موجة الربيع العربي الثانية.. هل تكون بالعفوية التي انطلقت بها قبل ثمانية أعوام؟

- ‎فيتقارير

أتت رياح الربيع في الجزائر بما لا يشتهي طغاة الشرق الأوسط، ويؤكد مراقبون أن موجة الربيع العربي الثانية بدأت، وعلى الجميع أن يستعد، غير أن ما يميز هذه الموجة أنها ستكون أكثر وعياً، سواء لدى من يحرّكها من قادة الرأي في المجتمعات العربية، أو لدى الجماهير نفسها، فهي لن تكون بالعشوائية والعفوية التي انطلقت بهما قبل أكثر من ثمانية أعوام.

ويعتقد كثيرون أن رياح التحرّر التي هبّت على عدد من البلدان العربية، قبل ثمانية أعوام، قد خمدت، إن لم تكن قد انتهت، بعدما أمضت ثمانية سنوات في مواجهة حروب سياسية وعسكرية واقتصادية وفكرية، في حين يعتقد آخرون أن جذوة “الربيع العربي” لم تنطفئ بعد، وأنها ليست حتى على وشك الانطفاء.

حركة التاريخ

وبعيداً عما آلت إليه الأمور في الوقت الحالي، فإن العالم كله يعلم أن المنطقة بعد العام 2011 لم تعد كما كانت قبله، بل ويمكن القول إنها لن تكون أبداً؛ إذ إن متغيراً هاماً دخل على معادلة المنطقة؛ وهو أن شيئاً ما في علاقة الشعوب بالطغاة من الجنرالات والملوك قد انكسر.

غير أن الصورة العامة للأوضاع في تلك البلدان التي ضربتها الثورات فجأة، تشي بأن الحديث عن استعداد هذه الثورات لوثبة ثانية قد يكون أقرب للدقة من الحديث عن موتها أو فشلها، تماماً كما أن الحديث عن تحريك هذه الحركة التاريخية ولو لشيء بسيط في بحيرة السياسة العربية المائلة دائماً نحو الركود، هو أقرب للدقة من الحديث عن أنها لم تغيّر شيئاً.

وهنا يأتي الحديث عن الجزائر، تلك الثورة الخضراء الناضجة التي تسير بحكمة وبصيرة إلى طريقها الذي تريد، فقد تحدثت شوارع الجزائر بلغةٍ واضحة مفهومة، الغريب أن النظام هناك هو نفسه الذي كان في سورية أو مصر قبل ثورة 25 يناير أو حتى تونس أو اليمن أو ليبيا، لا يفهم تلك اللغة، على الرغم من أنها لغة مكررة، وتشبه لغة أشقائهم في شوارع عربية أخرى، ولكن النظام هو أيضا، على ما يبدو، نسخة أخرى من أنظمة العرب، لا يريد أن يفهم، وربما سيفهم بعد فوات الأوان.

محطة اللاثورة

في الجزائر، لم تبدأ الثورة قبل أسابيع، وانما هى امتداد سنوات طويلة من النضال الشعبي الجزائري، قبل أن تختطفه يد الإرهاب المصطنع، وما نشاهده اليوم من حراك شعبي ما هو إلا امتداد لتلك الروح الثورية التي تريد أن ترى مكاناً لوطنها، يليق به وبتضحياته وبشهدائه.

وفي السودان، يبدو أن الثورة نضجت، وحان موعد قطافها، فقد أجبرت الاحتجاجات الشعبية النظام على إجراء تغييرات كبيرة، ربما نجحت في تهدئة الشارع، إلا أنه هدوء من يراقب الأوضاع، فإذا لم تنجح تلك التغييرات في تلبية مطالب الشعب، فإن الثورة جاهزة والشعب مستنفر.

أما في مصر، فحكم القمع الذي اعتقد بعضهم أنه قضى على روح الثورة لدى الشعب المصري، يعاني اليوم من بوادر موجةٍ ثوريةٍ جديدةٍ بدأت تقترب، نعم قد لا يلاحظها كثيرون، ولكنها قادمة، وهي “مش لوحدها”، فقد انطلق من جديد قطارها، وبات يستقبل كل يوم ركابا جددا، يريدون أن ينتقلوا من محطة اللاثورة أو الثورة غير المكتملة إلى الثورة، ثورتهم التي خطفها العسكر في غفلةٍ من الزمن، أو ربما في لحظة تآمر كبرى، ما زالت أسطوانتها تصدح في شوارع القاهرة.