مع اقتراب مسرحية انتخابات قائد الانقلاب العسكري والتي تجري وقائعها خلال أيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء، كشف تقرير صحفي كيف يخطط النظام لمشاركة عدد كبير من مؤيديه والفقراء المحرومين من لقمة العيش، رغم أنها انتخابات محسومة نتائجها سلفاً لصالح عبد الفتاح السيسي.
ونقلت صحيفة “العربي الجديد” عن مصادر من داخل عدد من الجمعيات الخيرية في مصر، أنها تلقت تعليمات من جهات حكومية وأمنية بإلزام كل جمعية بتوفير حافلتين أمام مقارها في الثامنة من صباح الإثنين المقبل، أول أيام التصويت في الداخل، بغرض نقل 100 ناخب على الأقل من الفقراء المسجلين في دفاترها، للإدلاء بأصواتهم.
وقالت المصادر، إن الجمعيات تلقت تهديدات بالتضييق على عملها الخيري والتلويح بغلقها، من قبل مسؤولي وزارة التضامن، والأجهزة الشرطية محل اختصاصها، في حالة عدم الالتزام بتوفير هذا العدد من الناخبين، وهو الأمر الذي يستهدف حشد نحو 4 ملايين ونصف المليون من أصحاب العوز والحاجة، لوجود ما يزيد عن 45 ألف جمعية على مستوى الجمهورية.
واضطر المسؤولون عن الجمعيات في المحافظات المختلفة إلى إخطار الأسر التي يتكفلون بإعالتها بمبالغ محددة شهرياً بضرورة الحضور مبكرا أمام مقراتها في يوم الانتخاب الأول، وبحوزة كل فرد منهم بطاقة “رقم قومي” سارية، بعد الاتفاق مع مكاتب النقل والسياحة على استئجار أتوبيسات لنقل هؤلاء المواطنين البسطاء إلى مقار انتخابهم.
و كشفت مصادر إعلامية، في حديث خاص، أن النظام يستهدف حشد هؤلاء الناخبين الفقراء، بالإضافة إلى قرابة خمسة ملايين ناخب من العاملين في الجهاز الإداري للدولة، في الساعات الأولى من أول أيام التصويت، لأخذ أكبر عدد من الصور و”الفيديوهات” التي تظهر طوابير الناخبين، باعتبار أن هذه المسرحية هي الأكثر مشاركة من سابقاتها، على خلاف الحقيقة.
حشد إجباري
وأضافت المصادر أن نواب برلمان العسكر وأصحاب المصانع والمتاجر والشركات الخاصة من الموالين للسيسي، سيعملون على حشد المواطنين في اليوم الأول، من خلال توفير أتوبيسات لنقل العاملين إلى اللجان الانتخابية، مع إحداث حالة من الصخب، والشعبية الزائفة، بترديد الأغاني على أبواب اللجان اعتماداً على موالاة هيئة الانتخابات، وغض الطرف المتوقع عن التجاوزات الدعائية”.
وأفادت المصادر بأن “وسائل الإعلام الموالية للنظام ستسعى جاهدة للترويج لمشاركة نحو 20 مليوناً من المصريين في اليوم الأول للتصويت، بإيعاز من الأجهزة الاستخباراتية التي تديرها من وراء ستار، تمهيداً لإعلان هيئة الانتخابات نسبة مشاركة أعلى من انتخابات الولاية الأولى للسيسي في العام 2014، والتي قيل حينها إن أكثر من 25 مليون مصري أدلوا بأصواتهم فيها”.
كذلك أشارت المصادر إلى أن الترويج لهذه الأرقام في نهاية اليوم الأول أمر ضروري، تحسباً لضعف إقبال الناخبين المتوقع في ثاني وثالث أيام التصويت، على غرار ما حدث خلال أيام تصويت المصريين في الخارج، إذ جرى حشد الموالين في طوابير في الساعات الأولى مع ضعف إقبال واضح لاحقاً، في حين عمد إعلام النظام إلى نشر الصور ذاتها المأخوذة من اليوم الأول.
واختتمت المصادر حديثها قائلة إن “وكلاء الوزارات، ومديري العموم في الأجهزة الحكومية، نبهوا الموظفين بضرورة المشاركة في الانتخابات الرئاسية، وإظهار الحبر الفوسفوري على أصابعهم أمام رؤسائهم المباشرين، مع التحذير بأنه في حالة عدم ذهاب الموظف للتصويت على مدار الأيام الثلاثة، سيتم حسم يوم عمل منه، وذلك دون سند من القانون أو لوائح العمل المنظمة”.
وثارت ضجة كبيرة فور كشف هذه المحاولات من خلال تصوير بعض التعليمات المكتوبة التي علقها بعض المسؤولين في المحافظات على جدران المصالح الحكومية، وتحديداً في الإدارات التعليمية.
ضغوط شديدة
وأكدت المصادر نفسها أن ضغوطًا شديدة مورست على الموظفين في هذا الاتجاه خلال الأيام القليلة الماضية، وتتزايد كلما اقترب موعد التصويت.
ولفتت المصادر إلى أن بعض الموظفين في إحدى الوزارات المهمة رفضوا هذه التعليمات باعتبارها تتعارض مع رغبة كل مواطن وحريته، فيما لم يتحدث عدد من الموظفين عن ذلك خوفاً من أزمات مع مديريهم. وأشارت إلى أن هناك حالة قلق انتابت المسؤولين، خوفاً من تهرب الموظفين والعمال من التصويت خلال أيام الاقتراع الثلاثة، وسط تشديدات بضرورة النزول بقوة.
وتقوم أجهزة أمنية وسماسرة انتخابات بجمع بطاقات الرقم القومي من الناخبين في بعض الأحياء الشعبية في القاهرة الكبرى وبعض المحافظات، لإجبارهم على المشاركة والتصويت في الانتخابات.
وعلّق قيادي فيما يسمى “الجبهة المدنية الديمقراطية” على ما يجري قائلاً إن مسألة إجبار الموظفين على المشاركة في التصويت للسيسي، أمر متوقع وليس جديداً على الأنظمة الديكتاتورية.
وأضاف القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، في تصريحات خاصة، أن ممارسات النظام الحالي من أجل إسكات كل الأصوات التي تعارض وجوده أو قررت مقاطعة الانتخابات، والقمع المتزايد، تدفعه للقيام بأي شيء لتحقيق ما يريده. وتابع أن محاولات الأجهزة الأمنية والإعلامية التابعة للنظام الحالي للحشد للسيسي لن تعكس وجود شعبية له، لأن كل الممارسات معروفة للمجتمع الدولي، وأيضا للمواطنين المصريين.
وأشار إلى أن الشعب أكثر وعياً ولن يشارك في هذه المسرحية الهزلية لتعرية السيسي تماماً دولياً، خلافاً لما يريد من إظهار وجود شعبية كبيرة له في الداخل، رغم الفشل في كل الملفات وعلى كل المستويات المعيشية والاقتصادية.