بعد حرمانهم من اللحوم الطازجة والدواجن بسبب غلاء الأسعار وفشل حكومة الانقلاب في السيطرة على الارتفاع الجنوني للأسعار، “ركب السمك القطر السريع وطار”، ولحق باللحوم والدواجن، وارتفعت أسعاره بشكل جنوني ومفاجئ.
وأصدرت هيئة الثروة السمكية التابعة لحكومة الانقلاب، أمس الأحد، قرارا بفرض رسوم صيد مقابل استغلال الصيادين للمسطحات المائية بالبحرين المتوسط والأحمر، والتي قُدرت بفرض مبلغ جنيه واحد عن كل كيلو سمك يتم صيده.
وأقرت سلطات الانقلاب القرار رقم 189 لعام 2018، الذي تضمن مبلغ عشرة جنيهات عن كل حصان للمركب سنويًا عند تجديد ترخيص الصيد، وأكد القرار تحصيل 50 جنيهًا يوميًا من كل مركب بالميناء.
حكومة الانقلاب- بحسب اقتصاديين وتجار أسماك- برروا ارتفاع أسعار السمك لأسباب عديدة، أهمها لجوء الدولة لتصدير السمك خصوصا البوري والبلطي، “من أكثر أنواع الأسماك استهلاكا لدى المصريين”، بالعملة الصعبة لتوفير الدولار، ما أدى إلى نقص كميات كبيرة من الأسماك وارتفاع أسعارها.

الجيش يدمر الثروة السمكية
وبحسب مراقبين، جاءت أزمة ارتفاع أسعار الأسماك بعد أشهر قليلة من اقتحام الجيش قطاع الثروة السمكية، وافتتاح قائد الانقلاب السفيه عبد الفتاح السيسي مشروع الاستزراع السمكي شرق قناة السويس، أواخر ديسمبر الماضي.
وقالت حكومة الانقلاب حينها، إن هذا المشروع يعد الأول في مصر من حيث الاستزراع البحري في المياه المالحة، ومن أكبر نماذج الاستزراع السمكي في العالم، خصوصا أنها المرة الأولى في تاريخ القوات المسلحة تعلن عن تأسيس “الشركة الوطنية للاستزراع السمكي والأحياء المائية” في يناير 2015، وبرأس مال مبدئي مليار جنيه.
وقال د.عبد التواب بركات، أستاذ الاقتصاد الزراعي، إن الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، بمجرد إعلان القوات المسلحة عن إنشاء الشركة الوطنية للاستزراع السمكي، تعرضت لمؤامرة من الحكومة بتجفيف مواردها المالية، مشيرا إلى أن وزارة التخطيط خفضت ميزانية الهيئة في الخطة الاستثمارية من 160 مليون جنيه في موازنة 2015/2014 إلى 120 مليون جنيه في موازنة 2016/2015، ثم إلى 38 مليون جنيه في موازنة العام الحالي، على الرغم من طلب الهيئة 438 مليون جنيه بخطة الموازنة الجديدة.
وأشار إلى أن الانقلاب قام كذلك بإلغاء الصندوق القومي لدعم إمكانيات هيئة الثروة السمكية، والذي كان المفتاح السحري الذي يساعدها في ممارسة عملها، حسب تصريح رئيس الهيئة في جريدة “الأهرام” بتاريخ 25 يونيو 2016.
وقامت وزارة النقل في حكومة الانقلاب بوقف عمل تراخيص مراكب الصيد على الحدود، إضافة إلى عدم اهتمام وزارة الزراعة بالثروة السمكية، فضلا عن رفض وزارة الرى تطهير البحيرات والبواغيز وإزالة التعديات عليها، وكلها أسباب ساهمت في تدمير الثروة السمكية وأدت إلى قلة الأسماك في البحيرات، وبالتالي زيادة الأسعار.

بلطجة عسكرية
في عام 2010، خصص المخلوع مبارك نصف مساحة المزارعين تقريبا، 12520 فدانا، لصالح المدينة المليونية شرق بورسعيد (قرار جمهوري رقم 222 لسنة 2010)، وحاولت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة نزع ملكية الأراضي من الهيئة العامة للثروة السمكية وطرد المزارعين، لكن قيام ثورة يناير وتولي الدكتور مرسي الحكم حال دون تنفيذ هيئة المجتمعات العمرانية قرار المخلوع مبارك.
ومع إصرار العسكر على الاستيلاء على الأرض بعد انقلاب 3 يوليو، أصدر رئيس مجلس وزراء السيسي قرارا (رقم 1115 لسنة 2015) بإعادة تخصيص مساحة 19751 فدانا بمنطقة شرق التفريعة شرق بورسعيد لصالح جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة، مجانا وبدون مقابل، لاستخدامها في مشروعات الاستغلال السمكي، رغم أن هذه الأراضي مملوكة للدولة ملكية خاصة وتتبع الهيئة العامة للثروة السمكية، وهي المنطقة التي يقوم الصيادون باستزراعها منذ عشرين عاما ولم يتخلفوا عن سداد حق الدولة في الانتفاع بالأرض يوما واحد!.
ورغم استغاثة مستأجري المزارع السمكية بـالرئاسة، ونقلت صحيفة روزاليوسف استغاثتهم مرتين خلال 2015، في يناير وأغسطس، استولى الجيش على المنطقة وأبلغ اللواء حمدى بدين، رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية لتنمية الثروة السمكية المغتصبة للأرض، المنتفعين بأن الجيش والأجهزة السيادية تحصر وترسم حدود المزارع السمكية شرق بورسعيد وفق قرار جمهوري أصدره السيسي (رقم 330 لسنة 2015)، الصادر لتعديل القرار الجمهوري (222)، وإنشاء المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بمساحة 460 كلم لتشمل منطقة الاستزراع السمكي شرق بورسعيد، وبطبيعة الحال فليس لدى المنتفعين قوة تقف أمام هذا الجيش الكاسح والنسر الجارح واختفى صوتهم في الإعلام تماما!.