“الآن بدأ الصراع بالجزائر والمشير طنطاوي يترأس اجتماع المجلس العسكري الجزائري ضمن وضع الانعقاد الدائم”، هكذا عبر مراقبون عن تخوفهم من استدراج الجزائريين إلى مستنقع الانقلاب في مصر، ذلك الفخ الذي تم تدبيره في 18 يوما سقط بعدها المخلوع مبارك وأعلن التنحي، في 11 فبراير 2011، على لسان مدير المخابرات العامة وقتها عمر سليمان، عقب مظاهرات حاشدة انطلقت يوم 25 يناير من العام نفسه.
نفس السيناريو تقريبا تكرر بالجزائر، حيث أعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في رسالة نشرتها وكالة الأنباء الرسمية استجابته لمطالب الشعب وتأجيله للرئاسيات وعدم خوضها من الأساس، قرار وإن لم يفاجئ الكثيرين فإن عددا من الجزائريين خرجوا إلى الشوارع فرحين مبتهجين، وردد بعضهم “نعم، لقد حققنا مطالبنا في 17 يوما”!
صنم العسكر
وبالنسبة للمصريين، فقد يبدو لاحقا أن من سقط هو مبارك وعدد من الأسماء البارزة التي ميزت حكمه، وليس صنم العسكر الذي يحكمهم من انقلاب الفاشي جمال عبد الناصر، أو ما صح تمسيته بـ”الدولة العميقة” التي يلعب فيها الجيش الدور الأبرز، إذ سرعان ما بُرّئ مبارك ومساعدوه من تهم الفساد وتهريب أموال مصر وقتل أبنائها، وتقوت صلاحيات الجيش وامتداداته في مجالات الاقتصاد والسياسة تحديدا، وانتهى السيناريو إلى انقلاب الثالث من يوليو 2013 الذي قاده جنرال إسرائيل السفيه السيسي ضد أول رئيس مدني منتخب محمد مرسي.
وتأكيدا على ان خيوط المنطقة العربية متشابكة إلى حد معقد جداً، فقد حذر السفيه السيسي، الأحد الماضي، من مخاطر التظاهر على مصر والدول العربية المجاورة، مشيرا بزعمه إلى خسائر كبيرة منيت بها البلاد بعد الثورة التي أسقطت حسني مبارك.
وتحدث السفيه السيسي بشئ من الخوف والذعر من مصير بوتفليقة في ندوة “يوم الشهيد”، عن ما يجري في “دول أخرى مجاورة”، معتبرا أن “الناس في هذه الدول”، التي لم يسمها، “تضيع في بلدها لأن كل هذا الكلام (الاحتجاجات والتظاهرات) له ثمن ومن سيدفع الثمن هو الشعب والأولاد الصغار”، مشدداً على أن “الأجيال المقبلة هي التي ستدفع ثمن عدم الاستقرار”.
اوعوا تعملوا ثورة!
ودلّل السفيه السيسي على الأثمان التي تدفعها الشعوب، التي تقوم بتظاهرات احتجاجا على القمع والانتهاكات والاستعباد، وزعم بأن مصر خسرت في عام ونصف عام بعد ثورة 2011 نصف الاحتياطي من العملة الأجنبية، التي كانت تبلغ 36 مليار دولار قبل إسقاط مبارك في فبراير 2011.
وعن الأحداث التي شهدتها مصر منذ اندلاع التظاهرات ضد المخلوع مبارك، في 25 يناير 2011 حتى استيلائه على السلطة في 2014، معتبرا أنه “تمت عملية شديدة الأحكام” من أجل “إسقاط الدولة” وتحميل الجيش مسؤولية كل الضحايا، الذين سقطوا خلال التظاهرات والصدامات التي تلت إسقاط مبارك!
وطالب السفيه السيسي المصريين بأن يشرحوا لأبنائهم مدى الخسارة، التي عادت على البلاد من جراء الثورة على مبارك، وقال: “هناك أجيال صغيرة” لا تعرف ما حدث، مضيفا “من كان عمره 8 سنوات صار عمره 16 عاما ولا يعرف هذه الآثار” الاقتصادية الضارة، التي ترتبت، على ثورة 25 يناير عام 2011.

الخطة (ب)
واجتاحت فرحة عارمة مشوبة بالحذر ساحات مواقع التواصل الاجتماعي في البلدان العربية؛ إثر إعلان الرئيس الجزائري “عبدالعزيز بوتفليقة” عدم ترشحه لولاية خامسة، من جهته اعتبر الكاتب الصحفي ورئيس تحرير مجلة “العصر” خالد حسن، أن ما أعلنه الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة حول إلغاء ترشحه وتأجيل الانتخابات ليس إلا عملية خداع وانتقال لما وصفها الخطة (ب) لتمديد حكم من وصفه بـ”العصابة” وآل بوتفليقة.
وقال “حسن” في تدوينات له عبر حسابه بموقع التدوين المصغر “تويتر” رصدتها “الحرية والعدالة” إن “وضع النظام الجزائري معقد”، مشيرا إلى أن قائد الأركان أحمد قايد صالح يريد أن يفرض خريطة طريق لحكم ما بعد بوتفليقة”، موضحا ان ” واشنطن وباريس لا تريدانه بديلا وترفضان حكما عسكريا.
وأضاف في تدوينة أخرى أن ” تأجيل الانتخابات يعني الانتقال، عمليا، إلى الخطة (ب) وتمديد حكم العصابة وآل بوتفليقة”، وأشار إلى أن ” النظام يخادع ويضلل، وآل بوتفليقة يتحدون الشعب بالتمديد بلعبة الندوة الوطنية والتأجيل وسيعلون على استدراج الأحزاب والطبقة السياسية لهذا الفخ”، وأردف قائلا:” باختصار: النظام ينقذ نفسه بتأجيل الانتخابات للسماح لآل بوتفليقة بالاستمرار في إدارة الحكم، والحراك مستمر ويتجه نحو تنظيم صفوفه”.