في مواجهة الغلاء المقنن المتعمد من عصابة السفيه قائد الانقلاب، اضطر الشعب إلى شراء الملابس المستعملة وصناعة حلويات العيد في البيت وتداول الكتب والكراسات وحتى الشنط المدرسية المستعملة بين الطلاب، وأكل الناس هياكل الدجاج وأرجلها، وقامت بعض ربات البيوت بالخبيز في البيت وابتكار أكلات غير مكلفة قدر الإمكان، وتغاضى الآباء عن نوعية اللحوم التي تطرحها عربات الجيش والداخلية، طالما أنها أرخص من المروح في السوق بمقدار الربع وأحيانا للنصف، أخذاً بنصيحة الإعلامي الذي أقسم أنه ظل يأكل لحم الحمير من جزار شهير كانت والدته تستريها منه في شارع القصر العيني.
إلا أن المسألة هذه المرة تتخطى الممكن والمتاح إلى المستحيل، فمع قرار وزارة البترول رفع الدعم عن البنزين منذ الساعة التاسعة صباح اليوم السبت، ثاني أيام عيد الفطر وثاني أيام مباريات كأس العالم، هل يمكن مصري أن يقوم بعمل البنزين في البيت؟
الصب في كل وقت
وحظيت كلمة «المصلحة» في الفلكلور واللغة المصرية بالعديد من المرادفات التي جعلتها عنواناً واختصاراً للكثير من الدلالات، وبات كل خميس يحمل رعباً وكابوساً للمصريين، وقرارًا من سلطات الانقلاب جديدًا بخصوص رفع الأسعار، كان آخرها الشهر الماضي بارتفاع أسعار تذاكر مترو الأنفاق، بعدها جاء الخميس وشهد زيادة أسعار الكهرباء، ومن باب التجديد قام سلطات الانقلاب برفع أسعار البنزين اليوم السبت، من باب التسلية وتغيير روتين الخميس وتوزيع الصب على أيام الأسبوع.
وكانت حكومة الانقلاب بدأت تطبيق إجراءات إصلاحية جديدة مع بداية العام المالي المقبل، تشمل رفع أسعار الوقود والكهرباء وتذاكر القطارات، وبدأت حكومة الانقلاب هذه الإجراءات مبكرًا برفع أسعار تذكرة المترو مطلع الشهر الماضي، حيث حددت ثمن التذكرة على حسب الرحلة، وبلغ ثمن تذكرة المترو لـ9 محطات 3 جنيهات، والـ16 محطة 5 جنيهات وأكثر من 16 محطة 7 جنيهات.
ومن الواضح أن السفيه السيسي ليس ديكتاتور يسيء التصرف بل عميل صهيوني يجيد التصرف، يقول الناشط سامي محمود:” أما تتحمل الصب في المصلحة و تتنفخ وتسكت خالص، أو تتكلم وتقول الحق و تصبح اخوانى ارهابى وعدو الوطن وبالتالي محاصر من كل ناحية، يا رب .. يا رب لطفك بغالبية هذا الشعب الغلبان و أنت تعلم أننا أحرص ناس على هذا الوطن”.
عشان يتوب
الحال بالنسبة للزيادات التي تمت في أسعار الوقود من بنزين وسولار وغاز منزلي، فإن حكومة الانقلاب تسارع بعدها وتؤكد أن هذه الزيادات تأتي في مصلحة المواطن، وتراعي الغالبية العظمى من المصريين، خاصة محدودي الدخل، وغرد الناشط أحمد حجازي بالقول: “كل قرار للزيادة تطلع قنوات التليفزيون تحسسنا ان الدولة بتمن علينا بالدعم… وأسعار الكهربا غير العالم..وأسعار البنزين أرخص من العالم كله..مش عارف ليه زي ما بيقارنوا الأسعار مبيقارنوش دخل الفرد المصري ودخل الفرد في العالم؟”.
ولأن الشعب المصري ابن نكتة وخفيف الظل فقد راح يتندر على العبارة الشهيرة “الصب في المصلحة”، ويسخر من العبارات التي جاءت على لسان وزراء وكبار مسئولي الانقلاب بشأنها، بل ويطالب حكومة العسكر بالتوقف عن الصب في مصلحة المواطن، أو القيام بمزيد من الصب “عشان يتوب”، في إشارة إلى أن الزيادات المتواصلة في الأسعار هي بمثابة ذنب يلحق بالمواطن أينما ذهب.
النتيجة المتوقعة – بحسب الخبراء- أن الصب في المصلحة سيتواصل حتى بعد رفع أسعار البنزين، على الرغم من حديث إعلام الانقلاب عن البدء بقطف ثمار الفناكيش القومية الكبرى، ولذا ستواصل أسعار السلع والخدمات زيادتها على الرغم من حديث حكومة الانقلاب عن خطة لخفض معدل التضخم، وطالما أن هناك وفوداً من صندوق النقد الدولي تأتي وأخرى تغادر القاهرة فلن يرى المصريون خفضاً في الأسعار، وبات السؤال ألا يوجد مخترع مثل اللواء عبد العاطي كفتة أو طالب يخترع بنزين جديد يمكن تحضيره في البيوت ولا يتأثر برفع الدعم؟