء الأعلى".
وقال المحامي عزت تهامي، عبر تعليقٍ على الفيس بوك: "إلى متى محاربة القضاة الشرفاء؟.. هل تذكرون قضية المستشارين محمود مكى وهشام البسطويسى؟".
إدانات حقوقية
كان مجلس القضاء الأعلى قد طالب بندب قاضٍ للتحقيق من قبل وزير العدل بحكومة الانقلاب، مطلع عام 2015، يتهم فيه القاضيين «رؤوف، وعبدالجبار» بالاشتغال بالسياسة؛ لإعدادهما مشروع قانون عن مكافحة التعذيب، بالتعاون مع جماعة غير شرعية يترأسها المحامى بالنقض نجاد البرعى، والضغط على رئيس الجمهورية لإصداره، وقد تم تحقيق البلاغ وانتهت بالقرار.
ووجه قاضى التحقيق إلى القاضيين عاصم عبدالجبار نائب رئيس محكمة النقض، وهشام رؤوف رئيس محكمة الاستئناف، تهمة الاشتراك مع نجاد البرعى في إعداد وصياغة ومناقشة مشروع قانون للوقاية من التعذيب، يتضمن تشديد العقوبة على جريمة التعذيب.
وبدأت التحقيقات في القضية، مايو 2015، واستمرت أكثر من عام ونصف، وكان قاضى التحقيق قد لفق إلى نجاد البرعى ستة اتهامات، والتي من بينها تأسيس جماعة غير مرخصة باسم "المجموعة المتحدة.. محامون مستشارون قانونيون"؛ بغرض التحريض على مقاومة الانقلاب، وممارسة نشاط حقوق الإنسان دون ترخيص، وإذاعة أخبار كاذبة، وتكدير الأمن العام، وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة.