تداول ناشطون عبر الإنترنت، مقطع فيديو قد يفسر لغز اختفاء جثة الكاتب الصحفى السعودى جمال خاشقجى، والذى قتل فى قنصلية بلاده بالعاصمة التركية إسطنبول.
وبحسب المقطع، فقد نشرت قناة “إيه هابير” التركية مشاهد لفريق الاغتيال وهم ينقلون 5 حقائب وكيسًا أسود إلى منزل القنصل السعودى. وبحسب الموقع التركي فقد تمت العملية فى تمام الساعة 3.05 عصرًا، أى بعد الجريمة بساعتين، ما يرجح بقوة احتواء الحقائب على جسد “خاشقجى” بعد تقطيعه.
وكشف التقرير أيضا عن أن عملية النقل تمت بواسطة “سٍيارة مينيبوس” سوداء اللون تابعة للقنصلية السعودية، قادها عضو فريق الاغتيال ذعار الحربى، السيارة دخلت إلى المرآب “الجراج”، فسارع أعضاء فريق الاغتيال بالخروج لاستقبالها.
لكن ماهر مطرب انتظر بالسيارة نحو 3 دقائق، ثم خرج منها فى الساعة 3.09، وتوجه فورا إلى المرآب “الجراج”.
وكشف المقطع المثير، قيام خالد الطيبى بجر الحقيبة الأولى ودخل إلى المنزل، وتبعه عبد العزيز الحساوى بحقيبتين، ثم مشعل البستانى بحقيبتين وكيس أسود، وفق ما يظهر بالمقطع، لتنتهى عملية نقل الحقائب المشبوهة خلال دقائق.
وحتى هذه اللحظة لا تزال السعودية تنكر معرفتها بمصير الجثة، وتقول إنها سُلمت إلى متعاون محلى، وطالبت تركيا مرارًا بالكشف عن هويته لكن دون جدوى.
شركة إيطالية تعاونت مع الرياض في جريمة قتل خاشقجي
فى سياق متصل، تدور شكوك حول دور محتمل لشركة إيطالية تدعى “هاكينغ تيم”، تعاونت مع حكومة الرياض في قضية قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بقنصلية بلاده في إسطنبول، بالثاني من أكتوبر الماضي.
جاء ذلك في تساؤل طرحه الصحفي الإيطالي جانكارلو كالزيتا، ضمن مقال نشره على موقع “Il Sole 24 Ore”، وينطلق من تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، بتوقيع “ديفيد إغناتيوس”.
ويستنتج “كالزيتا” أنه “من المحتمل أن يكون لـ(هاكينغ تيم) دور في الأحداث التي أدت إلى مقتل خاشقجي”، معتبرا أن “هذا الدور في الواقع، انطلق منذ زمن طويل، ويبدو أنه توقف قبل أن تنزلق العملية إلى جريمة القتل”.

ويشير المقال إلى بداية الاتصالات بين الشركة الإيطالية والحكومة السعودية، إذ يستند إلى ما يُظهره البريد الإلكتروني للشركة، والذي تعرَّض للقرصنة في 2015، وأنه متوافر حاليا على موقع “ويكيليكس”.
ويوضح أن “أول اتصال مع السعودية حدث في 2012، عن طريق (المستشار السابق) سعود القحطاني”، لافتا إلى أنه لم يكن سريا؛ “فالقحطاني كان يكتب من عنوانه الإلكتروني الرسمي الحكومي”.
والقحطاني كان يعمل مستشارا في الديوان الملكي قبل أن تتم إقالته من منصبه، بعد اعتراف السعودية بقتل خاشقجي، عقب 18 يوما من الجريمة، بسبب دوره في العملية التي هزت الرأي العام العالمي.
وأشار الصحفي الإيطالي إلى أن “القحطاني طلب تحديد لقاء للحصول على برامج قادرة على مساعدة حكومته في محاربة الإرهاب، وفيما بعد، كان سيطلب قائمة كاملة بالخدمات المقدَّمة، من أجل إطلاق تعاون طويل ومثمر”.
وبحسب المقال، فإن “هاكينغ تيم” لم تكن الشركة الوحيدة التي اتصل بها السعوديون لإنشاء هيكل “الدفاع السيبراني” الخاص بهم، فحتى الشركة الإسرائيلية “NSO” كانت متورطة، إضافة إلى شركة “Q Cyber Technology”.
والشركة الإسرائيلية، وفق المقال، تواجه دعوى قضائية، لأنها- على ما يبدو- الأكثر تورطًا في التجسس الذي أدى إلى مقتل خاشقجي على يد فريق مكون من 18 شخصًا.
وعاد الصحفي الإيطالي إلى عام 2013؛ عندما اقتنت أجهزةُ استخبارات عربية من “هاكينغ تيم” أدوات قادرة على اختراق أجهزة IOS، في حين تم في 2015 توريد أدوات صُممت لاختراق أجهزة أندرويد.
وقال أيضا: “أصبح القحطاني شخصية أكثر تأثيرا في البلاط الملكي السعودي، مع ارتباطه أساسا بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ودفعه إلى أن يجعل حرب الدفاع السيبراني منطلقاً لزيادة نفوذه”.
ولفت إلى أن عام 2015 شهد توقيع تبادل رسائل إلكترونية أخرى بين القحطاني وشخصيات بارزة من الشركة (لم يحددها)، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن “هاكينغ تيم” واجهت صعوبات مالية أدت إلى بيع 20% من أسهمها لشركة مالطية يترأسها رجل أعمال مقرب من عائلة القحطاني.
برغم ذلك، لا أدلة على أن “هاكينغ تيم” واصلت توفير البرامج للحكومة السعودية، التي كانت تمضي في بحثها عن أسلحة سيبرانية أكثر قوة؛ وهو ما دفعها للتعامل مع “دارك ماتر-Dark Matter”، وهي شركة إماراتية ذات إمكانات تكنولوجية متقدمة.
واستنتج الصحفي الإيطالي أن “مشاركة (هاكينغ تيم) لم تكن في المرحلة النهائية للعملية، بل ارتبطت خاصة بالمرحلة الأولى، التي كانت فيها الحكومة السعودية تضع اللبنات الأولى لهيئتها الخاصة بالدفاع السيبراني”.
وأشار إلى “جولة لصحفيِّين في المركز الرقمي لمكافحة التطرف من خلال الإنترنت، حيث شاهدوا جيشاً من التقنيين يمشطون مواقع التواصل (..). إنه نظام إلكتروني يعمل على مدار الساعة، بنسبة خطأ ضئيلة، وقد حلل أكثر من 1.2 مليون تغريدة وإعادة تغريد على تويتر”.
وعبَّر الكاتب عن قلقه، متسائلاً عن إمكانية تحوُّل هذا المركز إلى أداة لقمع المعارضين، ومدى إسهام برامج الشركة الإيطالية في التجسس على خاشقجي، ثم يجيب: “بالتأكيد، فإن سلوك الشركة في الماضي كانت له عواقب ثقيلة”.
واختتم مقاله بالإشارة إلى أن 40 حكومة اقتنت برامج من الشركة، وهو عدد غير قليل، واستعملتها لغايات قمعية، مثل إثيوبيا ومصر والمكسيك والسودان والإمارات.