الرقابة على الإنترنت.. العسكر يريدون أن يطفئوا الثورة بأفواههم

- ‎فيتقارير

في محاولة حتماً سيكتب لها الفشل، صدق قائد الانقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي، على قانون يقضي بتشديد الرقابة على الإنترنت في البلاد، ويمنح القانون الجديد سلطات الانقلاب حق حجب المواقع الإلكترونية إذا ما نشرت مواد تعد تهديدا “لأمن الانقلاب”، ويحظر الحديث عن الجيش أو الشرطة، أو التنديد بالقمع الذي تقوم به حكومة الانقلاب، كما يكلف القضاء الشامخ بملاحقة مواقع الانترنت، وأمر شركات الانترنت بإفشاء معلومات عن النشطاء والحقوقيين على شبكة الانترنت.

كما ينص القانون الجديد على أن الشركات مقدمة الخدمة، أو مستخدمي الإنترنت الذين يزورون مواقع تعارض الانقلاب، عن قصد أو عن طريق الخطأ دون سبب وجيه، يمكن أن يواجهوا عقوبات تصل للسجن وغرامة مالية تقدر بثلاثمائة ألف دولار، وأثارت مؤسسات معنية بحرية التعبير تحفظات على القانون باعتباره يتضمن “اتهامات واسعة يمكن توجيهها لأي مستخدم للإنترنت، قام بأي فعل على الإنترنت بالمشاركة أو الكتابة أو التعليق”.

ملاحقة الثورة

كان برلمان الدم قد أقر الشهر الماضي، قانونا مثيرا للجدل يسمح لسلطات الانقلاب بمراقبة وملاحقة مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، ووفقا لذلك القانون يعد أي حساب شخصي على مواقع التواصل الاجتماعي، أو أي مدونة، أو أي موقع على الإنترنت، يتابعه أكثر من 5000 شخص، منفذا إعلاميا يخضع لقانون عصابة الانقلاب.

وأثار القانون حينها انتقادات بعض المؤسسات المعنية بالدفاع عن حرية التعبير، إذ رأت أن هذا التشريع سيزيد من قدرة سلطات الانقلاب على القضاء على حرية التعبير والمعارضة، وكان عدد من معارضي الانقلاب قد ألقي القبض عليهم خلال الأشهر الأخيرة إذ اتهموا بنشر أخبار كاذبة على الإنترنت.

لكن سلطات الانقلاب دافعت عن القانون وقالت إن مثل هذه الإجراءات ضرورية للمساعدة في التصدي للإرهاب وكل ما يمكن أن يزعزع أمن واستقرار البلاد، وفي وقت سابق أعلن وزير الاتصالات في حكومة الانقلاب ياسر القاضي عن قرب إطلاق ما سماه “فيسبوك مصري” يسهم في الحفاظ على الأمن القومي من “الأفكار التخريبية ضد الوطن” التي تستخدم مواقع التواصل منصة للانتشار.

ويقارب مراقبون بين إعلان الوزير الأخير وتصريحات لمسئولين تواترت على مدى الشهور الأخيرة عن خطورة مواقع التواصل الاجتماعي على استقرار الانقلاب، وتسود مخاوف على نطاق واسع من أن حكومة العسكر يمكن أن تقدم على غلق مواقع التواصل، ولا سيما فيسبوك.

واصطادت شرطة الانقلاب عددا من النشطاء عبروا عن آرائهم في سياسات حكومة العسكر على فيسبوك، كما وضعت ضوابط لتسهيل معرفة هويات مستخدمي التواصل الاجتماعي، ويمثل فيسبوك هاجسا مقلقا للانقلاب، فهو الذي شهد أولى الدعوات لثورة يناير وما تلاها، وهدد السفيه السيسي منذ نحو عام ونصف العام بإطلاق كتائب إلكترونية على فيسبوك لتطويقه.

ممنوع التواصل!

وتعد مصر من أعلى دول العالم استخداما للموقع الشهير، وبلغ عدد مستخدميه في مصر حتى نهاية العام الماضي نحو 33 مليون مستخدم -معظمهم من الشباب- بحسب إحصاءات رسمية، ويمثل فيسبوك حاليا متنفسا للتعبير بعد تقليص الانقلاب مساحات الحريات والمشاركة السياسية، فباتت مشاركاتهم لمنشوراتهم على منصة التواصل الاجتماعي هذه الوحيدة المتاحة للتعبير، وشكا مستخدمون لفيسبوك في مصر مؤخرا من البطء، ويرجح أن تكون حكومة الانقلاب تتعمد ذلك في توقيتات معينة يجري فيها تفاعل كبير مع قضية ساخنة.

وأثار قرار سابق اتخذته سلطات الانقلاب بإيقاف خدمة الإنترنت المجاني التابعة لشركة فيسبوك جدلا واسعا بالأوساط المحلية والعالمية، وذلك بعد أن عقدت الشركة قبل أشهر اتفاقية مع “اتصالات” المصرية لتوفير هذه الخدمة المجانية للمستخدمين في مصر.

في هذا الإطار، أشارت واشنطن بوست الأمريكية إلى أن السفيه السيسي يواصل نهجه في تضييق الحريات على المصريين، وقالت في افتتاحيتها إن “السيسي يوجه قمعه هذه المرة إلى خدمة فيسبوك المجانية”، وأشارت الصحيفة إلى أن مصر شهدت في يناير 2011 موجة من الاحتجاجات ضد الحكومة “الاستبدادية” حينذاك، وأن الشباب المصري يشعلون الآن فيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، في ظل السياسات القمعية والاستبداد الذي يشهدونه في الوقت الحالي.

ووأضافت أن فيسبوك لم تكن تحظى سوى بحوالي 4.7 ملايين مشترك قبل نحو خمس سنوات، بينما يشترك نحو 26 مليون مصري بخدمة فيسبوك المجانية في الوقت الراهن أو ما يشكل أكثر من 30% من عدد السكان، وواصلت واشنطن بوست بالقول إنه لا عجب أن يهاجم السيسي خدمة الإنترنت المجانية، خوفا من تكرار ثورة يناير.