مشوار نضالي لمواجهة الاحتلال الصهيوني.. الحركة الإسلامية والأحزاب العربية تستعد لإسقاط نتنياهو في الانتخابات

- ‎فيعربي ودولي

قد تكون مفارقة غريبة للبعض أن يعلم أن هناك “حركة إسلامية” نشطة للغاية في فلسطين المحتلة عام 1948 (اسرائيل) تسمي رسميا باسم (الحركة الإسلامية) وتعترف بها حكومة تل أبيب ومن حقها دخول انتخابات الكنيست، وأن هناك أعضاء منها بالفعل نواب في الكنيست، بعدما انقسمت هذه الحركة لجناح جنوبي يشارك في الانتخابات الصهيونية، وأخر شمالي لا يشارك ولا يعترف بالمؤسسات الصهيونية.

وتعمل “الحركة الإسلامية” داخل حدود فلسطين المحتلة عام 1948، (اسرائيل حاليا) منذ أكثر من 47 عامًا، حيث ظهرت عام 1972، وركّزت على إنشاء مؤسسات رفاه اسلامية “بديلة” تخدم المجتمع الفلسطيني، مقابل مؤسسات الدولة اليهودية، وركزت على النواحي البلدية التي تقدم الخدمات.

ومن أبرز أنشطتها: عمارة المسجد الأقصى وترميمه، والحفاظ على التراث والمقابر الاثرية والتاريخية التي تضم رفات كبار القادة الاسلامية من العهد النبوي، وتوفير أجهزة حاسبات للمدارس، وتنظيم دوري إسلامي لكرة القدم، وحفلات زفاف، واستشارات زوجية، وإنشاء الحضانات، وتنظيم التبرّعات للفقراء بما فيهم أهل الضفة الغربية.

ومع اقتراب انتخابات الكنيست الصهيوني يسعي جميع زعماء الأحزاب العربية ومن بينها الحركة الاسلامية (الجناح الجنوبي)، للمشاركة ولجم اليمين الصهيوني الديني المتطرف الذي يقوده نتنياهو والاحزاب اليهودية، والحاجة إلى إسقاط حكومة نتنياهو الذي أقر قانون القومية الذيت ينص على يهودية الدولة الصهيونية ومن ثم طرد ما تبقي من الفلسطينيين، وينوي إدخال ممثلي الصهيوني “كهانا” إلى الكنيست.

وفى حين شهدت الانتخابات السابقة توحيدا للقائمة العربية، فشلت الأحزاب العربية في التوحد وتنوي خوض الانتخابات المقبلة بقائمتين منفصلتين إثر فشل مفاوضات الساعة الأخيرة لإعادة توحيد القائمة المشتركة بمركباتها الأربعة: حداش وبلد والحركة الإسلامية (الجناح الجنوبي) وتعل.

وتتشكل القائمة الاولي من تحالف بين الحركة الإسلامية (الجناح الجنوبي) وحركة “بلد” او “التجمع الوطني الديمقراطي”، فيما تتشكل القائمة الثانية من تحالف بين حداش (الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة) وتعل (الحركة العربية للتغيير).

ويترأس هذه القائمة الاولي منصور عباس نائب رئيس الحركة الإسلامية، ويليه إمطانس شحادة من “بلد” في المكان الثاني، ثم عبد الحكيم حاج يحيى من الحركة الإسلامية في المكان الثالث، وهبة يزبك من “بلد” في المكان الرابع، وطلب أبو عرار من الحركة الإسلامية في المكان الخامس، ومازن غنايم من بلد في المكان السادس، وسعيد الخرومي من الحركة الإسلامية في المكان السابع، ومحمد إغبارية من بلد في المكان الثامن.

فيما يترأس قائمة التحالف بين حداش وتعل كل من: أيمن عودة ثم أحمد الطيبي، يليهما عايدة توما وأسامة السعدي وعوفر كسيف ويوسف وسندس صالح وجابر عساقلة.

القضاء على إسرائيل

وشنّ رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو هجوماً حاداً على تحالف “كحول لفان” أو “أزرق أبيض” الذي جري تشكيله مؤخرا ضده بين حزبي “مناعة لإسرائيل” برئاسة بني غانتس و”يوجد مستقبل” برئاسة يائير لبيد، وزعم أن هذا التحالف سيعتمد على كتلة مانعة من الأحزاب العربية التي تسعى للقضاء على إسرائيل، وأن غانتس ولبيد سيسمحان بإقامة دولة فلسطينية من شأنها أن تُعرّض وجود إسرائيل للخطر.

وزعم نتنياهو، في مؤتمر صحفي إن الخيار في الانتخابات المقبلة بات واضحاً، إمّا حكومة يسارية ضعيفة بقيادة لبيد وغانتس تعتمد على كتلة مانعة من الأحزاب العربية، أو حكومة يمينية قوية برئاسته.

وفي الانتخابات الصهيونية الأخيرة بلغت نسبة الاقتراع في المجتمع العربي داخل الدولة الصهيونية 63%، أي أكثر بـ 9% من انتخابات 2013.

قصة “الحركة الإسلامية”

عام 1972 أقام الشيخ نمر درويش من الرعيل الاول للإخوان المسلمين في فلسطين المحتلة 1948، أول نواة للحركة الإسلامية في كفر قاسم؛ واقتصر نشاطه على نشر الدعوة حتى عام 1974، ثم توسع نشاطه عام 1978 إلى أم الفحم وباقي بلدات منطقة المثلث الشمالي، حتى وصل للنقب عام 1979، ثم الناصرة وبلدات الجلي عام 1980.

