“طلعوه من الثلاجة.. باردة كثير عليه”، هكذا استقبلت أم أحد الشهداء – 16 عامًا- في يوم الأرض جثمان ولدها الشهيد، دخلت إلى المستشفى ملتاعة ورأته رأي العين وقد أنهى مهمته التي تتلخص في رمي العدو بحجر نيابة عن العرب والأمة الإسلامية الصامتة، بدموعها ودعته إلى ما كان يتمنى، إلى مكان ليس فيه الخونة العرب المتآمرين على فلسطين والموقعين على اتفاق القرن.
يقول الصحفي المصري صبحي بحيري: “أهل الرباط فى غزة دقوا أربعة مسامير فى نعش صفقة القرن، ومثلها فى عروش الأنظمة المنبطحة”، بينما يقول المحلل السياسي عمرو عبد الهادي، عضو جبهة الضمير:”يوم الأرض الفلسطيني سنه ١٩٧٦ كان ضد العالم اللي اغتصب ارض فلسطين بينما في ٢٠١٨ يجب أن يكون ضد الحكام العرب أصحاب صفقة القرن”.
وتوالت ردود الفعل العربية والدولية المنددة بالتصعيد الصهيوني ضد المظاهرات السلمية التي نظمت أمس في قطاع غزة بالذكرى الـ42 ليوم الأرض، والذي أسقط 15 شهيدا ومئات الجرحى، وأدان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة، بشدة الهجوم الصهيوني على المدنيين الفلسطينيين فى المظاهرات على حدود قطاع غزة، بينما طلبت الكويت عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن.

عبقرية المقاومة
يقول المحلل النفسي عمرو أبو خليل:” كام شاب عربي وشابة عربية باتوا أمس يحلمون بالشهادة والاستشهاد في سبيل الله وهو يتابعون اخبار #مسيرة_العودة وهي دي عبقرية المقاومة الفلسطينية انها كلما خبت روح المقاومة في الأمة الإسلامية كلما ايقظوها بدمائهم الزكية”.
مضيفاً:”هم يعرفون أن الأمة الإسلامية في أضعف حالاتها ولكن طالما روح الاستشهاد لن تخبو في الأمة يظل هناك امل في تحرير فلسطين والمسجد الأقصى وهو ده اكثر حاجة بترعب الصهاينة وعشان كده التصدي لمسيرة سلمية كان تصدي دموي ولكنهم في حقيقة الأمر يخدمون الفلسطنيين من حيث يتصورون انهم يتصدون لهم”.
وتابع أبو خليل:”لأن عدد الشهداء والمصابين يوصل رسالة مرعبة لكل الصهاينة …..لان ١٥ شاب فلسطيني في ريعان شبابهم قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل نصرة قضيتهم وهناك الف وخمسمائة مصاب كان لديهم نفس الاستعداد لبذل أرواحهم اي مائة ضعف…..والاف الاضعاف من شباب العرب والمسلمين تكون لديهم هذا الاستعداد وهم يرون مسيرة الاستشهاد”.
الاستشهاد سلاح
ويضيف المحلل النفسي عمرو أبو خليل أن هؤلاء الشباب سواء من استشهد أو أصيب هو متيقن تماما أنه لو خرج في المسيرة فالاصل أنه لن يعود ومع ذلك فمن خرجوا كانوا بمئات الألوف وهم مستمرون في فاعلياتهم حتى يوم ذكرى الارض في ١٥ مايو.
وتابع:”الفلسطينيون يحيون أعظم تجليات الحضارة الإسلامية وهو الاستشهاد لأنه معنى انساني عظيم أن يبذل الإنسان روحه في سبيل مايؤمن به وهو يضرب الحضارة المادية في مقتل بصورة عملية وواقعية متجسدة دون كثير كلام وفلسفة”.
مشدداً على ان :”ما يبذلونه من مجهودات لنشر ثقافتهم المادية القائمة على إعلاء روح الاستهلاك الجشع والنهم لجعل الإنسان هو الإله المرفه يأتي بضع عشرات من الشبان الفلسطينيين لينسفوها من أساسها في تحدي سافر لكل قيم الحضارة الغربية المادية”.
وتابع:”لذا فيجب أن نحتفي ونفخر بما يفعله اخواننا الفلسطينيين خاصة وأن كل الشعب الفلسطيني يشارك في هذه المسيرة ونظرة واحدة لمشهد رجوعهم عند الغروب وقت انتهاء المسيرة ينبئك بعظمة هذا الشعب حيث يبدو الجميع وكأنهم عائدون من رحلة وليس من مواجهات ربما نالوا فيها الشهادة”.
وختم بالقول:”لذا يكون من المناسب لمن يهتمون بفهم الأمور بعمق أن نشاهد كيف تحدث الفيلسوف طه عبد الرحمن عن المرابطين المقدسيين وماذا تعني مرابطتهم”.
مخطط السيسي
وأكد أمين عام مؤسسة سيناء للتراث والتنمية، عيد المرزوقي، أن “سيناء يتم تجهيزها كحل جغرافي لقضية اللاجئين الفلسطينيين، أو دولة فلسطينية متوسعة داخل سيناء”، ودلل على حديثه “ما ذكره الرئيس الفلسطيني محمود عباس في 2014 أن قيادة مصرية بارزة عرضت عليه عودة اللاجئين الفلسطينيين في سيناء”.

وقال الباحث في العلاقات الدولية والدراسات الإسرائيلية، أبو بكر خلاف : إن “تصدير المشكلة السيناوية كقضية أمنية هو خطة ممنهجة ويبرهن على ذلك تزايد هجمات إعلام الانقلاب بالتخوين لأهلها مع دعوات كثيرة بإخلاء سيناء من سكانها بدعوى أنه باتت مأوى للعناصر الإرهابية، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك رغبة حقيقية في إتمام أو تسهيل صفقة القرن”.
أما الباحث بمعهد الدراسات حول العالم العربى والإسلامي بفرنسا، المرسي طارق، فرأى أن “المنطقة مقبلة على تغيرات جيوسياسية عميقة؛ بسبب نجاح إسرائيل في ملء الأرض المستولى عليها، وتغيير ديموغرافية القدس، وشرذمة الموقف الفلسطيني، وإقامة علاقات إستراتيجية مع الأنظمة العربية مثل السعودية والإمارات والبحرين ونظام السفيه السيسي.
وأضاف أن “الكيان العسكري الذي أقامته الولايات المتحدة في مصر لم يتوان عن تنفيذ مخطط التخلي عن سيناء بداية من عام 1954 ومن المثير للدههشة أن أول قرارعسكري اتخذه نظام عبد الناصر فى حرب 56 كان الانسحاب الكامل من سيناء، وفعلها مرة أخرى في حرب الأيام الستة في 67”.
وأوضح أنه “خلال أقل من أربعة أعوام نجح السيسي في إنشاء ولاية سيناء لإعطاء الشرعية الدولية للتدخل للخارجي، بدعوى محاربة الإرهاب، وكذا التخلي عن سيناء جزئيا بحجة الأمن بعد التمهيد بالتخلي عن تيران وصنافير للحد من قدرة الكيان الجديد فى سيناء من تهديد أمن إسرائيل”.