تطورات قضية “خاشقجي”.. “بن سلمان” مرعوب من خطوة أردوغان المفاجئة

- ‎فيعربي ودولي

حالة من الرعب تنتاب ولي العهد السعودي المثير للجدل محمد بن سلمان، في أعقاب الخطوة المفاجئة التي يصمم عليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في ظل تأكيد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اليوم الخميس 24 يناير 2018م، أن الوقت حان لإجراء تحقيق دولي في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، موضحًا أن الرئيس رجب طيب أردوغان أمر بنقل القضية إلى مستوى دولي.

ومنذ مقتل خاشقجي بسفارة بلاده في إسطنبول، في 2 من أكتوبر 2018، لوّحت تركيا أكثر من مرة بتحويل القضية إلى تحقيق دولي، وفي الوقت الذي كانت تدفع فيه الرياض للتعاون معها بشكل أكبر في القضية، إلا أن الأخيرة لم تفعل ذلك. لكن الجديد أن أنقرة حوّلت تهديداتها هذه التي ظلت تطلقها منذ أشهر، إلى عزم يبدو أنه جدّي، بالشروع في تحقيق دولي.

وبحسب تصريحات أوغلو، فإن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مصرٌّ على تدويل قضية مقتل الصحفي “جمال خاشقجي” في مقر القنصلية السعودية بمدينة إسطنبول التركية، مطلع أكتوبر 2018م الماضي. وقال جاويش أوغلو، في مقابلة مع قناة الخبر التركية: إن أردوغان أمر باتخاذ الاستعدادات اللازمة لنقل القضية إلى مستوى دولي، وإنّ مقررًا خاصًّا من الأمم المتحدة سوف يزور تركيا الأحد المقبل في إطار بحث قضية خاشقجي.

وفي أواخر العام الماضي، أطلعت تركيا الولايات المتحدة على ما توصلت إليها تحقيقات النيابة العامة التركية، وأكدت أنقرة مرارًا أن الأمر صدر عن أعلى المستويات من السلطات السعودية، وأن فريق الاغتيال السعودي لم يتصرف من تلقاء نفسه. كما طالبت تركيا السعودية بتسلميها المتهمين باغتيال خاشقجي كي يمثلوا أمام المحاكم التركية.

وكررت السلطات التركية هذا الطلب بعد إعلان الرياض، مطلع الشهر الحالي، عن بدء محاكمة 11 متهمًا، بينهم خمسة طلبت النيابة العامة السعودية الحكم بإعدامهم، بيد أن المحاكمة قوبلت بالطعن في نزاهتها من دول ومنظمات.

عقبتان في الطريق

وبحسب مراقبين، فإن هناك عقبتين في طريق تركيا نحو تدويل قضية خاشقجي:

العقبة الأولى تتمثل في موقف البيت الأبيض المدافع عن ولي العهد السعودي بكل الوسائل، حيث يرى مراقبون أن قضية خاشقجي لا يمكن النظر إليها على أنها قضية سعودية-تركية، فبغض النظر عن العلاقة المشحونة بين الطرفين، فإن الخلاف في هذا الملف الآن هو بين القيادة السعودية والرأي العام الدولي بأكمله. إذ أن الكونغرس الأمريكي يستعد أيضا للمطالبة بتحقيق دولي في القضية، وذلك بحسب ما ذكرته مجلة فورين بوليسي قبل أيام، نقلا عن مصدر في الحزب الديمقراطي، قال: «من المرجح أننا سنشهد صيغةً ما لمشروع قانون يعبّر على الأقل عن إحساس الكونغرس بأنه يجب أن يكون ثمة تحقيقٌ دولي من قبل الأمم المتحدة في قضية مقتل خاشقجي، أو شيء بهذا المعنى».

ورغم تأييد أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيِّين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي إجراء تحقيق مستقل من قبل الأمم المتحدة، فإن البيت الأبيض ما زال يعيق مساعيهم، لأنه يدعم وبشكل كامل، ولي العهد السعودي. ويقول النائب الديمقراطي في مجلس الشيوخ باتريك ليهي، إن «تحقيقا تجريه الأمم المتحدة قد يمثِّل أفضل أمل في تحقيق العدالة». أما العضو الديمقراطي الآخر إد ماركي، فقد قال إنه يفكر في إرسال رسالةٍ يطالب فيها الأمينَ العام للأمم المتحدة بإجراء تحقيق، إذا استمرت حالة التجاهل الرسمي للقضية، لكن الإدارة الحالية تتعامل بحساسيةٍ مفرطة مع تحميل الحكومة السعودية مسئوليةَ أي شيء»، بحسب المجلة الأمريكية. هذا التردد الأمريكي في القضية ربما يدفع أنقرة للتصعيد مجددًا فيها، بعد أن انتظرت فترة كافيةً لتحرك الكونجرس، ولكن هل سيكون ذلك عبر بوابة الأمم المتحدة؟

