توالت تعليقات المواقع والوكالات والصحف الأجنبية، على مسرحية الانتخابات الهزلية لقائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي، حيث جاء أبرز ما رصدته الوكالات الأجنبية حول قلة أعداد الناخبين وحضور كبار السن وغياب الشباب، في الوقت الذي تكرر المشهد الانتخابي الملاصق لأي انتخابات في نظام السيسي، وهو رقص بعض السيدات على باب اللجان.
واعتبرت شبكة “سي إن إن” الأمريكية، أن انتخابات عبد الفتاح السيسي هي مسرحية محسومة النتائج، حيث أكدت أن اعتقال الفريق سامي عنان وانسحاب الفريق أحمد شفيق وخالد علي وأنور السادات من السباق، أكد أن النتائج محسومة لصالح قائد الانقلاب العسكري، الذي ضغط على المنافسين وقام بقمعهم لترك الساحة خالية أمام السيسي.
ويسعى السيسي (63 عاما)، الذي كان قائداً للجيش وقت الانقلاب على الرئيس محمد مرسي أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر عام 2013، إلى فترةٍ رئاسيةٍ ثانيةٍ بعد فترته الأولى التي استمرت 4 سنوات.
وقالت “سي إن إن”، إن الإقبال أقل من المتوقع، وقد يشير إلى أن السيسي يفتقر إلى التفويض اللازم لاتخاذ المزيد من الخطوات الصعبة المطلوبة اقتصاديا من أجل رفع الدعم.
وأضافت أن منافس السيسي الوحيد في الانتخابات التي بدأ التصويت فيها اليوم الإثنين لمدة 3 أيام، هو موسى مصطفى موسى، وهو مؤيد للسيسي منذ فترة طويلة، وينظر إليه على نطاق واسع على أنه مرشح صوري. وحزب الغد الذي يرأسه موسى أيد السيسي بالفعل لولاية ثانية قبل أن يظهر موسى نفسه كمنافس في اللحظات الأخيرة.

وجاء في مقال افتتاحي بصحيفة الأهرام، أمس الأحد، أن أهمية الانتخابات هذه المرة ليست فى قوة المنافسة، لكن في أنها تحمل رسالة بأن مصر تستعيد قوتها في مواجهة التهديدات الداخلية والخارجية.
وقالت الافتتاحية “أهمية الانتخابات الرئاسية هذه المرة ليست في حدة المنافسة أو شراسة المعركة، وإنما هي رسالة للعالم كله بأن مصر تجتاز مرحلة النقاهة بسرعة وبخطوات منتظمة وواعية، في وقت تتجمع فيه قوى التآمر الداخلية والخارجية لعرقلة مسيرة التقدم والإصلاح في محاولة يائسة للنيل من مصر ومستقبلها”.
تكميم المعارضين
فيما نقلت صحيفة “هافينجتون بوست”، عن منتقدي السيسي، أن شعبيته تضررت منذ انتخابه في مسرحية 2014؛ نتيجة الإصلاحات التقشفية وتكميم المعارضين والنشطاء ووسائل الإعلام المستقلة.
ولم ينظم المرشحان حملات انتخابية واسعة، لكنهما حثا على المشاركة في التصويت بقوة. وفي انتخابات 2014، فاز السيسي بنسبة 97% تقريباً من الأصوات، لكن لم يشارك في العملية الانتخابية سوى أقل من نصف من لهم حق التصويت، وذلك رغم تمديد الانتخاب وإجرائه على مدى ثلاثة أيام.
وأشار السيسي- في تصريحات أدلى بها هذا الشهر- إلى أنه قد يرى أن التصويت يمثل استفتاء على أدائه، وقال “من الأفضل أن يشارك كل الذين لهم حق التصويت ويقول ثلثهم لا، أفضل كثيراً من أن يشارك نصف الذين لهم حق التصويت ويقول معظمهم نعم. ونحن نتعهد أن نكون أمناء على كل صوت، انزل وقل لا في الانتخابات، لأن كلمة لا صورة جميلة عن مصر أيضاً”.

