هل فضحت الـ(bbc) جرائم الاغتصاب أم عرضت ضحية لانتقام العسكر؟

- ‎فيتقارير

كما كان متوقعًا؛ فقد أثار الفيلم الوثائقي الذي نشرته شبكة “بي بي سي” أخيرا عن حملة الاعتقالات الجماعية وعمليات الإخفاء القسري ووقائع التعذيب واغتصاب الفتيات داخل سجون العسكر، غضب جنرالات الانقلاب وعلى رأسهم السفيه عبد الفتاح السيسي.

وفي اتجاه مقابل، أثار “الفيلم” الذي أذاعه عمرو أديب غضبًا في المعسكر الرافض للانقلاب والمطالب باحترام حقوق الإنسان؛ احتجاجا على إجراء الإعلامي الانقلابي الحوار داخل مقر الأمن الوطني مع الضحية برفقة زوجها وطفلها، بعد تعرف سلطات الانقلاب على وجه الأم والفتاة المعتقلة.

شهادة الأم فجَّرت القضية

وثائقي “بي بي سي” شهادة لوالدة الشابة زبيدة، التي اعتقلتها سلطات الانقلاب في عام 2014، ومكثت في السجن سبعة أشهر من دون محاكمة، تورّم خلالها جسدها من كثرة الضرب، والتعذيب، والصعق بالكهرباء، مؤكدةً أن ابنتها أخبرتها بتعرّضها للاغتصاب أثناء احتجازها لدى الشرطة، في حين جرى إخفاؤها قسريا مجددا منذ عشرة أشهر.

وتلقت القناة ذات المصداقية الدولية الثناء على الفيلم، وقال ناشط مصري: “أنا أشكر #BBC لأنها أظهرت حاجات مفيش حد في مصر يقدر يتكلم فيها.. السيسي بإعلامه ومشاهيره عبارة عن شوية لصوص مستمرين في اغتصاب مصر”.

ويضيف الناشط الحقوقي هيثم غنيم: “حالة اغتصاب شاب داخل أحد الأقسام 4 مرات، وقمنا بتوثيق هذا بطرق متعددة، وكنا حريصين على إخفاء وجه الضحية، ولم يتم نشر التوثيق إعلاميا حتى الآن لأن هذا لن يفيد”.

مضيفًا “ربنا ينتقم من الإعلاميين والسياسيين اللى همهم الشو ولو على حساب الضحايا، يعني معروف أن مصر نظامها قمعي ومجرم، تروح تصور مع والدة زبيدة من غير ما تخفي وجهها وتتخذ إجراء تأمين الضحية؟ أهو النظام اعتقل البنت وزوجها، وواضح في لقائها مع الكلب عمرو أديب في أمن الدولة مدى رعب البنت وزوجها”.

مصلحة الضحية أولا

وشدد مراقبون ونشطاء على مصلحة الضحية التي قام الانقلاب باغتصابها، وعدم تعريضها لانتقام العسكر عن طريق إخفاء ما يدل عليها والاستفادة من شهادتها مع ضمان سلامتها أولا.

يتابع هيثم غنيم: “تم توثيق اغتصاب أكثر من سيدة على يد قوات الأمن المصرية وتحديدا من قبل الشرطة المصرية، ويوجد توثيقات لهذا، وأيضاً لم أنشر ولا شهادة إلا أحد أجزاء من تقرير طب شرعي مرفق في المنشور، والذي لا يظهر اسم الضحية”.

ويضيف: “هناك غيري أكثر من شخص لديهم توثيقات في هذا الملف، وعلى مدار أربع سنوات رفضنا بشكل قاطع نحن ومن تم التوثيق معهم التواصل مع أى إعلامي معارض أو مؤيد، وقد حاولت قنوات عدة عبر منتجي الأفلام الحصول على هذا الملف منا وقد رفضنا بشكل قاطع”.

جريمة متكررة

ويمضي “غنيم” بالقول: “معلومة أخرى.. كل حوادث الاغتصاب تمت من قبل.. إما من الضباط أو من أفراد الأمن من الشرطة مع استثناء جهاز الأمن الوطني “أمن الدولة”، حيث لم أقف لهم على أى حالة اغتصاب حيث إنهم يهددون به، ولكن لا يلجئون إليه خصوصا مع توافر أدوات التعذيب بكل وسائله لديهم “فإن كان هناك حالات فأنا لا أعلمها”، أما ما جرى من ضباط الشرطة والأمناء وغيرهم فهذا كان في إطار الصلاحية المطلقة الممنوحة لهم”.

متابعا: “وبالمناسبة حوادث الاغتصاب ليست جديدة على جهاز الشرطة المصرية، ويتم حتى على النساء اللاتي يتم القبض عليهن أو الاشتباه بهن في قضايا جنائية، ولقد كنت شاهدا على سماع هذا أثناء فترة اعتقالي عام 2010، حيث قص علي أمين شرطة داخل “قسم شرطة مدينة نصر ثان” سبب منع أحد الضباط من دخول منطقة الزنازين، حيث إنه قام باغتصاب إحدى الفتيات، والتي ظلت في الحجز لفترة زمنية، وتم اكتشاف الأمر عند ترحيل الفتاة إلى سجن القناطر، حيث تبين أنها أصبحت حاملا عند الكشف الطبي الذي يسبق دخول السجن، فتم إرجاعها للقسم وتم التصرف بإلغاء قضيتها مقابل أن تصمت، وأن يتحمل الضابط تكاليف إجهاضها”.

ويضيف: “مرة أخرى قضايا القتل والتعذيب والاغتصاب، لن أنساها لا أنا ولا غيري، وسنعمل ألا ينساها غيرنا “حتى إذا تم الضغط علينا لبيع القضية أو فتنتنا، يكون هناك غيرنا”، حتى ينال كل مجرم الجزاء العادل ولو بعد عشرات السنين”.

واختتم قائلا: “أنا ضد ما فعلته قناة BBC من إظهار وجه الأم بشكل أدى لتعرض الضحية وأمها للاستهداف الأمني الآن، وهو شىء معلوم الحدوث إذا لم يتم اتخاذ إجراءات تأمين الضحايا، وهو ما لم تفعله القناة، أيضا من عدم توثيق الحالة بشكل جيد وهو أمر يظهر لا أعلم هل حاولوا فيه أم لا”.

ومنذ الانقلاب العسكري في يوليو 2013، يقبع آلاف المعتقلين في سجون العسكر، في أوضاع تصفها المنظمات الحقوقية بـ«الصعبة للغاية وغير الإنسانية»، وهو ما أدى إلى وفاة المئات منهم نتيجة التعذيب أو الإهمال الطبي.

وترفض سلطات الانقلاب اتهامات معارضين لها بالإهمال الطبي بحق المسجونين أو ارتكاب انتهاكات بحقهم، وتقول إنها توفر كامل الرعاية للسجناء داخل أقسام الشرطة والسجون، وأن التعامل مع جميع المحبوسين يتم وفقا لقوانين حقوق الإنسان، وهو ما ثبت عكسه تماما، لكن ضمير العالم الحرّ يلوذ بالصمت في مقابل الغنائم والمصالح.