واعتقل الاحتلال الشيخ درويش عام 1981، بتهمة “صلته بتنظيم سري إسلامي (أسرة الجهاد)، وحُكم عليه بالسجن 4 أعوام، أمضى منها 3 أعوام، وأفرج عنه في العام 1984.

وعاد درويش بعد الإفراج عنه إلى كفر قاسم ليتزعم الحركة الإسلامية، ويركز على البنية التحتية الاجتماعية، حيث أقام شبكة من عشرات الجمعيات والمؤسسات ورياض الأطفال، وعيادات طبية، ونوادٍ رياضية وكلية للعلوم الدينية.

وساهمت حركته مع السلطات المحلية، في رعاية العمال وشق الطرقات وترميم المدارس وتنظيف المقابر وبناء الصفوف الدراسية وتنظيم معسكرات العمل وجمع التبرعات وأموال الزكاة، وزاد شعبية الحركة في الداخل خاصة بعدما ركزت على إعمار القدس والمسجد الأقصى.

ونجحت “الحركة الإسلامية” الموحدة في الفوز برئاسة العديد من البلديات العربية في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، عبر انتخابات محلية ضمن سعيها لتحسين أحوال فلسطينيي أرض 1948 مثل أم الفحم، وكفر قاسم وكفر برا وجلجولية وراهط، واقتسمت مجالس أخري مع قوائم عربية أخري منافسة.

انتخابات الكنيست

ومع تفكير بعض اعضاء الحركة في دخول انتخابات الكنيست بهدف خدمة الفلسطينيين تحت الاحتلال عبر المؤسسات الصهيونية، وقع انقسام في الرأي وخلافات بين فريقين، حيث رفض فريق الحركة الاسلامية (الجناح الشمالي) بزعامة الشيخان رائد صلاح وكمال الخطيب المشاركة في انتخابات الكنيست، لأسباب شرعية تتعلق برفضهم إضفاء الشرعية من قبل الحركة على دولة الاحتلال (إسرائيل)، بحسب أبياتها، ولهذا انقسمت الحركة قسمين عام 1996.

فى المقابل وافق فريق أخر هو “الجناح الجنوبي”، الذي يضم مؤسس الحركة الراحل الشيخ “نمر درويش”، ويقوده حاليّا الشيخ حماد أبو دعابس، على المشاركة في مؤسسات الحكم الاسرائيلية باعتباره “ضروري للتأثير من الداخل وحفظ حقوق الفلسطينيين”، بعكس الجناح الشمالي.

وشارك الجناح الجنوبي (جناح الشيخ درويش) في الانتخابات العامة (الكنيست) ضمن تحالفات مع قوائم عربية، ومثّل الشيخ إبراهيم صرصور، الجناح الجنوبي للحركة الإسلامية في أحد البرلمانات الصهيونية السابقة، ما ادي لخروج (الجناح الشمالي للحركة الاسلامية) برئاسة اثنين من أبرز قادتها هما رائد صلاح وكمال الخطيب.

وسعت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة لمحاربة الجناح الشمالي والسعي لإخراجه عن القانون، وطاردت أعضائها، ووسمهم بأنهم على تواصل مع حركة “حماس”.

دعم الانتفاضة

وزاد الغضب الاسرائيلي على الحركة عقب انخراطها في دعم الانتفاضة في الضفة الغربية، عام 1987، عندما أسست الحركة “لجنة الإغاثة الإسلامية”، من أجل مساعدة الأيتام والأرامل من مصابي الانتفاضة، ممّا أدّى، لتصعيد العداء لها داخل الحكومة الاسرائيلية، ثم حظرها رسميا.

وفي 17 نوفمبر 2015 أعلن بنيامين نتنياهو الجناح الشمالي للحركة الإسلامية “تنظيمًا غير مشروع” وتم استدعاء عددًا من قيادته للتحقيق، وتلقت 17 جمعية ومؤسسة تابعة لها أوامر حظر نشاطها.

ورغم الانقسام الذي شهدته الحركة منذ عام 1996 لجناحين، فقد حرص قادة الجناح الشمالي في كلمات تأبين الشيخ نمر درويش وعقب الجنازة، على التركيز على ما يجمع الجناحين من السعي للحفاظ على الهوية الفلسطينية.

حيث تطرق الشيخ رائد صلاح إلى السنوات الطويلة التي عاش فيها مع الشيخ عبد الله نمر، و”سعيه لتثبيت أركان العمل الإسلامي في الداخل الفلسطيني”، و”دوره الكبير الذي قام به في مسيرة الصحوة الإسلامية بعامة والحركة الإسلامية بخاصة في الداخل الفلسطيني”.

وأشاد الشيخ كمال خطيب نائب رئيس الجناح الشمالي للحركة، بدور الشيخ درويش في قيادة الحركة الاسلامية “في ظرف تنادى الناس فيه لغير المشروع الإسلامي بل حاربوه”، وأكد أنه “على الرغم من كل ما حصل (يقصد الانقسام)، لكننا أبدا لم نتنكر ولن نتنكر للأيام والسنين التي قضيناها سويا في رحاب الدعوة إلى الله تعالى”.

ووصفت حماس الشيخ درويش بأنه “أحد عناوين الشعب الفلسطيني ورموزه وصاحب المشوار النضالي الطويل في خدمة شعبه وقضيته وفي مواجهة الاحتلال الصهيوني والتصدي لمخططاته في طمس الهوية الفلسطينية”.