“ذاكرة المرأة”.. ماذا فعل الطغاة في حرائر الربيع العربي؟

- ‎فيتقارير

“فعلوا بابنتي كل ما يغضب الله”، هكذا لخصت السيدة المصرية أم زبيدة ما وصلت إليه المرأة من مهانة بعد الانقلاب، فالعسكر لا يتورعون عن اعتقال أم انتُهك أمنُها وأمانُها، وعذب الجلادون ابنتها الشابة واغتصبوها، فلما خرجت على شاشة “بي بي سي” انزعج الفرعون قائد الانقلاب، فأمر بصلبها في أقبية الأمن وتقطيع أوصالها من خلاف، قائلًا لكل سيدة مصرية “ما علمت لكم من إله غيري”!.

وفي اليوم العالمي للمرأة الذي يحتفل به العالم اليوم الخميس، اعتبر الناشط السياسي عمرو عبد الهادي “نساء فلسطين أسيرات الاحتلال.. نساء مصر معتقلات السيسي.. نساء سوريا شهيدات بشار.. نساء ليبيا ضحايا حفتر.. نساء اليمن ضحايا التحالف.. نساء الإمارات مطاردات من محمد بن زايد.. حرائر العرب.. صمودكن أخجل العالم وأسقط عنهم ورقة التوت في #يوم_المرأة_العالمي”.

ويحاول أنصار الانقلاب العسكري في مصر الترويج بأن المرأة حققت في عهد السفيه السيسي ما لم تحققه في عهود سابقة، فيما يرى مراقبون أن تلك هي الحقبة السوداء في تاريخ المرأة المصرية، وكان السيسي قد أعلن “عام 2017” عام المرأة، ووصف نساء مصر في خطاباته بأنهن “عظيمات”، و”أيقونات العمل الوطني”، و”رمز التضحية”، في الوقت الذي شكلت النساء 54% من ناخبيه، وفق المجلس القومي للمرأة.

أكاذيب ودعاية

ورغم التعذيب والاغتصاب سابقا، والإخفاء الذي لا تعرف تفاصيله بعد لاحقا، تؤكد أم زبيدة– التي اعتقلت لاحقا- أنها ليس بمقدورها كأم أن تبقى صامتة على ما يحدث، وتقول “حتى لو كان كلامي سيقودني إلى حبل المشنقة فلن أسكت”، فوقع ما كانت تتحدى به الانقلاب وتم اعتقالها بتهمة البحث عن ابنتها!.

ويؤكد حقوقيون أن الحديث عن تمكين المرأة وحقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أصبح رفاهية لا يملكها المصريون أمام تراجع الحقوق والحريات الأساسية، كالحق في حرية الرأي والتعبير، الذي تمت مصادرته بموجب قوانين أصدرها برلمان الدم بناء على أوامر من جنرالات الانقلاب.

ويشير الحقوقيون إلى قيام الانقلاب بتأميم المجال العام والعمل المدنى، وإصدار قوانين تُكمم الأفواه وتُحكم القبضة الأمنية على الأفراد ومنظمات المجتمع المدني، ومواصلة إجراءات المنع من السفر، وتجميد الأموال، وإصدار قوائم الإرهاب.

كما يلفت الحقوقيون إلى أن تعيين بعض النساء، أو الوجوه النسائية المحسوبة والموالية للانقلاب بمناصب قيادية، يهدف إلى ترويج صورة تجميلية للنظام العسكري، في ظل معاناة ملايين المصريات وأسرهن؛ من الفقر والغلاء وضعف الخدمات الحكومية، إلى جانب تعرضهن للخطف والسجن والاعتقال والاغتصاب والقتل.

الحقبة السوداء

وفي هذا السياق، ترى الكاتبة الصحفية، أسماء شكر، أن عهد السيسي هو الحقبة السوداء في تاريخ المرأة المصرية، مؤكدة أن قائد الانقلاب “يستخدم المرأة كستار سياسي للتغطية على جرائمه”، وأن نظامه يقلد نظام مبارك في استخدامها “كديكور سياسي لتجميل صورته”، وفق تعبيرها.

وتساءلت شكر: “كيف يكون السيسي قد أنصف المرأة، بينما اعتقلت في عهده 3000 امرأة وتمت محاكمتهن عسكريا، وتعرضت للقتل في المظاهرات وفي أثناء فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة 14 أغسطس 2013، وغيرها من مذابح الانقلاب؟”.

وأضافت شكر أنه “في عهد السيسي هناك 10 فتيات مختفيات قسريا منذ فض رابعة إلى هذه اللحظة، وهناك إحصائية حديثة لحركة نساء ضد الانقلاب وثقت 20 حالة اغتصاب، هي ما تم توثيقها فقط، بأماكن الاحتجاز”.

وتابعت شكر بقولها: “كيف يكون السيسي قد أنصف المرأة، وبعد إعلانه أن عام 2017 عام المرأة بدأ العام بانفجار الكنيسة البطرسية 11 ديسمبر 2016، الذي كان أغلب ضحاياه نساء؟”.

وأشارت إلى استمرار جرائم السيسي بحق المرأة، ومن ذلك اعتقال مديرة مؤسسة قضايا المرأة، المحامية عزة سليمان، في 7 ديسمبر 2016، واتهامها بالحصول على تمويل خارجي، إلى جانب وضع 90 امرأة على قوائم الإرهاب والتحفظ على ممتلكاتهن ومنعهن من السفر.

تقارير دولية

وشهدت سنوات الانقلاب الماضية تزايدًا لحالات الاختفاء القسري لمعارضين مصريين، يتبين لاحقا أنهم في قبضة الشرطة، وتقدر مؤسسة الشهاب لحقوق الإنسان عدد حالات الإخفاء القسري في مصر منذ 2013 حتى أغسطس 2017 بـ5500 حالة، وتقول إن 44 منهم تم قتلهم خارج إطار القانون.

ومنذ الانقلاب الذي قاده وزير الدفاع آنذاك السفيه عبد الفتاح السيسي في يوليو 2013 على الرئيس المنتخب محمد مرسي، تشهد مصر تصاعدًا مُنظمًا لعمليات القمع التي ركزت في البداية على أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي لها مرسي، ثم اتسعت لتشمل كل الأصوات المعارضة من مختلف التيارات.