من انقلاب الثلاثين من يونيو 2013 وعلى لسان السفيه عبد الفتاح السيسي ثلاث عبارات جاهزة «مؤامرة خارجية.. وأيادي خفية.. وأنا بحارب الإرهاب»، وأصبح إسالة مفاهيم الوطنية والوطن والمواطن أخطر من إسالة الغاز الصهيوني، وفي هذه اللحظة المجنونة تصبح قطرة دم الشهيد أرخص من” شيكل” صهيوني، وتصير ذكريات الحروب، بانتصاراتها وانكساراتها، أقل أهمية من لقطات ساخنة في فيلم تجاري.
وبات السؤال الذي يثير الجنون.. ترى ماذا يقول جنرالات الانقلاب للشاب المجند لكي يستطيع تدمير منازل وقتل أبرياء وتشريد أسر في سيناء؟ وكيف يقنعوه أن قتل مصري مثله بريء لا ذنب له عمل وطني؟!
ويسعى جنرال انقلاب 30 يونيو لتهجير أهالي شمال سيناء وتفريغ المنطقة من سكانها؛ من أجل تمرير صفقة القرن المشبوهة التي أبرمها مع الرئيس الأمريكي المتطرف دونالد ترامب، بمشاركة باقي أفراد عصابة الحكام العرب المستبدين في السعودية والإمارات.
وردا على سؤال.. ماذا يقولون للمجند لكي يستطيع تدمير منازل وقتل أبرياء في سيناء؟ يقول الناشط السياسي مروان البلبيسي: “انقسامات في الجيش والانقلاب يترنح والجيش فيه شرفاء كلام مخدرات أنا راجل عملي وأفهم وأتعامل مع الواقع إني قصاد حكم عسكري مستحيل الجيش يفرط في حكم مصر حتى لو فيه شرفاء كده حطيت أسوء الاحتمالات كمان إذا كان حبيبك عسل ما حدش هيسيبه لك هيخده منك”.

البريء سبع الليل هو الإجابة!
ويرى نشطاء ومراقبون أن المجند العادي عديم التعليم أسهل فريسة لخدمة رغبات العسكر، وأشهر مثال على ذلك فيلم “البريء” الذي لعب بطولته الفنان الراحل أحمد زكي، ومثل فيه شخصية أحمد سبع الليل المجند الريفي الذي تم غسيل دماغه وحشو عقله بمعلومات خاطئة وتضليله لصالح السلطات.
يقول الناشط حكيم عادلي: “غسل الأدمغة وتغيير العقيدة القتالية لجنود لا يفهمون ولا يناقشون عملا بالقانون العسكري نفذ الأمر ولو غلط.. راجع فيلم البريء”.
ويقول محمود سليمان: “الموضوع بسيط وسهل.. زود المرتبات والامتيازات بشكل كبير ينقله نقله كبيرة ماديًا واجتماعيًا، يتحول لمرتزق كل همه الحفاظ على الوضع اللى هو فيه، هيقتنع بكل شىء حتى التفريط فى الأرض”.
ويقول السمح بن مالك: “مثلما أقنعوا الشرطة وجعلوهم يقتلون المسلمين في رابعة والنهضة، وقالوا لهم هذا عمل ديني وأن الإخوان المسلمين يتاجرون في الدين، وهم خوارج وطوبى لمن قتلهم وقتلوه، فهذا ما قاله المجرم على جمعة”، مضيفًا: “زمان كانو بيقولوا للعساكر على المعابر إن الغزاوية هما اليهود الإسرائليين وعاوزين يحتلو سينا تاني.. وعادي جدًا”.

حرب السيسي وحده
من جانبه يقول الكاتب والمحلل السياسي وائل قنديل:” ما تدور الآن في سيناء، هي حرب عبد الفتاح السيسي وحده، ضد عدوٍّ هو الذي استدعاه وغذّاه وسمّنه وتركه يتوحش، ليستخدمه فزّاعةً في وجه كل من يطلب العدل ويحلم بالحرية ويناضل من أجل المساواة والكرامة.. هي حربٌ من أجل الصور واللقطات، بغية تصنيع زعامةٍ من اللاشيء، ناهيك أن التاريخ لم يعرف حرباً محترمة بمشاركة العدو الأصلي والحقيقي، ضد عدو مصنوع في ورش الأعداء التاريخيين”.
مضيفًا: “كانت كل حروبنا المحترمة، المقدسة، حتى التي انهزمنا فيها، من أجل سيناء وفلسطين، وليست حروبًا على سيناء وفلسطين، وبمباركة أعداء سيناء وفلسطين ودعمهم، ولذلك كانت الأولى معركة الجميع، فيما الثانية معركة الباحثين عن مجد مغزول بخيوط العدو، وموشّى بنياشينه”.
وتابع: “لا تكون الحرب مقدسة ونظيفة حين تدكّ بيوت أصحاب البلد، وتهلك حرثهم وزرعهم، بينما لا يخجل خبراء الزمن المعوج من الإفصاح عن أن الحرب على سيناء تحقق مصلحة كبرى لإسرائيل، التي هي العدو، مهما حاولوا تسميم آبار الوعي بحكايات الحرب على الإرهاب”.
مشددًا: “سيبتزّونك ويطعنون في وطنيتك وانتمائك، لأنك تريد أن تحتفظ بعقلك وقلبك سليمين، وسيتهمونك بالخيانة، لأنك لا توافق على محرقةٍ تجري في سيناء، وترفض محرقةً أخرى تدور منذ أربع سنوات في الداخل، تمزق كل وشائج المجتمع، وتعدم أبرياءه، وتصنع من معارضي الحمق السلطوي أعداء، تقدّم رؤوسهم قرابين يومية، طلباً لرضا الأعداء الحقيقيين”.