مفاوضات دبلوماسية

العقبة الثانية تتمثل في ضرورة خوض تركيا مفاوضات دبلوماسية مكثفة مع أعضاء مجلس  الأمن، ويرى الخبيرُ التركي في العلاقات الدولية جلال الدين توران، أن أمام أنقرة معركة دبلوماسية كبيرة وليست سهلة، مشيرا إلى أنه على تركيا إقناع دول أخرى بطلب تشكيل لجنة دولية مشتركة للتحقيق في قضية خاشقجي.

وأوضح أن لتركيا حقًا في طلب تحقيق دولي؛ لأن جريمة قتل خاشقجي أخلّت باتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية بين الدول. ويشير توران إلى أن أنقرة ربما سيكون أمامها وقت طويل للوصول لمبتغاها، لكنها ستستمر في الضغط باتجاه كشف الحقيقة كاملة، ضمن لجنة تحقيق دولية تدين قتلة خاشقجي الحقيقيين. وفي رد على سؤال عن خيارات تركيا إذا لم تستطع النجاح في إقناع دول أخرى بتدويل القضية، يرى توران أن أنقرة أشارت أكثر من مرة إلى أن لديها أدلة عدة خطيرة على تورط رءوس كبيرة من «أعلى المستويات» بالقيادة السعودية في الجريمة، وربما تضطر إلى الكشف عنها إذا لم تجد تجاوبًا دوليًا مع مطلبها، لكن ذلك غير وارد الآن، بحسب رأيه.

الأمم المتحدة

في سياق متصل، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس، الأسبوع الماضي، أنه لا يستطيع فتح تحقيق من تلقاء نفسه في جريمة مقتل خاشقجي، وأضاف جوتيريش، في مؤتمر صحفي بالأمم المتحدة، أنه «ليس لدي الحق في فتح تحقيق، هناك التباس كبير بين ما يمكن أن يفعله الأمين العام وما لا يستطيع أن يفعله».

وأردف بالقول: «الأمين العام لا يمكنه إطلاق تحقيق جنائي، أستطيع القيام بذلك بطلب من مجلس الأمن إذا وجد أنه يوجد تهديد للأمن، وفي بعض الحالات الأخرى بطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة». وتابع: «أنا لست الشخص الصحيح لفتح تحقيق جنائي، ولم يُقدم لي أي طلب رسمي لفتح تحقيق من أي دولة من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة».

لجنة تحقيق دولي

وإزاء هذه المعطيات؛ يكشف وزير الخارجية التركي عن أنه حان الوقت لفتح تحقيق دولي، لافتا إلى أنه يجب أن يصدر القرار بفتح تحقيق أممي عن مجلس الأمن الدولي، ولكن تركيا لا تعتقد أن هذا المجلس بتشكيلته وصلاحياته وحق النقض الممنوح للدول الخمس دائمة العضوية أن يُصدر قرارًا كهذا من أجل كشف الحقيقة وإقامة العدل.

وبحسب تصريحات أوغلو، فإن تركيا لجأت إلى خيار آخر عبر تشكيل لجنة خاصة بكشف الحقائق من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، أو المفوض العام لحقوق الإنسان. وأضاف جاويش أوغلو أنه يمكن أن يشمل نطاق عمل هذه اللجنة كلا من السعودية وتركيا ودولة ثالثة إذا دعا الأمر.

واتهم الوزير التركي دولًا- لم يسمها- بمحاولة التستر على جريمة قتل خاشقجي، وأضاف الوزير في كلمة ألقاها، الإثنين الماضي، بمجلس الشباب في بلدية إسطنبول، أن الاستراتيجية التي اتخذتها أنقرة أجبرت السعودية على الاعتراف بجريمة اغتيال خاشقجي داخل قنصلية المملكة بإسطنبول، في 2 أكتوبر الماضي. وتابع أن بلاده تصرفت في التحقيق الذي قامت به انطلاقا من مبادئها، متهمًا الدول الغربية بأنها تحاول التستر على الجريمة.