“كل فجر وله آذان والنهاردة النيابة بتقول شكوك حول تورطهم، بكرة هيقولوا براءة وأنا حاسة انه مش بعيد”، كانت هذه كلمات رشا طارق، التي فقدت شقيقها ووالدها وزوجها في مجزرة ميكروباص القاهرة الجديدة، المعروف إعلاميا بحادث عصابة خطف الأجانب، فهل لا يزال أحد يذكر هؤلاء الخمسة الذين أعدمهم السفيه قائد الانقلاب في الشارع بالرصاص بدم بارد؟
في مثل هذا اليوم 24 مارس قبل عامين كانت واحدة من أكبر كذبات عصابة الانقلاب التي وردت على لسان وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب، تقديم قربان بشري مكون من 5 مصريين أبرياء، وأن ميلشياتها عثرت على حقيبة بها متعلقات للباحث الإيطالي جوليو ريجيني بحوزة عصابة إجرامية، زعمت أن أفرادها تخصصوا في قتل الأجانب فقط، وقَتل أفراد عصابة الانقلاب من قالوا أنهم أفراد عصابة الأجانب بدم بارد رميا بالرصاص، في عملية إعدام ميداني وحشية في أحد شوارع القاهرة، وعثر على جثة ريجيني 28 عاما قرب القاهرة وكان بها آثار تعذيب.
تقول صاحبة حساب الثورة مأنتخة:” زي النهاردة من سنتين الدولة الفاجرة قتلت 5 واتهمتهم بقتل ريجيني وكمان حطولهم الأحراز الشخصية بتاعته لا قاتل ريجيني أتمسك ولا اللي قتلهم أتحاكم ..”.
وفي ذكرى قتل الأبرياء الذي لا يتوقف منذ انقلاب 30 يونيو 2013، تتردد في فضاء الدم هذه الأسئلة هل ظلت عصابة الانقلاب طيلة 80 يوما بعد تفجير فضيحة قتل ريجيني تبحث عن كبش فداء تتهمه بقتل الشاب الإيطالى، الذي أثار مقتله أزمة كبرى بين العسكر وإيطاليا من جهة والقاهرة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى؟.

هل يسدل الستار على القضية التي دفعت البرلمان الأوروبي لإصدار توصيه إلى دول الاتحاد بحظر بيع الأسلحة إلى عسكر الانقلاب، مشددًا على ضرورة تقديم أفراد عصابة العسكر المسئولين عن مقتله وتعذيبه لمحاكمة عاجلة؟، وهل كانت تصريحات وزير العدل السابق في حكومة الانقلاب، أحمد الزند، التليفزيونية والتي ألمح فيها وقتها إلى دور وزارة الداخلية في قتل ريجيني وراء تسريع الوزارة في البحث عن كبش فداء؟
شهادات الدم!
بداخل إحدى الفيلات في شارع “طه حسين” حيث تمت عملية قتل الخمسة الأبرياء، قرر خفير – رفض ذكر اسمه خوفا من انتقام عصابة الانقلاب- أن يحكى ما رأه قائلًا: “خرجت للشارع الساعة السابعة الإ خمسة صباحًا، كالعادة انتظارًا لأطفالي للذهاب بهم إلى المدرسة، إلا انني سمعت صوت قوى كأنه انفجار”.
وتابع: “يا دوب بصيت تجاه الصوت، لقيت ميكروباص ابيض متحاصر بناس لابسة زي اسود وملثمة، وضرب نار في كل حتة ومن الخضة جريت استخبيت تحت عربية”. مضيفًا: “افتكرت داعش نزلت المنطقة”.
وأوضح أنه أثناء فترة تواجده تحت العربية، والتي دامت لمدة ثلاثة دقائق، شاهد رجلين عزل نزلا من الميكروباص أحدهم شاب رافعًا يده وحاول الحديث لقوات الأمن والآخر رجل عجوز حاول الركض إلا ان قوات الأمن قامت بتصفيتهم”.
ونشرت صحيفة “لا ريبابليكا” الإيطالية نقلاً عن رسالة جاءت للصحيفة من مصدر مجهول قال إنه يعمل في الشرطة المصرية أرسل إليها بشهادته عبر البريد الإلكتروني حول ملابسات مقتل ريجيني، واعتمدت على تفاصيل تتفق مع ما توصل إليه تقرير تشريح جثمان الأخير في إيطاليا الذي لا يعرف تفاصيله سوى المحققين الإيطاليين، ووجهت الشهادة الاتهام لـ “خالد شلبي” مدير الإدارة العامة للمباحث بمديرية أمن الجيزة، بأنه أصدر قرار القبض على ريجيني، لينقل بعدها إلى مقر الأمن الوطني ثم إلى المخابرات الحربية التي قامت بتعذيبه حتى فارق الحياة!
