كان الروائي الإنجليزي “جورج أور ويل”، مؤلف رواية مزرعة الحيوانات على حق حين كتب مقالاً عن الرياضة والسلام بين الشعوب، فند بذلك أقوال بعض الناس بأن الرياضة تقرب وتقوي العلاقات بين الشعوب، لأنها أصبحت في الواقع مصدرًا لإثارة مشاعر الكراهية وتوتير العلاقات بين الشعوب في بعض الأحيان كما يحدث الآن بين المصريين والسعوديين أو بين المصريين وشعب الإمارات.
وأثارت أزمة وزير الرياضة السعودي “تركي آل الشيخ” مع النادي الأهلي المصري، وتمنيه إصابة اللاعب الدولي “محمد صلاح” قبل بدء بطولة كأس العالم، ما حدث من توتر في علاقات الشعبين المصري والجزائري، ففي أعقاب مباريات منتخبي البلدين في تصفيات كأس العالم لكرة القدم عام 2010، لعب الإعلام دورًا محرضًا، خصوصًا الرياضي، واعترف الإعلامي أحمد شوبير أنه كان ينفذ تعليمات جهاز أمن الدولة خلال أزمة مصر والجزائر، على خلفية التصفيات الإفريقية المؤهلة لكأس العالم 2010.
اعترافات شوبير
كما توجد حالة أخرى لا تقل شهرة وإن كانت أقدم بنحو ثلاثة عقود، وهي أحداث دورة ألعاب البحر المتوسط التي استضافتها الجزائر عام 1980 وما شهدته من أحداث مؤسفة في بعض المنافسات بين فرق مصرية وفرق من دول عربية أخرى، وهي الدورة التي أجريت بعد أشهر من توقيع معاهدة الاستسلام بين السادات وإسرائيل في 26 مارس 1979، وما خلفته من آثار سلبية على العلاقات بين مصر والعديد من الدول العربية آنذاك.
وكما يقول الخبير الفرنسي “باسكال بوني فيس” في مقال عنوانه “الجغرافية السياسية للرياضة”، فإن الرياضة قد تنعش مشاعر الأخوة في العلاقات بين الشعوب أو العكس، كما في مباراة كرة القدم أثارت مشاعر الكراهية بين شعبين عربيين كمصر والسعودية، أو مصر والجزائر وبات من الواضح أن لقاءات منتخب مصر ومنتخب الجزائر في كرة القدم تصاحبها أحداث مؤسفة كما حدث في لقاء الفريقين في استاد القاهرة يوم 14 نوفمبر 2010 ، قبل ثورة 25 يناير، حادث الاعتداء على الحافلة التي تقل الفريق الجزائري، وما تبعها من أحداث في مدينة أم درمان السودانية.
وقال شوبير في تصريحات لإحدى الفضائيات “جاءتني مكاملة من أمن الدولة إما أن تكون في هذا الاتجاه وإما أن تحزم حقائبك وتذهب”، وقال أن المخلوع مبارك كان في مجلس الشعب، وقال “إن كرامة مصر”، فيما طالب أحد المتواجدين من مبارك إعادة هذه الجملة.
وفي الأزمة السعودية المصرية الأخيرة، رد رئيس هيئة الرياضة السعودية “تركي آل الشيخ” على التعليقات التي ربطت بين إصابة محمد صلاح في مباراة نهائي دوري أبطال أوروبا أمام ريال مدريد وتصريحاته السابقة عن أمنياته بعدم مشاركة صلاح مع المنتخب المصري أمام السعودية في كأس العالم.
تركي يتراجع
وقال “تركي آل الشيخ”، في مداخلة عبر الهاتف، مع الإعلامي المؤيد للانقلاب وائل الإبراشي في برنامج العاشرة مساء، إنه “واضح أن الجهات التي تحركت في هذا الموضوع لا تتمنى الخير لمصر ولا المملكة العربية السعودية، وهي بعض الأحزاب المعروفة وبعض الدول أشباه الدول”.
وأضاف: “أنا سعودي أعتبر نفسي مصريًا، وهناك روابط تاريخية وروابط نسب بين مصر والسعودية، وحاربنا سويًا وكنا سويًا على الحلوة والمرة على مر التاريخ، ولن نلتفت لهذه الأشياء”، وتساءل مستنكرًا: “بالعقل، هل سينسق تركي آل الشيخ مع سيرجيو راموس لإصابة محمد صلاح؟!”.
وعن أزمته مع النادي الأهلي، قال تركي آل الشيخ إن الخلاف بينه وبين مجلس الإدارة وأنه “لا يمن” على النادي، وأضاف: “لا يمكن أن أخطأ في حق جمهور الأهلي لأنني واحد منهم”. وأضاف: “أنا مسامحهم ومسامح في كم السباب الذي وصلني على السوشيال ميديا، وأعذرهم لأن المعلومات التي وصلت إليهم معلومات مغلوطة”.
وهاجم تركي آل الشيخ نجم الأهلي محمد أبوتريكة قائلاً: “أنا حزين، هذا الشخص ليس له خير في بلده ولن أستغرب ألا يكون له خير في النادي الأهلي، إذا كان يريد الخير للأهلي ولبلده لم يكن ليصرح بهذا الكلام، واضح أن عليه ضغوطًا”.
وكما لكرة القدم إيجابيات فلها سلبيات ناتجة عن سوء فهم الفرد لها, مثل التعصب لفريق أو لاعب معين ومن سلبياتها المبالغ الباهظة في عقود اللاعبين والمدربين, والفساد المنتشر بين اتحادات كرة القدم في مختلف البلدان, و هناك أمثلة كثيرة على السلبيات منها قصة قتل المدافع الكولومبي اسكوبار من قِبَل جماهير متعصبة بعد تسجيله هدفًا في مرماه تسبب في خروج منتخب بلاده أمام الولايات المتحدة الأمريكية في كأس العالم 1994.
ويجب أن لا ننظر إلى كرة القدم بعين واحدة فهي أحد أهم الرياضات ممارسة ومتابعة ومتنفس كبير لكثير من الشباب , يقول السياسي البريطاني البارز “جورج غالاوي” عن كرة القدم عندما سُئل في إحدى البرامج الحوارية عنها ولماذا لا تُلغى لأنها مضيعة للوقت وتلهي الشعوب عن قضاياها قال : “لا يمكن تخيل الحياة بدون موسيقى أو مسريحة أو قصة أو أي نوع من الفنون وأنا أعتبر كرة القدم فنًا من هذه الفنون لذلك لا يمكن أن أتخيل الحياة بدون كرة القدم “.
من جانبه يقول الناشط السعودي محمد البدري: “أنا سعودي وأتمنى من الأخوة المصريين عدم الخلط بين تصريحات تركي آل الشيخ الطفولية وبين الشعب السعودي لأن الشعب الرياضي السعودي يعاني مثلكم من تدخلاته في كل شيء بل والله لا أبالغ بأن الشعب السعودي كثير منهم أصبح يكره كرة القدم بسببه أحرجنا مع أشقائنا العرب في كل مكان”.