في مثل هذا اليوم، العاشر من شهر رمضان الكريم عام 1973 ميلادية، انتصرت مصر حين قالت “الله أكبر”، وسقط أتاتورك العرب جمال عبد الناصر، وعبرت القوات المصرية قناة السويس، وحطَّمت خط بارليف، وكبَّدت قوات الاحتلال الصهيوني خسائر فادحة، وألحقت بها هزيمة أفقدت الصهاينة توازنهم وكسرت غرورهم، واستمرت الحرب حتى تم وقف إطلاق النار في آخر أكتوبر من نفس العام، وبدأت معها مفاوضات فك الاشتباك، وصولا إلى معاهدة الاستسلام المشئومة والتنازل عن السيادة في سيناء.
ويعقد المراقبون مقارنة دائمة بين الطاغيتين مصطفى كمال أتاتورك وجمال عبد الناصر، وتصل المقارنة إلى أن جمال عبد الناصر هو “أتاتورك العرب”، وأن سياساته كانت مطابقة لسياسات أتاتورك في العداء للإسلام، ومحاربة التدين.
ويعتبر عبد الناصر أبرز الضباط الأحرار، وثاني رؤساء مصر عقب انقلاب 23 يوليو 1952، الذي أطاح بالملك فاروق، الذي استولى على السلطة بعد الانقلاب على الرئيس محمد نجيب من سنة 1954، إلى وفاته سنة 1970، وتراجَعَ مؤيدوه عن أبرز شعاراتهم وهى الكرامة العربية، في تأييد كيان العدو الصهيوني واتفاق القرن الذي أبرمه قائد الانقلاب الثاني السفيه عبد الفتاح السيسي، بينما يصفه معارضوه بالمستبد الذي امتلأت السجون في عهده، ويراه البعض متهماً بـ«الإلحاد».
الخديعة الناصرية
يقول الكاتب الصحفي والمؤرخ صلاح الإمام: “تشرَّبت حب عبد الناصر منذ وعيت للدنيا.. من الأسرة البسيطة والجيران البسطاء محدودى العلم والمعرفة.. ومن شيخ الكتاب، ومن المعلمين فى المدرسة، ومن كتب المدرسة.. حتى أصبح ذلك الحب جزءًا من تكوينى تحمله جيناتى!”.
مضيفا “كنت أعلق صوره فى كل ركن، حتى حقائبى كنت أضع بداخلها صوره .. وميدالية المفاتيح كانت عبارة عن عملة تذكارية مكتوب عليها شعار حزب البعث (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة)، وفى قلبها صورة عبد الناصر.. كثيرا ما تشاجرت مع من يتكلمون ضده، وخسرت كثيرين لأنهم كانوا يقدحون فيه.. وصممت آذاني عن سماع أى كلمة ضده”.
وتابع: “وكنت كناصرى أعادى بشدة كل التيارات الإسلامية وفى مقدمتها الإخوان، وأردد ما أسمعه: يأخذون الدين وسيلة وليس غاية.. ولما ظهرت جريدة “صوت العرب” الناصرية أواخر عام 1986، كنت من أوائل العاملين بها، وكنت أفخر بذلك وأشعر بانتمائى إليها أننى حققت كل أحلامى”.
ناصر والانقلاب
وأوضح الإمام: “سعيت لمقابلة أغلب رموز العهد الناصرى من خلال صوت العرب، ومن هؤلاء: ثروت عكاشة، مصطفى الجبلى، أمين هويدى، إسماعيل صبرى عبد الله، وكثيرون غيرهم. ثم توجت ذلك بأن التصقت بالسيد حسين الشافعى، نائب رئيس الجمهورية وعضو مجلس قيادة الثورة، ونشرت مذكراته فى جريدة العرب اللندية على مدى عامين، ثم صدرت فى كتاب من طبعتين بالقاهرة وبيروت ودمشق”.
وأكد “كنت أهب فى وجه من يتفوه بلفظ ضده.. وظللت فى ضلالى حتى قرر المجلس العسكرى حل مجلس الشعب المنتخب قبل إعلان الفوز النهائى للدكتور محمد مرسى فى يونيو 2012.. كان هذا الحدث (حل أول برلمان منتخب بنزاهة فى تاريخ مصر) هو الصدمة التى أفاقتنى وبدأت أراجع نفسى وأعيد تحقيق كل ما تشربته لأكتشف كم الضلال الذى كنت عليه”.
جدير بالذكر أن الجيش المصري انتصر بالعودة إلى الله أولا، ثم بهزيمة جيش الاحتلال الصهيوني، واستطاع أن يعيد لمصر فرحتها وكرامتها من جديد، وأن يحول مرارة كأس هزيمة 67 التي ورطه فيها أتاتورك العرب عبد الناصر إلى ملحمة انتصارية.
ونجح الجيش المصري في اختراق خط بارليف خلال ست ساعات فقط من بداية المعركة، كما منع قوات الاحتلال الإسرائيلية من استخدام أنابيب النابالم بخطة مدهشة، واستطاع الجيش المصري أن يحطم أسطورة جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يقهر، في سيناء المصرية، واسترد الجيش المصري قناة السويس وجزءًا من سيناء، إلا أن السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي قلب النصر هزيمة لاحقا، وباع سيناء في اتفاق القرن للصهاينة كما باع جزيرتي تيران وصنافير.
