رفضت الخارجية التركية تقرير الخارجية الأمريكية بشأن حقوق الإنسان لعام 2017 في تركيا، قائلة إن ما ورد فيه تمّت صياغته استنادا إلى ادعاءات أطراف لها علاقة بالإرهاب، وإنه يفتقر لمعايير الحيادية والشفافية، في الوقت الذي تصم خارجية ترامب أذنيها عن العبارة الصادمة التي رددها الرئيس محمد مرسى من داخل قفص المحكمة “إنني لم ألتقِ الدفاع منذ أربع سنوات، ولا أعرف شيئاً عن أدلة الثبوت أو الاتهامات بالقضية، ولم ألتقِ بأهلي في هذه المدة أيضاً، وأن هناك أشياءً أود مناقشتها مع المحامي تمس حياتي”!
وأصدرت أسرة الدكتور محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب في مصر بيانا تستنكر فيه تجاهل المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني والحكومات للانتهاكات التي يتعرض لها “مرسي” في مقر احتجازه، وانتخب مرسي رئيسا لمصر عام 2012 بعد ثورة شعبية أطاحت بنظام مبارك ليصبح أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، وفي يوليو 2013 سيطر الجيش على مقاليد الحكم بانقلاب عسكري.

وأعرب عدد من السياسيين والحقوقيين المصريين عن قلقهم البالغ على حياة الرئيس محمد مرسي، خاصة بعد تصريحاته الأخيرة التي صرح بها أثناء محاكمته من أن حياته تتعرض للخطر، وأنه لا يُسمح لأهله بزيارته منذ احتجازه، أي ما يتجاوز الخمس سنوات، وهو ما يجعل احتجاز أول رئيس مصري منتخب انتهاكًا صارخا لكل الأعراف والقوانين الدولية والمحلية، والسؤال هل ذلك يقلق الخارجية الأمريكية أم أن مصلحتها تقتضي إعدام كل المصريين للحفاظ على مصالحها التي يخدمها عبدها المطيع السفيه عبد الفتاح السيسي؟
عصابة ترامب التركية!
وبينما نجح سيسي ترامب في الانقلاب داخل مصر أخفق سيسي ترامب في الانقلاب داخل تركيا، وجاء في بيان نشرته الخارجية التركية، رداً على تقرير الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان في تركيا لعام 2017، عن خيبة أملها من التقرير الأمريكي، مبينة أنّها تواصل التزامها بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون، رغم التهديدات الإرهابية التي تواجهها.
وأضاف البيان أنّ تقرير الخارجية الأمريكية الصادر يوم 20 أبريل الجاري، مليء بالاتهامات والادعاءات والتعريفات الخاطئة حيال تركيا ، لافتاً إلى أنّ التقرير الأمريكي تجاهل التطرق إلى كفاح تركيا ضدّ تنظيم “كولن” الإرهابي المتطرف، الذي تغلغل في دوائر ومؤسسات الدولة وقام بمحاولة انقلاب فاشلة.
وذكر البيان أنّ تقرير الخارجية الأمريكية أخطأ في وصف كفاح تركيا ضد الإرهاب، بأنه حرب داخلية، واستند في هذا الوصف إلى روايات مجموعات لها علاقة بتنظيمات إرهابية، ونوّهت الخارجية التركية، إلى أنه ليس من قبيل الصدفة أن يصدر مثل هذا التقرير عن دولة تحتضن زعيم تنظيم “كولن” الإرهابي “فتح الله كولن”.
وبينما تتجاهل وزارة الخارجية الأمريكية جرائم السفيه السيسي في مصر، زعمت في تقريرها السنوي لحقوق الإنسان، إن الآلاف في تركيا تعرضوا للاختفاء القسري والاعتقال التعسفي باسم حالة الطوارئ خلال العام الماضي، كما أنه تم تعذيب آلاف المعتقلين المعارضين في انتهاكات لحقوق الإنسان هي الأسوأ في العالم.
سيسي ترامب في القاهرة
وقالت الخارجية الأمريكية إن السياسات التركية هي الأكثر انتهاكًا لحقوق الإنسان وحرية الفكر والتعبير فى العالم، وقد تنوعت بين الحرمان التعسفي من الحياة وعمليات القتل غير المشروعة وبدوافع السياسة وعمليات تعذيب، وطرق معاملة وعقوبات قاسية غير إنسانية، ورد نشطاء مصريين على تقرير الخارجية الأمريكية بالقول “طب وبالنسبة للسيسي نظامه إيه؟”.
