أدان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاعتداءات التي تشنها ميليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة الليبية طرابلس لاحتلالها والسيطرة عليها، مؤكدا وقوف تركيا بكل إمكانياتها ضد المؤامرة على الشعب الليبي وضد أطماع الديكتاتور حفتر المدعوم من تحالف الثورات المضادة في المنطقة والذي يضم إسرائيل والسعودية والإمارات ومصر.
كما ندد وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بما وصفه بالقصف الوحشي على الأحياء السكنية في طرابلس.
وقالت وكالة الأنباء الفرنسية: إن طرابلس تعرضت لغارات جوية قبل منتصف الليل، ونقلت عن شهود أنهم سمعوا دوي انفجارات ضخمة ترافق مع هدير طائرات في السّماء.
وحتى الحين أدّت المعارك إلى مقتل 278 شخصًا على الأقل وإصابة 1332 ونزوح 38900 آخرين، حسب الأمم المتحدة.
وأكد أردوغان، في اتصال هاتفي في وقت متأخر من مساء أمس الأحد، مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج دعمه للحكومة باعتبارها الحكومة الشرعية، مؤكدًا أيضا أن أنقرة ستسخر كل الإمكانيات لمنع ما سماها المؤامرة على الشعب الليبي.
وقال أردوغان للسراج: إنه لا وجود لحل عسكري للأزمة الليبية، مشيرا إلى أن المسار السياسي هو الوحيد لبناء الدولة المدنية التي يتطلع إليها كل الليبيين.
وتعليقا على المعارك الجارية في جنوب طرابلس، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال كلمة له باجتماع لحزبه أمس الأحد بالعاصمة أنقرة، إن بلاده ستقف إلى جانب الليبيين في مقاومتهم للدكتاتور المدعوم من قبل بعض الدول الأوروبية والعربية.

ويشير أردوغان إلى الدعم الذي يتلقاه حفتر من مصر والسعودية والإمارات ودول أوروبية، على رأسها فرنسا، وقال إن “ليبيا اليوم واحدة من الأماكن التي يحاول البعض تنفيذ سيناريوهات مظلمة فيها، ففي جانب منها هناك إدارة تستمد شرعيتها من الشعب، وفي الجانب الآخر دكتاتور يتم دعمه من قبل أوروبا وبعض الدول العربية”.
وفي كلمة ألقاها في اجتماع لحزبه بأنقرة، تعهد أردوغان بأن تسخر تركيا كل إمكانياتها من أجل إفشال مساعي الذين يعملون على تحويل ليبيا إلى سوريا.
في سياق متصل قال وزير الخارجية القطري في تغريدة على تويتر إن استهداف المدنيين بغرض خلق الفوضى وضرب المؤسسات والأهداف الحيوية، جريمة حرب يتحملها مرتكبوها وداعموهم.
وأضاف الشيخ محمد بن عبد الرحمن أن النفاق السياسي وازدواجية المعايير أثقلا كاهل الوطن العربي وشكلا بيئة خصبة لنمو الإرهاب. وتابع أنه بينما تدعي بعض الدول العربية مكافحة الإرهاب، تستخدم أدواتها إرهابا ضد الشعوب العربية.
“الوفاق”: سنواصل القتال
من جانبه شدّد السراج خلال اتصاله بالرئيس التركي، على أن قوات الجيش الليبي تدافع بكل قوة عن العاصمة وعن خيار الشعب الليبي في الدولة المدنية، وستواصل القتال إلى أن تنسحب القوات المعتدية، على حد تعبيره.

بدوره، قال وزير الداخلية في حكومة الوفاق الليبية فتحي باشاغا إنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار ولا تفاوض مع حفتر، موضحا أن على الأخير سحب قواته، وأضاف باشاغا في مؤتمر صحفي بتونس العاصمة أنه ستكون هناك خريطة سياسية جديدة في ليبيا, غير التي كانت قبل الهجوم على طرابلس.
كما كشف أن لدى حكومته أدلة على التدخل الأجنبي في الحرب إلى جانب قوات حفتر، وأن الأمم المتحدة تشارك في التحقيقات. وأكد باشاغا أن دقة قصف الطائرات لا تمتلكها قوات حفتر، بل تملكها عادة دول غربية، ولا تحوزها إلا دولة أو اثنتان في المنطقة.
وكان السيناتور الجمهوري بمجلس الشيوخ الأميركي ليندسي غراهام، قد قال إن المحادثات الهاتفية التي أجراها الرئيس دونالد ترامب مع حفتر أثارت الاضطراب في المنطقة. وحذر غراهام في مقابلة تلفزيونية ترامب من مغبة الانحياز إلى حفتر، ودعا إلى اتخاذ موقف أكثر توازنا يدعم الحل السياسي.
الصراع على النفط
وتسيطر قوات حفتر على رأس لا نوف والموانئ النفطية الأخرى بشرق البلاد والحقول النفطية الليبية، ولكن من الناحية العملية ترك إدارتها للمؤسسة الوطنية للنفط. ويقع مقر المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس، وقد سعت للبقاء بعيدا عن الصراع بين طرفي النزاع حتى تتمكن من مواصلة تصدير النفط الذي يعد شريان الحياة لليبيين.
وأدانت المؤسسة الوطنية للنفط استخدام منشآتها لأغراض عسكرية، دون أن تذكر قوات حفتر بالاسم. وقالت في بيان “تعرب المؤسسة الوطنية للنفط عن إدانتها الشديدة لعسكرة المنشآت النفطية الوطنية في ليبيا”.
من جهته، أكد آمر القطاع الأوسط بخفر السواحل الليبي التابع لحكومة الوفاق رضا عيسى أن القوات البحرية الليبية حصلت على صور للسفينة الفرنسية التي رست في ميناء راس لانوف النفطي، وتقوم بتحقيقات وتجمع مزيدا من المعلومات والأدلة عن تلك السفينة.
من جانبه، قال رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري إن دعم الإمارات والسعودية ومصر لهجوم حفتر أضر بالعملية السياسية، وجعل العودة إلى الحوار شيئاً من الماضي. وفي كلمة بمنتدى الجزيرة الثالث عشر في الدوحة، حذر المشري من أن هجوم حفتر قد يؤدي أيضا إلى وقف صادرات ليبيا النفطية.