المنطقة اليوم تقودها الإرادة الصهيونية بشكلٍ مُعلَن، ومحمد بن سلمان والسفيه السيسي يعلنان أنهما ليسا طرفًا في الصراع مع العدو الصهيوني بشكلٍ واضحٍ وجلّي، بل يعلنان اعترافهما الضمني بالكيان الصهيوني، في مقابل ذلك ما زالت بعض الدول المُطبّعة صراحةً أو ضمنًا مع كيان الاحتلال مُتردّدة في قبول المشروع الجديد كالأردن، التي لا يبدو أنها راضية تماما عن سَيْر الأحداث، وعن مُجمَل المخططات التي يُراد التأسيس لها في خريطة صفقة القرن.
واتهمت الناشطة السياسية الأردنية، هند الفايز، دولًا خليجية بـ”ممارسة ضغوط اقتصادية على الأردن ومحاصرتها للقبول بصفقة القرن”، وفي تصريح صحفي قالت: “عندما تحدثت عن ضغوطات تمارس على الأردن، كان كلامي واضحا عن دول خليجية، وبدوري أسألك من هي الدول الخليجية التي تروج للتطبيع مع إسرائيل وتحاصر الأردن اقتصاديًّا؟، بل إن منها دولًا لم تدفع حتى الآن ما التزمت به من منح منذ سنوات”.

عصابة الخليج
ورفضت الفايز تحديد أسماء هذه الدول، إلا أنها أوضحت أن “الدولة الخليجية الوحيدة التي أعلنت عن رفضها للتطبيع كانت الكويت، أما الباقي فلهم دور في إضعاف الموقف الأردني والفلسطيني في مواجهة ما يحاول الرئيس الأمريكي فرضه من تنازلات تحت مسمى خطة السلام، التي كان من الواضح أنها لن تلبي الحد الأدنى من شروط الفلسطينيين بإقامة دولة على حدود الرابع من حزيران”.
وتأتي تصريحات الفايز في وقت أكد فيه العاهل الأردني عبد الله الثاني، خلال القمة العربية التي انعقدت بتونس، أن “القضية الفلسطينية كانت وستـبقى الهمّ الأول الذي يشغل الوجدان العربي، وأن الأساس في التعاطي معها لا بد أن يكون ضمن ثوابتنا العربية، مشددًا على ضرورة أن تبقى القضية الفلسطينية القضية العربية المركزية والأولى”.
كما سبق أن أقر العاهل الأردني، في الـ20 من شهر مارس الماضي، بتعرضه وبلاده لضغوط بسبب موقفه من قضية القدس المحتلة، و”رفضه تصفية القضية الفلسطينية”، وخلال لقائه وجهاء محافظة الزرقاء شرقي العاصمة عمان، قال عبد الله الثاني: نعم هناك ضغط على الأردن، وهناك ضغط عليّ من الخارج، لكن بالنسبة لي القدس خط أحمر، وأنا أعلم جيدا أن شعبي معي، والذين يريدون التأثير علينا لن ينجحوا”.
وفي وقت سابق، شهد مجلس النواب الأردني مشاجرة بين عدد من أعضائه؛ بسبب التطورات التي تشهدها مدينة القدس والمسجد الأقصى، جاء ذلك خلال جلسة طارئة لمناقشة الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى، واندلعت المشاجرة، وفق ما تناقلته وسائل إعلام محلية، بعد أن وصف النائب محمد هديب وصاية بلاده على المقدسات بأنها “تحتضر”، وبأن صفقة القرن “على وشك الإتمام”.
كلام هديب أثار حفيظة زملائه الذين هاجموه لتشكيكه بموقف بلاده، ما أدّى للتراشق بزجاجات المياه، ليعلن رئيس المجلس، عاطف الطراونة، رفع الجلسة، واستئنافها بعد وقت قصير. وتشهد مدينة القدس المحتلة انتهاكات إسرائيلية يومية للمقدسات الإسلامية في المسجد الأقصى، كان آخرها القرار القضائي الإسرائيلي، أمس الأحد، بالاستمرار في إغلاق مصلى باب الرحمة.

رشوة السيسي
وفي مارس 2013، وقع العاهل الأردني ورئيس سلطة رام الله محمود عباس، اتفاقية تعطي الأردن حق “الوصاية والدفاع عن القدس والمقدسات” في فلسطين، وتعد دائرة أوقاف القدس التابعة لوزارة الأوقاف والمقدسات والشئون الإسلامية في الأردن هي المشرف الرسمي على المسجد الأقصى وأوقاف القدس المحتلة، بموجب القانون الدولي الذي يعد الأردن آخر سلطة محلية مشرفة على تلك المقدسات قبل احتلالها من جانب “إسرائيل”.
كما احتفظ الأردن بحقه في الإشراف على الشئون الدينية في القدس المحتلة بموجب اتفاقية وادي عربة (اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية الموقعة في 1994). ويُذكر أن “صفقة القرن” هي خطة أعدّتها إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب؛ بهدف تسوية الصراع في الأراضي الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي، ويتردد أنها تتضمن إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة لمصلحة “إسرائيل”، كما أنها تلقى دعما من السعودية والإمارات ومصر ودول عربية أخرى.
وفي 28 فبراير الماضي، أعلن البيت الأبيض أن جاريد كوشنر، مستشار وصهر الرئيس الأمريكي، بحث “صفقة القرن” في الرياض مع العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده محمد بن سلمان، ومع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة.
وفي هذه الأثناء وبينما السفيه السيسي يستعد لزيارة واشنطن، تحاول الأخيرة “تليين دماغ” السفيه وإثناءه على عدم الإصرار على “المبلغ” الذي يريد الحصول عليه مقابل التنازل عن أجزاء من سيناء لصالح إقامة الدولة الفلسطينية، ووفق التسريبات المتعلقة بالصفقة فإن السفيه السيسي طلب الحصول على رشوة تبلغ 200 مليار دولار مقابل إتمام صفقة القرن.