ويؤكد حقوقيون ومراقبون سياسيون أن حقوق الرئيس محمد مرسي مُستباحٌة تماماً .. ففضلاً عن الحرمان من رؤية الأهل والحبس الانفرادي الكفيل بإصابة أي عاقلٍ بالجنون، فإنه يتعرض للسباب في الإعلام دون حسابٍ، ويُدعى إلى قتله وتصفيته علناً كلما وقع حادثٌ إرهابي في الأغلب من تدبير سلطات الانقلاب.
من جهته تساءل الدكتور محمد الجوادي: “أين منظمات حقوق الإنسان في العالم كله من هذا الافتراء والطغيان والعنت والبهتان والتعذيب والبغي الذي يتعرض له الأستاذ الدكتور محمد مرسي الرئيس الشرعي المنتخب في أول دولة من دول العالم الثالث التي مارست الديمقراطية والحياة الانتخابية والبرلمانية والدستورية؟”.
مضيفاً:” فمحمد مرسي الأستاذ الجامعي والمهندس المرموق الذي أهلته شخصيته الفذة وممارساته النزيهة وخبراته البرلمانية ليكون أول مرشح ثم ليكون المرشح الفائز برئاسة الجمهورية في مصر عند عودتها لحياتها الديمقراطية التي بدأت في ١٩٢٣، ثم انتكست طيلة ستين عاما ١٩٥٢ – ٢٠١٢، وها هم الذين تسببوا في انتكاساتها في كل ميدان يعبرون عن كل العداء والازدراء والاحتقار لحق الإنسان وحق الشعوب، فيما يوجهونه من ظلم بالغ لرجل تجاوز الخامسة والستين من عمره، ولم يقترف شيئا في الحياة إلا حب الشعب له، وانتخابه له ليكون رئيسًا للجمهورية”.
وتابع : “فلا يلقى من الجزاء إلا تواطؤ الجميع بمن فيهم منظمات حقوق الإنسان، خوفا من سطوة الدبابة الوطنية والصهيونية العالمية. لقد بلع الجميع ألسنتهم في حالة مريبة من الارتعاد المرتعش والتخاذل المهين أمام سطوة البغي والطغيان والإفك والضلال، فأصبح الرئيس الشرعي المنتخب لأقدم دولة في التاريخ محروما من كل شيء ليضرب به المثل المخيف حتى لا يمارس السياسة في العالم الثالث أي إنسان”.
وختم بالقول:”وأصبحت الرسالة بفضل تقاعس العالم ومنظماته الحقوقية واضحة للجميع، وإلا تحول كل سياسي مخلص إلى محمد مرسي ، الذي فاقت معاناته مجموع ما تعرض له الزعيمان غاندي ومانديلا. ومن المذهل أن يحدث هذا عيانا بيانا في القرن الحادي والعشرين!”.
وعقد جمال عيد الحقوقي المصري ومدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان، مقارنة بين ما كان يتمتع به المخلوع مبارك من حقوق وبين ما يجري ضد الرئيس مرسي قائلا: “لقد قبع مبارك في شرم الشيخ بعد سقوطه وقبل محاكمته شهور، وسُجن مبارك لكنه عومل بشكل جيد، في الوقت الذي يتم فيه حرمان الدكتور محمد مرسي من الحقوق نفسها ومن زيارة أسرته، وهو ما يشكل “عارا” يجب وقفه بشكل عاجل”.
جدير بالذكر أن الإدارة الأمريكية من أيام أوباما إلى الرئيس الحالي ترامب، لم “تهضم” مطلقا الرئيس محمد مرسي وحكم الإخوان، واضطرت للقبول بها، والادعاء، من منطلق كسب الوقت لا أكثر ولا أقل، وللتعايش مع نتائج ثورة شعبية حقيقية جارفة أطاحت بديكتاتور صلب الجذور كانت تدعمه ونظامه بقوة، بدليل أنها رفضت رفضا مطلقا أن تصف غدر الجيش بالرئيس مرسي بأنه “انقلاب عسكري”، وهو أكبر تزوير سياسي في العصر الحديث.