قصة «الدعوة السلفية» من رفض الثورة إلى تأييد الانقلاب

- ‎فيتقارير

«يومًا ما ستترحمون على أيام السيسي مثل مبارك»، عبارة نطق بها الشيخ الأمنجي ياسر برهامي، الذي ورث الفكرة السلفية السعودية ككثير من السلفيين عن مشايخ جماعة أنصار السنة المصرية، ثم سافر عدة مرات إلى السعودية لأداء الشعائر وتلقِّي العلوم الشرعية والدعم المادي غير المباشر.

وقد أشار الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية، في مذكراته، إلى أن السلفية السعودية أُقحمت على المشروع الإسلامي في مصر، عن طريق رحلات العمرة، فقد كان بعض الطلاب يتخلف حتى موعد الحج، فيلتقي علماء السعودية، ليعود من الرحلة حاجا معتمرا وشيخا سلفيا.

تطوير الفكرة

واستطاع برهامي تطوير الفكرة وآليات العمل ومجالاته، وفُتح له الباب بليل، فوضع أصولاً منهجية لتحريم العمل السياسي الحزبي السلمي، كما في بحثه “السلفية ومناهج التغيير” مفادها: حرمة العمل السياسي داخل دائرة الحكم العلماني المصري، الأحزاب تقوم على مبادئ العلمانية والديمقراطية والاشتراكية والشيوعية الخارجة عن الشريعة، المجالس التشريعية تسن قوانين مخالفة للشرع، ووجه دعوته لانتقاد جماعة الإخوان المسلمين، وغيرها من الحركات التي تتخذ العمل السياسي وسيلة للتغيير وكذلك حركات التغيير المسلح.

وأكد تعاونه المخلص مع جهاز الأمن المصري حتى عام 1994م في القضاء على تيارات العنف السياسي كما في لقاء قناة الحياة. وتجلت أسوأ مشاهد السلفية البرهامية في ثورة 25 يناير2011 حيث جابت مدن الجمهورية للدعوة ضد الثورة، وأصدرت البيانات مثل يوم 3 فبراير 2011 ووصفوا الثوار بقولهم: (ولن تَسمح الأُمَّةُ لبعض المتسلِّقين على أكتاف الجماهير -بل دمائهم- أن يُزايدوا عليها، ولن يَسمح بها الشعب ولا الجيش ولا الأزهر ولا الجماعات والاتجاهات الإسلامية جميعها).

وتحسر البراهمة فيه على سقوط جهاز الشرطة فقالوا: (وها نحن قد رأينا كيف أَدَّى غيابُ مرفق واحدد- وهو الشرطة- إلى أنواع المفاسد والمخاوف والسَّلْب والنَّهْب؛ فكيف يطالِب البعضُ باستمرار ما يؤدي إلى الفوضى، فكيف إذا زاد الأمرُ بفَرَاغِ باقي المرافق)، بل وزاد الأمر بنزولهم لحماية وحراسة مقرات أمن الدولة والشرطة من الثوار.

وبعد سقوط مبارك سارع برهامي لتكوين حزب النور السياسي الضخم ليناطح جماعة الإخوان، ويفتت الإسلاميين، وفجأة انهال الدعم المالي على الحزب، فاستطاع أن يشترى المقرات في كل جوانب مصر، والإنفاق على المؤتمرات والدعاية الانتخابية بشكل فاق قدرة جماعة الإخوان نفسها، ولكن الكريم إذا وهب فلا تسأل عن السبب!.

خدام السيسي

وفي الانتخابات الرئاسية قام بتفتيت الكتلة التصويتية للإسلاميين ضد مرشح الإخوان، ومع تولي د. مرسي رئاسة الجمهورية، عملت الكتلة البرلمانية له ضد النظام واختياراته، وأثارت قضايا وهمية مثل: ادعاء “أخونة الجهاز الإداري للدولة”، وإلغاء “المادة الثانية من الدستور”.

ثم شاركت السلفية البرهامية في انقلاب 30 يوليو، فأعادت النظام العسكري لحكم مصر، وظهر ممثلها “جلال مرة” في بيان الانقلاب ضد أول رئيس منتخب، معطياً المسحة الدينية للانقلاب بقوله (والله ما تحركنا إلا بدافع من ديننا وشرعنا الذي نؤمن به)، وهرول الناطق الرسمي باسم حزب النور “نادر بكار” للقول (إذا فشلت 30 يونيو فإن الإخوان سيصبحون وحشاً كبيراً لا يملك أحد توقيفه)، كذلك أصدر برهامي الفتاوى ضد معتصمي رابعة والمطالبين بعودة الرئيس المنتخب، وصولا لمسرحية انتخابات السفيه عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب في 2018م، والتي لعب فيها حزب النور دورا كبيرا في الدعوة لإعادة انتخاب السفيه السيسي، طاف فيها الحزب أنحاء مصر.

وباستعراض ما سبق يتضح أن “السلفية البرهامية” التي تم استنباتها في البيئة المصرية هي ذاتها سلفية آل سعود بعد تحريفها وتطوير أساليبها، ضد حركات الإصلاح والتغيير، عن طريق استغلال الدين، فسلوك السلفية البرهامية الظاهر والخفي يشير إلى عملها مع جهاز الأمن المصري، في الحفاظ على النظام العسكري، وتثبيت دعائمه ضد أي معارض، وبقاء الولاء له والعمل على عودته حتى بعد سقوطه الظاهري.

ولهذا أكرر دعوتي لأبناء الحركة الإسلامية للتفريق بين المنهج العلمي والتطبيق العملي، فليس كل من أعلن راية السلفية صادق في دعوته، فدعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب وسلفيته بريئة من هذه السلفيات التي تم تطويرها القسري في أروقة أجهزة الأمن والمخابرات.