“الصب في المصلحة”.. عبارة ترددت كثيراً على ألسنة عصابة الانقلاب العسكري، من أول السفيه عبد الفتاح السيسي إلى أصغر مخبر وإعلامي سبوبة، خاصة عقب تطبيق القرارات المتعلقة بزيادة أسعار السلع والخدمات، فكل مسئول يعلن عن زيادة جديدة يسارع ويلحقها بعبارة أنها تصب في مصلحة المواطن، فما الحكم الشرعي لهذا الصب الذي لا يراعي في مؤمن إلّا ولا ذمة؟
وفي محاولة فاشلة ومفضوحة للمداراة على هذا الصب والردم على أثاره، احتالت دار الإفتاء حيلة هدفها إلهاء المواطن، وخرجت بفتوى أن المجاهرة بالإفطار في نهار رمضان “لا يدخل ضمن الحرية الشخصية للإنسان، بل هي نوع من الفوضى والاعتداء على قدسية الإسلام”.
وعللت دار الإفتاء فتواها المثيرة للجدل على صفحتها الرسمية بموقع فيسبوك بأن “المجاهرة بالفطر في نهار رمضان مجاهرة بالمعصية، وهي حرام فضلًا عن أنها خروج على الذوق العام في بلاد المسلمين، وانتهاك صريح لحرمة المجتمع وحقه في احترام مقدساته”.
وأثارت الفتوى الإلهاء المطلوب على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبرها البعض انتهاكًا واضحًا للحريات الشخصية للمواطنين، بينما اعتبرها آخرون تحريضًا واضحًا على العنف ضد المفطرين في نهار رمضان، وقامت الكتائب الإلكترونية التي تدعم السفيه السيسي بالترويج للفتوى، تارة بالهجوم وأخرى بالتأييد.
ولأن الشعب المصري ابن نكتة وخفيف الظل فقد راح يتندر على العبارة الشهيرة “الصب في المصلحة”، ويسخر من العبارات التي جاءت على لسان وزراء وكبار عصابة الانقلاب بشأنها، بل ويطالب حكومة العسكر بالتوقف عن الصب في مصلحة المواطن، أو القيام بمزيد من الصب “عشان يتوب”، في إشارة إلى أن الزيادات المتواصلة في الأسعار هي بمثابة ذنب يلحق بالمواطن أينما ذهب.
وكلما زادت الأسعار سارع المواطن نحو ربه طالباً التوبة من ذنب لم يقترفه، بل اقترفته يد حكومة انقلاب لا تراعي فقيراً ولا طاعناً في السن ولا أرملة أو مطلقة أو رب أسرة يعول ثمانية أطفال وليس له مورد رزق ثابت، وإذا كان عام 2017 قد شهد صباً متواصلاً في مصلحة المواطن، باعتبار أن هذا العام شهد تداعيات قرار تحرير سعر الصرف، وتعويم الجنيه مقابل الدولار من زيادات عنيفة في الأسعار، وخفض متواصل في الدعم المقدم للمواد الرئيسية، وزيادة في الضرائب، وزيادة في أسعار السجائر والدخان والمواصلات والاتصالات وغيرها، فإن عام 2018 وصل الصب في مصلحة المواطن إلى ذروته.
وفي وقت سابق حرّمت دار الإفتاء مقاطعة مسرحية انتخابات السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وأكدت الدار، في بيان لها وزعته على وسائل الإعلام، أن الممتنع عن انتخاب السفيه آثم شرعا، ومثله من يدفع صاحب الشهادة إلى مخالفة ضميره أو عدم الالتزام بالصدق الكامل في شهادته بأيّ وسيلة من الوسائل، وكذلك من ينتحل اسما غير اسمه ويدلى بصوته بدل صاحب الاسم المنتحل، حيث يكون مرتكبا لغشّ وتزوير يعاقب عليه شرعا.
ووصف الدكتور خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء، من لم يذهب للتصويت في الانتخابات القادمة “بالخيانة”، مشيرا إلى أن مصلحة الوطن تقتضي المشاركة في مسرحية انتخاب السفيه السيسي، وعليه فإن على كل مواطن أن يُلبي نداء الوطن ويشارك في المسرحية!