ودعت شخصيات معارضة إلى مقاطعة الانتخابات بعد انسحاب كل الحملات المعارضة الرئيسية قائلة، إن القمع أخلى الساحة من المنافسين الحقيقيين.
وأشارت “هافينجتون بوست” إلى اعتقال المنافس الأبرز للسيسي، وهو سامي عنان رئيس أركان الجيش الأسبق، وتوقفت مساعيه لخوض الانتخابات بعد أن اتهمه الجيش بإعلان الترشح “دون الحصول على موافقة القوات المسلحة أو اتخاذ ما يلزم من إجراءات لإنهاء استدعائها له”.
وحتى قبل بدء الحملة رسمياً، انتقدت الأمم المتحدة وجماعات مدافعة عن حقوق الإنسان وشخصيات معارضة الفترة التي سبقت الانتخابات وقالت إنها شهدت اعتقالات وتخويفا للمعارضين، وإن إجراءات عملية الترشح تصب في صالح السيسي فقط.
وانتقدت الحركة المدنية الديمقراطية، وهي تحالف سياسي معارض، السيسي بشدة يوم الثاني من فبراير؛ بسبب خطاب حذر فيه كل من يسعى لتحدي حكمه. ووصفت الحركة الخطاب بأنه محاولة لنشر الخوف مما يقوض نزاهة المنافسة الانتخابية.
وفي رسالة إلى فريق السياسة الخارجية بإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قالت مجموعة العمل بشأن مصر، وهي مجموعة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري تضم خبراء أمريكيين في السياسة الخارجية، إن “الانتخابات الصورية” ستجرى على خلفية انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وقالت “نحثكم على عدم التعامل مع هذه الانتخابات على أنها تعبير شرعي عن إرادة الشعب المصري والامتناع عن الإشادة أو التهنئة”.
وأضافت أنها تتوقع أن يقترح أنصار السيسي في البرلمان تعديلات دستورية لإلغاء القيود على فترات الرئاسة. وقال السيسي إنه لن يسعى لفترة رئاسة ثالثة.
فيما أكدت مراسلة هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” أن انتخابات السيسي حضر فيها كبار السن رغم قلتهم، وغاب فيها الشباب عن المشهد تماما.
وقال مراسلة “بي بي سي”: “ربما ما يلفت النظر هو أن أغلبية الناخبات اللاتي شاهدتهن هُن متوسطات العمر أو كبار في السن، لا يوجد حضور لافت للشباب”.
وأضافت: “تحدثت إلى بعض الشباب على مقاهي الإسكندرية لنسألهم اذا كانوا سيصوّتون. ويقول أحد الشباب: “حتى قبل أن أدلي بصوتي، أعرف أن السيسي سيفوز، فلماذا إذاً أذهب للتصويت؟”.
بينما يوضح زميله أنه كان سيذهب للاقتراع إذا كانت الانتخابات تشهد منافسة حقيقية بين مرشحين أقوياء “على الأقل إذا فاز السيسي حينها، سيكون فوزه نتيجة إرادة شعبية حقيقية وليس لأنه المرشح الوحيد،” هكذا يقول الشاب الذي لم يتجاوز الخامسة والعشرين، بحسب “بي بي سي”.
فيما نقلت “رويترز” عن منتقدي السيسي أن شعبيته تراجعت، ودعت شخصيات معارضة إلى مقاطعة الانتخابات بعد انسحاب كل الحملات المعارضة الرئيسية قائلة إن القمع أخلى الساحة من المنافسين الحقيقيين.
وقال طالب في جامعة المنوفية (18 عاما) عرف نفسه بالاسم الأول فقط صلاح: ”هانزل لأن دي أول مرة يحق ليا فيها الانتخاب، لكن هنتخب موسى مصطفى موسى“.
وأضاف ”أنا عارف إنه مرشح صوري لكن أنا مش بحب السيسي ودي طريقتي للتعبير عن رفضي له“.