كتب: يونس حمزاوي
خرجت وسائل الإعلام الموالية لسلطات الانقلاب، خلال الأيام القليلة الماضية، لتؤكد أن قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي في ورطة كبيرة بعد حكم الإدارية العليا، يوم الإثنين الماضي 16 يناير 2016، ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية، وتأكيد مصرية جزيرتي تيران وصنافير.
هذه الأذرع الإعلامية لم تشر صراحة إلى السيسي، ولكنها عبرت عنه بالحكومة، وصدّرت رئيس الوزراء في المشهد، رغم معرفة الجميع أن شريف إسماعيل مجرد "طرطور" ينفذ فقط أوامر وتوجيهات السيسي، فهل يتصور مثلا أن الحكومة سوف تتخذ قرارات ومواقف تخالف أوامر وتوجهات قائد الانقلاب؟!.
خياران أحلاهما مر
من جانبها، رأت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أن أمام السيسي خيارين أحلاهما مر، وأن العلاقات السعودية المصرية تمضي فيما يبدو في طريق مسدود, بعد الحكم النهائي في قضية جزيرتي "تيران وصنافير".
وأضافت "بي بي سي"، في تقرير لها في 18 يناير, أن الخيارات المتاحة أمام النظام المصري لاحتواء غضب السعودية, تكاد تكون محدودة للغاية, في ظل صدور حكم قضائي نهائي ببطلان التنازل عن الجزيرتين للسعودية, والرفض الشعبي الواسع في مصر لأي تنازل عنهما.
وتابعت "هناك أيضا عدد من القضايا الإقليمية التي توتر علاقات البلدين، أبرزها الأزمة في سوريا". واستطردت "النظام المصري يجد نفسه حاليا في مأزق مزدوج, لأنه مطالب بالتوفيق بين إرضاء الرأي العام من جهة، ومحاولة احتواء غضب السعودية من جهة أخرى, ولذا فإن الخروج من هذه الأزمة ليس بالأمر السهل وأنه مليء بالمصاعب", حسب تعبيرها.
«تيران وصنافير» فى «ثلاجة الانقلاب»
ونقلت صحيفة «الشروق»، الموالية لسلطات الانقلاب، عن مصادر وصفتها بالمطلعة، أن حكومة المهندس شريف إسماعيل تتجه إلى إخضاع اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتى تتضمن التخلى عن جزيرتى تيران وصنافير للمملكة، إلى مزيد من الدراسة والبحث فى الفترة المقبلة، خصوصا بعد الحكم البات والنهائى الذى أصدرته المحكمة الإدارية العليا، يوم الإثنين الماضى، والذى أكد أن سيادة مصر على الجزيرتين«مقطوع بها».
وأشارت المصادر إلى أن هذا الأمر قد يستغرق شهورا طويلة، كما أن البرلمان- خصوصا اللجنة التشريعية- ربما يشكل لجان استماع للعديد من الخبراء والمتخصصين، وزيارات ميدانية للمنطقة.
وأضافت المصادر– التى فضلت عدم ذكر اسمها- أن إسماعيل قام باستطلاع آراء الخبراء والمتخصصين فى كيفية الخروج من الأزمة، حيث التقى وفدا منهم يوم أمس، بينهم الدكتور مفيد شهاب، وزير الدولة للشئون القانونية والدستورية الأسبق وعضو اللجنة القانونية لاسترداد طابا، مشيرة إلى أن هذه اللقاءات ستتواصل فى الفترة المقبلة، وهو ما فسرته مصادر أخرى وثيقة الصلة بالملف، بأن الحكومة تتجه إلى «وضع اتفاقية تيران وصنافير فى الثلاجة»، على حد تعبيرها لفترة من الزمن، حتى تتوصل إلى تسوية معقولة مع المملكة بشأن القضية، احترام الحكم القضائى والمشاعر الشعبية من جهة، والحفاظ على العلاقات الطيبة مع السعودية من جهة أخرى.
وجدل بشأن الإحالة للدستورية
فى سياق متصل، قال مصدر حكومى آخر فى تصريحات لـ«الشروق»، إن مشاورات رئيس الوزراء مع الخبراء والمستشارين القانونيين، يوم أمس، شهدت خلافا فى الآراء بشأن الجدوى القانونية للجوء إلى المحكمة الدستورية العليا، حيث رأى البعض أن المحكمة الدستورية غير مختصة بالنظر فى الاتفاقية، وفق المادة 50 من قانون المحكمة الدستورية العليا.
وأضاف المصدر أن المشاورات التى يجريها رئيس الوزراء، تستهدف الوصول إلى وضع تصور قانونى للتعامل مع الحكم داخليا. وأشار المصدر إلى أن جميع الآراء داخل مجلس الوزراء تتجه إلى انتظار موقف البرلمان باعتباره الخيار الأمثل فى التوقيت الحالى.
انقسام شديد داخل "دعم مصر"
وما يزيد الورطة على السيسي، ما نشرته "الوطن" من أن هناك انقساما حادا وعنيفا حتى داخل ائتلاف "دعم مصر البرلماني"، الذي شكلته الأجهزة الأمنية لدعم السيسي وأجهزة الدولة، حتى ولو ضد الإرادة الشعبية.
وأضافت مصادر لـ"الوطن"، أن النائب محمد السويدي، رئيس الائتلاف، اضطر إلى تأجيل عقد اجتماع كان من المقرر عقده الثلاثاء، لمناقشه الأمر مع أعضاء الائتلاف، وذلك بعد حالة الغضب التي انتابت كثيرا من الأعضاء، الذين أعلنوا موقفهم مبكرا من "مصرية الجزيرتين".
وتابعت "هناك انقسام كبير داخل الائتلاف، وأن المعارضين لمناقشة الاتفاقية داخل البرلمان أصبحوا أكثر من النواب المدافعين عن مناقشتها".