مصالح سعودية – أمريكية ودعم صهيوني.. حرب جديدة بين الهند وباكستان حول “كشمير”

- ‎فيعربي ودولي

أعلنت باكستان أنها أسقطت طائرتين هنديتين اخترقتا المجال الجوي للبلاد، وأسر أحد الطيارين، مؤكدة أنها نفذت ضربات جوية في كشمير الهندية.

وقالت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان اليوم الأربعاء: “نفذت القوات الجوية الباكستانية ضربات عبر خط المراقبة من المجال الجوي الباكستاني”. وكشف الجيش الباكستاني إن طائرات هندية دخلت باكستان ردا على الضربات مضيفا أنه تم إسقاط طائرتين وأسر طيار.

تأتي هذه التطورات المتسارعة بعد يوم على تنفيذ طائرات هندية حربية ضربة جوية في باكستان، قالت نيودلهي إنها استهدفت معسكر تدريبي لمسلحين، ردا على تفجير في كشمير في 14 فبراير أدى إلى مقتل 40 من قوات الأمن الهندية.
وقالت صحيفة “هآرتس” الصهيونية إن القوات الجوية الهندية استخدمت قنابل إسرائيلية في غارة جوية، قبل فجر امس الثلاثاء، على باكستان المجاورة، وفقاً لتصريحات مصادر أمنية هندية لموقع الأخبار المحلية “ذا برنت” .

وكشفت التقارير أن 5 طائرات عملاقة من طراز ميراج مزودة بصواريخ ذكية من طراز “Spice 2000” الإسرائيلية هاجمت حسب ادعاءات نيودلهي معسكرا لتدريب الإرهابيين، ويزن كل صاروخ ألف كيلوجرام ويعمل على إحداثيات جي بي إس (GPS) مسبقة البرمجة، وقالت المصادر إنها مزودة بتقنية تجعلها غير معرضة للانحراف.

سلاح صهيونى

وأوضحت “هآرتس” أن “إسرائيل” تعد مورداً رئيسياً للأسلحة للجيش الهندي، وتقدر الصفقات بين البلدين في السنوات الأخيرة بمليار دولار سنوياً، وخلال العامين الماضيين أجرت الجيوش الإسرائيلية والهندية تدريبات مشتركة، كما زار كبار المسؤولين العسكريين الهنود تل أبيب.
ووافقت شركة صناعات الطيران الإسرائيلية في العام 2017 على توفير أنظمة الدفاع الجوي للجيش الهندي، في ما وصفت بأنها واحدة من كبرى صفقات الأسلحة في تاريخ الصناعات الأمنية الإسرائيلية.

يذكر أن إقليم كشمير، الذي ينقسم بين البلدين ويطالب به كل منهما، كان السبب في الحروب بين الجارتين، في حين يطالب سكان الإقليم الذي تسيطر عليها الهند إما باستقلال تام أو اتحاد مع باكستان.

برميل بارود متفجر

وتسبب النزاع حول إقليم كشمير أفي اندلاع ثلاث حروب خلال نصف قرن بين الهند وباكستان، ولاتزال المشكلة من أكبر قضايا التوتر في جنوب قارة آسيا، وازدادت أهميتها بعد التجارب النووية التي أدخلت البلدين إلى النادي النووي، وبات خطر نشوب حرب بينهما يحمل مخاطر على الأمن والسلم الدوليين.

وتعود جذور الصراع حول إقليم كشمير إلى فترة انتهاء الاحتلال البريطاني للقارة الهندية، حيث أصدر البرلمان البريطاني في يوليو 1947 قانون استقلال الهند، وأوعزت سلطات الاحتلال بعد انسحابها إلى الإمارات الهندية بأن تنضم إما إلى دولة الهند الهندوسية، أو دولة باكستان المسلمة، وفقاً لرغبة سكانها.

ثلاث إمارات لم تحسم أمرها هي: “حيدر آباد” و”جوناغاد” و”كشمير”، ثم ما لبث حاكم إمارة جوناغاد المسلم أن قرر الانضمام إلى باكستان رغم وجود أغلبية هندوسية في الإمارة، وأمام معارضة هذه الأغلبية لقرار الحاكم دخلت القوات الهندية وأجرت استفتاءً بالقوة انتهى بانضمامها إلى الهند.

وحدث الشيء نفسه في ولاية حيدر آباد، حيث أراد حاكمها المسلم أن يظل مستقلاً بإمارته ولم تقره الأغلبية الهندوسية في الولاية على هذا الاتجاه، فتدخلت القوات الهندية في سبتمبر 1948 وضمتها لسلطة نيودلهي.

النزاع على كشمير

أما كشمير فغالبية سكانها مسلمون، ويحكمها هندوسي هو هاري سينغ، الذي قرر الانضمام إلى الهند متجاهلاً رغبة الأغلبية المسلمة بالانضمام إلى باكستان، وقبلت الهند انضمام كشمير إليها في حين رفضت انضمام الإمارتين السابقتين إلى باكستان.

الكشميريون رفضوا الانصياع لحكم الأمر الواقع الذي فرضته الهند، فاندلع قتال بينهم وبين القوات الهندية عام 1947 أسفر عن احتلال الهند لثلثي الولاية.