مالهومش دية
ومن خلال وصف الخفير كان ترتيب الأبرياء القتلى الخمس كالآتي: “السائق ابراهيم وإلى جانبه صلاح، وفي الكرسي الذي يليهم طارق سعد وإلى جانبه سعد ابنه، ومصطفى بكر يجلس وحده في الكرسي الثاني”.

وتابع: “اثنين نزلا من السيارة، الأول هو الشاب المتواجد بالكرسي خلف السائق وحاول الحديث للقوات الأمنية الإ ان الرصاص اصابه وسقط مكانه بجانب الميكروباص، والثاني هو العجوز المتواجد بالكرسي الثاني داخل الميكروباص وحاول الجرى للطريق المعاكس بخلف السيارة محاولًا الفرار من الموت الإ انه سقط أيضًا”.
ورغم أن بيان عصابة الانقلاب الأول يشير إلى عثورهم على :” بندقية آلية عيار 7,62×39 – 12 طلقة من ذات العيار – طبنجة عيار 9 مللى، طلقتين من ذات العيار”. الإ أن الخفير والذي شاهد الحادثة كاملة لأن الميكروباص تم إيقافه أمام الفيلا التي يعمل بها يؤكد للبداية: “المتواجدين داخل الميكروباص كانوا عزل، لم يكن هناك تبادل لإطلاق للنار وأن ضرب النار كان اتجاه واحد وهو الأمن”.
وتابع الخفير: “الدم غرق المكان قصاد الفيلا وأنا نضفته بإيدي ومن ساعتها وأنا بترعب لما بتيجي سيرة الحادثة، أنا من بنى سويف وهنا بأكل عيش ومش عاوز أذيه ليا ولا لعيالي، ولو كان في أمل أن حق أى مظلوم يجي، مش هنكتم الشهادة، بس من الآخر كلنا عارفين أن إلى الدولة هتقول عليه هيبقى هو الحقيقة المُسلم بيها عشان منوجعش قلبنا ودماغنا”.
سيدة أربعينة تعمل بإحدي الفيلات قالت: “اليوم دا أنا فاكراه كويس، لأني كنت في الصينية بشتري فول من عريبة الفول، وفجأة لقيت عربيات أمن بها قوات خاصة، قاموا بإطلاق النار على سيارة ميكروباص آتيه من شارع طه حسين المقابل للصينية”.
وتابعت السيدة: “ضرب النار كان من صف الأمن بس، وشهادة اتحاسب عليها أن اللي جوه العربية مكنش معاهم سلاح، ومافيش صف عسكري من قوات الأمن اتصاب”.
وأضافت: “اثنين من المتواجدين داخل الميكروباص، حاولوا الهروب، أحدهم رفع يده في إشارة منه لقوات الأمن بالاستسلام والآخر جرى في الاتجاه المعاكس”. واختتمت السيدة بأن:”الأمن قال لهم أن ركاب الميكروباص مجرمين وتم التعامل معهم، وحذرهم من التحدث للإعلام أو الحديث عن الواقعة”.
واختتمت: “احنا فضلنا ساكتين لاننا خايفين، كلنا هنا بناكل عيش، واللي ماتوا شكلهم غلابة، فدا الى مخوفنا اكتر، ان الغلبان مالوش دية”.
وسخر الصحفي محمد مرعي قائلا: “”عصابة تعمل في منطقة وقتل جوليو حدث في منطقة، وقتلة يحتفظون لأكثر من شهر بدليل إدانتهم، وعصابة خطف وسرقة تقتل وتعذب”، وتابع:”وياترى التشكيل العصابي بتاع القاهرة الجديدة المسجلين خطر واللي اتقتلوا كلهم وهم بيستجوبوا ريجيني وبيعذبوه بالطريقة البشعة دي كانوا عاوزين يوصلوا معاه لايه مثلا، طب كانوا بيستجوبوه بالانجليزي ولا بالإيطالي ياسادة”.
وسخر الصحفي وائل ممدوح ملمحاً لدخول مدير مكتب السفيه السيسي على الخط: “سيناريو تقفيل القضية على الطريقة المصرية كان متوقع لكن مش بالتنفيذ البلدي دا. نتابع بقى تناول الفضائيات للبيان علشان نعرف الطبخة داخلية بس ولا عباس كمان ليه يد فيها”.