الاستثمار في “بن سلمان”.. هكذا تلاعبت به ثعالب أمريكا و”إسرائيل”

- ‎فيعربي ودولي

تصريحات الرئيس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول مقتل الصحفي جمال خاشقجي تحمل انحيازًا سافرا للنظام السعودي ودعمًا كان متوقعًا لولي العهد السعودي محمد بن سلمان؛ فالرئيس الأمريكي ضرب عرض الحائط بخلاصة ما انتهت إليه المخابرات الأمريكية والتي تؤكد تورط محمد بن سلمان في الجريمة؛ وانحاز لتصديق ولي العهد السعودي؛ “لأنه أخبره خمس مرات أنه ليس متورطًا في الجريمة”!

ترامب كان صريحا للغاية بل كان فجًّا ومتعجرفًا في صراحته، وبنى موقفه على معيارين أساسين: الأول هو المصالح الأمريكية في المنطقة باعتبار النظام السعودي حليفا قويا في مواجهة تهديدات إيران من جهة ومخاطر ما يسمى بالإرهاب الذي وصفه بالإسلامي من جهة ثانية، كاشفا أن الرياض أنفقت مليارات الدولارات في هذه الحرب، وتجاوبت كذلك مع طلبات واشنطن بتخفيض أسعار النفط، وأبرمت صفقات ضخمة لشراء السلاح الأمريكي واستثمارات وفرت الآلاف من فرص العمل للأمريكيين.

أما المعيار الثاني فهو الدور السعودي في ضمان حماية “إسرائيل”؛ حيث يعول الرئيس الأمريكي على دور محمد بن سلمان في تمرير صفقة القرن التي تمثل انحيازا سافرا للكيان الصهيوني على حساب العرب والمسلمين والقضية الفلسطينية، وقد استثمر ترامب واليمين المتطرف في بن سلمان كثيرًا وراهنوا على دوره ودعموا صعوده إلى هرم السلطة في المملكة للقيام بهذه المهمة القذرة.

ولي عهد (بلاد الحرمين!) ربما تنفس الصعداء من الموقف الأمريكي؛ لكنه بات عاريا أمام شعبه، فسوف يدعم البيت الأبيض بقاءه من أجل مهمتين واضحتين: خدمة المصالح الأمريكية وحماية أمن الكيان الصهيوني؛ أي أنه بات متهمًا صراحة بالخيانة للأمة والأمانة والإسلام.

ترامب من جانبه تعامل ببراجماتية عالية؛ حيث دعم النظام السعودي من خلال التأكيد على أن العلاقة مع السعودية كدولة متينة وقوية لكنه أدلى بتصريحين أقلقا الجانب السعودي وتركا الباب مفتوحًا أمام ممارسة ابتزاز متواصل للنظام السعودي؛ ما بقي “بن سلمان” وليًا للعهد، حيث قال إنَّه “من المحتمل جداً أنَّ وليّ العهد كان على علم” بمخطط قتل خاشقجي.

كما أضاف أنه مستعدٌّ لدراسة أية أفكار يطرحها الكونجرس حول معالجة المشكلات مع السعودية؛ ما يعني أنه على استعداد للتعاطي مع أي تطورات أو اقتراحات إذا ما كانت موجة الضغط من الكونجرس والإعلام وباقي المؤسسات الأمريكية قوية وفعالة، وهو بالطبع ما يمكنه من استمرار ابتزاز المملكة وفق تطورات التحقيقات.

وعلى الفوز جاءت تصريحات مايك بومبيو، وزير خارجية ترامب، متسقة مع هذه الفلسفة وتلك التوجهات؛ حيث طالب، في ذات اليوم، النظام السعودي بتسديد التزاماته المادية المتعلقة بالعقود الدفاعية الأمريكية في الموعد المناسب! وأضاف بومبيو أنه ناقش مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو في واشنطن ملفات ثنائية وإقليمية، منها قضية مقتل خاشقجي، وشدد على أن بلاده ملتزمة بوضع المصالح القومية الأمريكية فوق كل اعتبار، “وهذه من مهام الرئيس الأمريكي” دونالد ترامب.

الاستثمار في “بن سلمان” لم يتوقف عند واشنطن واليمين المتطرف، بل كان للكيان الصهيوني نصيب وافر في هذا الاستثمار اعتمادا على طموح ولي العهد وتهوره وقلة خبرته السياسية ورغبته الجامعة في تبوؤ العرش السعودي مهما كان الثمن.

وبحسب الكاتب والمحلل السياسي خليل العناني فإن “إسرائيل تظل المستثمر الأكبر في بن سلمان، فكانت، ولا تزال، الأحرص على أن يظل بن سلمان في السلطة أطول فترة ممكنة. ويحاول رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، الضغط بكل قوة من أجل تقليل الضغوط الأمريكية على بن سلمان على خلفية أزمة اغتيال خاشقجي.. وترى إسرائيل في بن سلمان الورقة الأهم التي يمكن استخدامها؛ من أجل تحقيق أهدافها الإقليمية، وأهمها التصدي لإيران، وتصفية القضية الفلسطينية، وتطبيع علاقاتها مع البلدان العربية والإسلامية”.

إزاء ذلك لم يخجل نتنياهو من التصريح بأن بن سلمان يمثل حجر زاوية أساسيا في الاستقرار الإقليمي، ويقود حاليًا جهودًا منظمة ولحوحة لتحسين صورة بن سلمان في أمريكا، خصوصًا لدى إدارة الرئيس دونالد ترامب، وهي بالطبع كانت معيارا حاسما في تحديد موقف الرئيس الأمريكي الذي حرص على بقاء بن سلمان في السلطة مهددا بتطورات التحقيقات والقضية حتى يمارس بحقه أعلى صور الابتزاز الرخيص تحت شعار “المصالح القومية الأمريكية فق كل اعتبار”.