الأمم المتحدة تدخلت من جهتها في النزاع، وأصدر مجلس الأمن قراراً، في 13 أغسطس 1948، نص على وقف إطلاق النار، وإجراء استفتاء لتقرير المصير، ثم اقترحت أن تنضم الأجزاء التي يسكنها أغلبية مسلمة وتشترك مع باكستان في حدود واحدة وتقدر مساحتها بـ 1000 كم لباكستان، وأن تنضم الأجزاء الأخرى ذات الغالبية الهندوسية ولها حدود مشتركة مع الهند ومساحتها 300 كم للسيادة الهندية، لكن القرار لم ينفذ.

3 حروب

إقليم كشمير يقع في القسم الشمالي من شبه القارة الهندية، وتحده الصين من الشمال، ومنطقة التيبت شرقاً، وولاية البنجاب الهندية جنوباً، وباكستان من الغرب، هذه الجغرافيا الاستثنائية جعلت له موقعاً استراتيجياً مهماً على حدود الدول النووية الثلاث.
وتسبب نزاع السيادة على الإقليم بثلاث حروب طاحنة بين الهند، التي تسيطر على 48٪ من مساحة الإقليم البالغة 222.236 كيلومتراً مربعاً، وباكستان التي تسيطر على 35٪ منه، في حين تسيطر الصين على 17٪.

الحرب الأولى اندلعت عام 1947 وانتهت عام 1948، بسبب سعي الدولتين لبسط كل منهما سيطرتها على المنطقة، وانتهت الحرب بعد أن قسمت كشمير بينهما فيما بات يعرف الآن بولاية “جامو وكشمير” الخاضعة للسيادة الهندية، و”آزاد كشمير” (كشمير الحرة) التابعة لباكستان.

انطلقت شرارة الحرب الثانية عام 1965، واستمرت 17 يوماً، بعد أن حاولت باكستان دعم المقاتلين الكشميريين، لتتطور الأمور لاحقاً وتأخذ شكل قتال مسلح بين الجيشين النظاميين الهندي والباكستاني على طول الحدود بينهما في مناطق؛ “لاهور” و”سيالكوت” و”كشمير” و”راجستان”، ولم تحقق أي من الدولتين نصراً ناجزاً، وانتهت الجهود الدولية بعقد معاهدة وقف إطلاق النار بين الجانبين في الثالث والعشرين من الشهر نفسه.

الحرب الثالثة حدثت عام 1971 إثر اتهام إسلام آباد للهند بدعم باكستان الشرقية (بنجلاديش) في محاولتها الانفصالية، وحققت فيها نيودلهي انتصاراً عسكرياً على الأرض غيّر موازين القوى، ودخل البلدان بعدها في سباق تسلح وصل بهما إلى الإعلان عن امتلاك سلاح نووي، وأسفرت الحرب عن انفصال باكستان الشرقية عن إسلام آباد لتشكل جمهورية بنجلاديش.

وفي عام 1972 توصل الطرفان إلى سلام وصف بـ”الهش”؛ إذ لم يمنع البلدين من تبادل إطلاق النار على طرفي الحدود بين الفينة والأخرى.

ووقعا اتفاقاً أطلق عليه اسم “اتفاقية شِملا” نص على اعتبار خط وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين في 17 ديسمبر 1971 هو خط هدنة بين الدولتين.

وبموجب الاتفاق احتفظت الهند ببعض الأراضي الباكستانية التي سيطرت عليها بعد الحرب في منطقتي “كارغيل تيثوال” و”بونش” في كشمير الحرة، في حين احتفظت باكستان بالأراضي التي سيطرت عليها في منطقة “تشامب” في كشمير المحتلة.

الاتحاد السوفييتي

تجدر الإشارة إلى أن سقوط الاتحاد السوفييتي تسبب فى تغير خريطة تحالفات الهند وباكستان، كما برزت قوى مسلحة انفصالية تطالب باستقلال الإقليم عن الهند وباكستان، مثل حركة “المجاهدين”، و”حركة تحرير كشمير”، و”تحالف الحرية لكل الأحزاب”.

ولا تزال القضية تشكل عنصر تفجير بين الهند وباكستان بسبب أعمال العنف داخل كشمير وعمليات المقاومة الكشميرية ضد الهند التي تتهم غريمتها باكستان بدعم المقاومة المسلحة ضدها، وهو ما يهدد بتفجر حرب رابعة بينهما، وهي إن حدثت ستكون الأولى بعد دخولهما النادي النووي.

مصالح أمريكية سعودية

وبحسب مراقبين، فان توقيت التصعيد بين الهند وباكستان، يرتبط باهداف امريكة وسعودية، فمن مصلحة السعودية تأزيم الأمور بين باكستان والهند لدفع باكستان الى احضانها، خاصة بعد التصعيد الإيراني الباكستاني الاخير وزيارة بن سلمان لباكستان لاشراكها في التصعيد الخليجي ضد إيران المتاحمة للحدود الباكستانية، في ظل عحز خليجي عن لحم ايران عسكريا.

وتستهدف الاستراتيجية السعودية، بحسب مراقبين، عزل باكستان عن محيطها الاقليمي، المتمثل في الهند وايران ..

كما أن امريكا لها مصلحة كبرى خصوصا بعد بدء مفاوضاتها مع طالبان، حيث تستهدف ابعاد باكستان عن طالبان لاضعاف موقف الاخيرة في المفاوضات التي تجريهاا حاليا مع الحركة..