الإنسان أولاً.. لماذا تتجاهل هاشتاجات المدنيين حقوق الإسلاميين؟

- ‎فيتقارير

كان وصول رئيس مدني ملتح يمثل التيار الإسلامي إلى مقعد الحكم كارثة مثلت بلا شك هزة نفسية داخل الجيش، الأمر الذي مثل أحد المحاور النفسية التي قدم بها السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي نفسه، فبالنسبة لهم، كان يمثل رمزا لاستعادة سيطرة الجيش على الحكم، التي لم تنقطع منذ انقلاب 1952.

أمريكا سقطت والاتحاد الأوروبي سقط وكل المقولات الليبرالية التي تدعي التمسك بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة سقطت أيضا، وبات واضحا أن الليبرالي في مفهوم الغرب هو الذي يتخلى عن عقيدته وقيمه ومبادئه، ويتبنى المبادئ الغربية التي تضعها واشنطن ومحافظوها الجدد.

حتى إن الدكتور محمد البرادعي احد منتوجات هذه الليبرالية الغربية ودعاتها يكشف في حديث لصحيفة “نيويورك تايمز” انه اتصل بجون كيري وزير الخارجية الأمريكي، وكاثرين اشتون مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي من اجل تأييد الانقلاب العسكري، الذي كان احد ابرز المتآمرين للإعداد له، وأيد البرادعي الليبرالي إغلاق ست قنوات تلفزيونية متعاطفة مع التيار الإسلامي.

العنصرية في الحقوق

وبعد الانقلاب في 30 يونيو 2013، دارت آلة القتل والاعتقالات العسكرية تنهش في جسد المصريين، قتل 5000 آلاف دفعة واحدة في يوم مجزرتي فض رابعة والنهضة، واعتقل أضعاف هذا الرقم على مدار السنوات الخمس الماضية، حتى وصل عدد المعتقلين إلى 60 ألف معتقل سوادهم من الإسلاميين، وجد هؤلاء المعتقلين شحاً في الهاشتاجات التي تخرج وتبرز قضيتهم، في مقارنة مع من اعتقل بعد ذلك من نشطاء وسياسيين أيدوا الانقلاب وانقلب عليهم السفيه السيسي فيما بعد.

يقول الناشط الصحفي حمدي مختار:” هل تلاحظ أن العنصرية أصبحت تحكم تصرفات البعض ! أصبحت التفرقة واضحة بين هذا وذاك أصبحت المرجعية والايدلوجيه هي من تتحكم حتى في مجرد الحديث عن احد المظلومين فما بالك وان تكون سيده أو فتاه ؟”.

مضيفاً : “ربما يكون النقاب هوا السبب ! ربما تكون مرجعيتها الاسلاميه السبب ! كلا يطالب بحرية من له متناسين أن الحدث جلل وأننا جميعا سواسية أرفض أن تتحكم الشلليه في تصرفاتنا اطلب بحريه من لك ولكن لا تنسي أن الجميع فى الظلم واحد ! الحرية للمنسيه دائما الحرية لشرين بخيت”.

وربما كان أهم ما ميز سنوات الانقلاب وحتى الآن هو أنها محت مرحلة ما قبل 30 يونيو بكل رموزها، وحولتها إلى رماد، ويمكن القول إن الانقلاب كان يعمل في اتجاهين، اتجاه تدمير هياكل الحركات الإسلامية، وهو هدف يظهر الآن بوضوح أنه كان على رأس أجندة داعمي الانقلاب، وفي الوقت ذاته لم يتحقق هذا دون خسائر على حلف الانقلاب نفسه، فأخذ يتآكل، والمشكلة الحقيقية ليست في تآكل حلف الانقلاب، فهذه نتيجة طبيعية، لكن الأعظم أثرا هو تلف البيئة السياسية وتشقق الواقع.

اعتقال مؤيدي السيسي

وشنت سلطات الانقلاب الأسبوع الماضي، حملة اعتقالات طالت معارضين وأكاديميين ونشطاء على رأسهم مساعد وزير الخارجية الأسبق، معصوم مرزوق، الذي دعا قبل أسابيع إلى إجراء استفتاء على استمرار الانقلاب بقيادة السفيه السيسي، والأكاديمي يحيى القزاز، والخبير الاقتصادي رائد سلامة، والناشط سامح سعودي، والناشطة نرمين حسين، والناشط عمرو محمد، والناشط عبد الفتاح سعيد.

ووجهت سلطات الانقلاب لهم اتهامات في القضية رقم 1305 لسنة 2018 حصر أمن دولة عليا، وهي “مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أهدافها، وتلقي تمويل بغرض إرهابي، والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جريمة إرهابية”، ماعدا الناشط عمرو محمد المتهم بالانضمام لجماعة إرهابية، وتلقي تمويل، والاشتراك في اتفاق جنائي.

وترى أستاذة العلوم السياسية في جامعة القاهرة، مؤسِّسة “مركز الحضارة للدراسات”، الدكتورة نادية مصطفى، أن حصول الانقلاب في الثالث من يوليو 2013، لا يعني فشل ثورة يناير، بل تجديداً للثورة واستكمالاً لها، وتعتبر أن أخطر ما فعله السفيه السيسي، هو أنه جعل جماعة “الإخوان المسلمين”، وهم جزء من الشعب، في مواجهة الشعب.

وتشير مصطفى، إلى أنه “يعتبر هذا انتصاره الأكبر، لينتزع الجذور الإسلامية الحركية السياسية السلمية، ويوجه لها ضربة يريدها أن تكون نهائية ويجعلها الوجه الآخر للحركات المسلحة التي تقوم بعمليات إرهابية في سيناء”، كما توضح أن “المبادئ العشرة التي تضمنتها وثيقة بروكسل، يمكن البناء عليها لتحقيق تحالف سياسي”، مؤكدة على “ضرورة حسم كافة الأمور المتعلقة بمرحلة ما بعد كسر الانقلاب، منها مسألة عودة الرئيس محمد مرسي، بين شركاء المقاومة قبل كسر الانقلاب”.

المشكلة في مرحلة ما بعد السفيه السيسي هي أن الواقع السياسي أصابه الجفاف الشديد والإرهاق، وأصبحت الأطراف كلها تستلقي على ظهرها لاهثة، تكاد صدورها تتمزق من اللهاث، ويأتي الصمت عن سلسلة الاعتقالات التي تتزامن مع سوء أوضاع سجناء الإسلاميين، خاصة المتواجدين في سجون العسكر بالعقرب وطرة، فهم محرومون من كافة حقوقهم وممنوع أي اتصال مع ذويهم فالزيارات ممنوعة تماما؛ ما دعا الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، لإعلان إضرابه عن الطعام منذ أول رمضان، خاصة أنه لم ير أسرته منذ أكثر من سنة ونصف.