اليوم تحل ذكرى وفاة سليمان خاطر، جندي الأمن المركزي، الذي حمى حدود مصر من تسلل سبعة صهاينة لنقطة حراسته، وعدم استجابتهم لتحذيراته، ما اضطره لقتلهم، بينما اليوم أيضاً يشنق السفيه قائد الانقلاب عشرات المصريين، لا لشيء إلا لأنهم رفضوا انقلابا تدعمه واشنطن وتل أبيب، يقوده العسكر ويهدف إلى بيع القدس والتنازل عن سيناء، ولربما تمنى السفيه السيسي أن يشنق “خاطر” بيديه ليقدمه بنفسه قرباناً لأسياده في تل أبيب.
ولد سليمان محمد عبد الحميد خاطر عام 1961 بقرية إكياد البحرية، التابعة لمدينة فاقوس بمحافظة الشرقية، وهو الأخير من خمسة أبناء في أسرة بسيطة تعمل بالزراعة، وكان آخر الملتحقين بقوات الأمن المركزي من الحاصلين على الثانوية العامة.
في 5 أكتوبر عام 1985م، أثناء قيام سليمان خاطر بنوبة حراسته المعتادة بمنطقة رأس برقة أو رأس برجة بجنوب سيناء، فوجئ بمجموعة من المحتلين الصهاينة يحاولون تسلق الهضبة التي تقع عليها نقطة حراسته، فأطلق رصاصات تحذيرية، ثم أطلق النار عليهم، حيث إنهم لم يستجيبوا للطلقات التحذيرية.

أنصفته ثورة يناير
علي بعد نحو 10 كيلو مترات من مركز فاقوس بمحافظة الشرقية، وتحديدا عند مدخل قرية إكياد البحرية تجد لافتة كبيرة تحمل اسم وصورة البطل الشهيد سليمان خاطر.
وهي اللافتة التي لم يكن لها أي وجود قبل ثورة 25 يناير، التي أطاحت بالمخلوع مبارك، وجعلت اسم البطل يعود من جديد بعد26 عاما في طي النسيان، ولم يعد سليمان علي مجرد لافتة في مسقط رأسه، وإنما عادت قضية جندي الأمن المركزي الذي أطلق الرصاص علي مجموعة من الصهاينة فقتل 7 وأصاب 5 آخرين، وشكلت واقعة وفاته لغزا كبيرا في الثمانينيات ما بين ادعاءات بالانتحار واتهامات بالاغتيال السياسي علي يد مبارك.
وبعد ثورة 25 يناير تقدمت أسرة خاطر ببلاغ خلال أيام إلي النائب العام للمطالبة بفتح ملف القضية من جديد، واتهام المخلوع مبارك بإصدار أوامره بقتل سليمان خاطر داخل محبسه إرضاء للكيان الصهيوني، إلا أن الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي، أعاد القضية إلى صندوق التجاهل بالأمر العسكري وأهال عليها التراب.
إعدام بمشاركة “مكرم”
وفي شهادة حمدي كسكين الصديق المقرب لسليمان خاطر لجريدة «الوطن»، قال إن «وفاة خاطر كانت مدبرة»، مشيرًا إلى أنه «زاره قبل إعدامه بيوم واحد فقط، وكان يوجد معه الصحفى مكرم محمد أحمد وأحد المصورين وأستاذ الطب النفسى محمد شعلان»، لافتًا إلى أن «الأسئلة التى كان يطرحها مكرم محمد أحمد تقدم فى مدلولها الإرهاصات التى تؤكد سلفاً طبقاً لكلامه أن هناك نية لإلحاق شىء ما بسليمان، فعلى سبيل المثال سأله مكرم محمد أحمد (هل الدين الإسلامى يحلل قتل أطفال صغار؟)، حسب تصريحاته في الحوار.
ويضيف «كسكين»: «هذا السؤال أغضب سليمان لأنه لم يكن بين من قتلهم أطفال، ولكن وقتها قام المصور والتقط بعض صور لسليمان وعلى وجهه ملامح الغضب، وتم عرضها على شعلان الطبيب النفسى، وبتحليل الصور قال إن سليمان مريض نفسى ويقترب من الجنون، ما يخشى معه على حياته. وبالفعل نزل عدد مجلة المصور فى السوق وبه حوار مكرم محمد أحمد والحوار اعتمد على الصورة أكثر من الكلام، وقد تم نشر العدد بالتزامن مع وفاة خاطر».

يمهل ولا يهمل
يؤكد عبد المنعم خاطر الشقيق الأكبر للشهيد:” لابد أن تظهر الحقيقة ويتأكد الجميع أن سليمان لم ينتحر ولم يفكر يوما في الانتحار لأنه كان علي قناعة كاملة بأنه قام بأداء واجبه الوطني في حماية أمن بلده مصر حتي في آخر كلماته لي كان يؤكد أنه كان يدافع عن أمن وسلامة هذا البلد ولم يندم مطلقا علي ما فعل, وقبل وفاته بيوم واحد كانت معنوياته مرتفعة ولم تعط أي مؤشرات علي الانتحار, ولكني أؤكد أن حسني مبارك أصدر أوامره بقتل شقيقي إرضاء للكيان الصهيوني”.
مضيفًا: “لم أصدق أن سليمان فارق الحياة إلا وأنا داخل المشرحة أمام جثمانه الطاهر، وفوجئت بوجود سحجات وكدمات في مناطق مختلفة من جسده وأثار لسلك معدني حول رقبته وكان الجثمان في وضع القرفصاء وكأنه كان يحاول المقاومة، وعندها تأكدت أن شقيقي مات مقتولا داخل السجن”.
ويكمل “الحاج عبد المنعم” شريط الذكريات المؤلمة: “لم يكن أمامي سوي أن اقيم دعوي ضد الرئيس السابق ووزير الدفاع واتهامهما بقتل شقيقي داخل السجن، فأصدر القاضي حكمه ضدي أنا بالحبس شهرين مع وقف التنفيذ بتهمة التعالي علي السيادة العليا، وكل ذلك لأنني أطالب بحق شقيقي الأدبي وليس المادي فهو لم ينتحر بل قتل علي يد النظام السابق، ورغم صدور حكم ضدي إلا أنني لم أيأس ورفعت دعوي أخري وصدر ضدي حكم آخر بـ 3 أشهر إلي أن وجدت مباحث أمن الدولة تحضر إلي منزلي وتهددني بتنفيذ العقوبة اذا لم أصمت وأكف عن اقامة هذه الدعاوي القضائية ضد رئيس الجمهورية، واضطررت أمام تهديداتهم أن أستجيب لهم”.
وتتساقط دموع الشقيق الأكبر ويقول: “شاء القدر أن يطيل في عمر والدتي لتري مبارك في القفص نائما علي سريره بعد أن أصابها المرض حزنا علي وفاة شقيقي سليمان، فهو كان أصغر أبنائها والأقرب إلي قلبها، وعندما قلت لها: مبارك بيتحاكم يا أمي قالت: حسبي الله ونعم الوكيل.. يمهل ولا يهمل”.