أنفقت 500 مليون جنيه بدلات ومرتبات وفنادق وأكل وسياحة وتسوق وملابس وهدايا للمدام والأولاد في سويسرا ولم تسترد قرشا، تلك هي لجنة استرداد الأموال التي يترأسها النائب في برلمان الدم مصطفى الجندي، الذي تقدم بطلب مناقشة عامة إلى علي عبد العال كبير برلمان الدم، لإعلان انتهاء عمل لجان استرداد أموال الدولة المنهوبة والمهربة إلى الخارج، وتقديم العزاء للشعب.
لجنة “الجندي” التي أرسلها السفيه السيسي لتحقيق مهمة إفشال عودة أموال الشعب، نجحت في مهمتها وتتحمل المسئولية ولسان حالها يقول :” أنفقنا 500 مليون جنيه لاسترداد أموال لجنة استرداد الأموال ولم نسترد شيئا..والتاكسي يقف بالخارج ينتظر الأجرة”!
جمهورية الفساد
سبع سنوات كاملة مرت علي رحيل المخلوع محمد حسني مبارك، الذي حكم مصر ثلاثين عاما أفسد فيها الحياة السياسية المصرية وجرفها من القيادات السياسية التي كانت يمكن لها أن تصيغ مستقبل مصر بعد ثورة 25 يناير بشكل مختلف عما تعانيه الآن، و فصَّل مبارك الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والقضائية على مقاسه ومقاس عائلته فقط، وبالتالي عندما قال إما أنا أو الفوضى فهو كان محقا لأنه يعلم أن التركيبة التي صنعها طوال فترة حكمه سوف تكون حائط صد أمام أية محاولة لإعادة إحياء مصر مرة أخرى.
ولأن المال مال الشعب ولأن الشعب ابن حلال ولن “يستخسر” دولاراً في الترفيه عن أعضاء اللجنة، أهدرت اللجنة نحو نصف مليار جنيه (28 مليون دولار) كبدلات سفر لأعضاء لجان استرداد أموال الدولة المنهوبة والمهربة إلى الخارج، وشكلت مصر شكلّت 5 لجان رسمية وشعبية لمتابعة استرداد الأموال المنهوبة، إلا أن سلطات الانقلاب قامت بإفشالها جميعاً ومنعتها فى استردادها، وعجزت عن إثبات حجم الأموال المهربة التي جرفها نظام المخلوع مبارك وجنرالاته.
تعمد الفشل
وتعمد السفيه قائد الانقلاب ألا تحقق تلك اللجان أي نجاح ملموس، وتسبب في إهدار أموال جديدة، ومحصلة عملها صفر، وفي أواخر أغسطس الماضي، أبلغت سويسرا سلطات الانقلاب وقف إجراءات المساعدة القانونية المتبادلة التي فتحت في 2011، بشأن الأموال المهربة بدعوى أن إجراءات المساعدة القانونية المتبادلة لم تسفر عن نتائج مادية.
وتمضي الطبخة التي خدم فيها السفيه السيسي المخلوع مبارك، وبزعم فشل المساعدة القضائية من سلطات الانقلاب، أعلنت السلطات السويسرية، وقف التعاون القضائي مع عصابة السيسي بشأن الأموال المُهربة من قبل مبارك وأفراد أسرته وعدد من جنرالاته، وذلك لتقصير عصابة السيسي في تقديم ما يثبت عدم شرعية الأموال التي تم تحويلها للبنوك لديها؛ وبسبب عدم وجود ما يفيد تورط الأشخاص محل تلك الاتهامات في ارتكاب الوقائع محل التحقيقات الجنائية المصرية، وعدم تحديد الرابط بين الجرائم محل التحقيق في مصر والأموال الموجودة في سويسرا، وكذلك صدور أحكام نهائية بالبراءة لأسرة مبارك في بعض القضايا وعدد من المقربين من نظامه.
إضاعة الفرصة
وعقب تنحي مبارك عن الحكام، وسقوط نظامه بعد اندلاع ثورة يناير 2011، بدأت المطالبات بضرورة فتح تحقيقات لمعرفة الأموال التي نجحت أسرة مبارك في تهريبها للخارج، والعمل على استردادها لاستخدمها في التنمية الاقتصادية، بعد أن أعلنت الحكومة السويسرية تجميد أموال مبارك ومقربين منه بعد ساعة واحدة من تنحيه عن السلطة في فبراير 2011.
ومنذ ثورة يناير 2011 وحتى الآن، تم تشكيل 7 لجان لاسترداد أموال مصر المنهوبة والمهرّبة بالخارج، حاول المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ردم القضية بتشكيل لجنة صورية في شهر إبريل 2011، وبعد إلحاح شعبي وتفجر الفضيحة اضطرت عصابة العسكر إلى تشكيل لجنة صورية ثانية خلال تولي الدكتور كمال الجنزوري، رئاسة الوزراء في يناير 2012، كان هدفها التمادي في إضاعة الوقت وفرصة عودة الأموال.
وبعدها شكلت لجنة أثناء حكم الرئيس المنتخب محمد مرسي، في أغسطس 2012، إلا أن الانقلاب العسكري لم يمهلها وقتاً في 30 يونيو 2013، تلتها عدة لجان لتصفية القضية منها لجنة شكلت خلال تولي المهندس المتهم بالفساد إبراهيم محلب، رئاسة وزراء الانقلاب في نوفمبر 2014، وكانت آخر اللجان التي تشكلت هي اللجنة القومية لاسترداد الأموال والأصول والموجودات في الخارج، برئاسة نائب عام الانقلاب نبيل صادق، وذلك في شهر فبراير عام 2015، ويدلك اسمها على أنها أشبه ما تكون بشركة بيع المصنوعات المصرية..الفاشلة.
عصابة السيسي
ورغم اللجان المتعددة، لم تستطع أي منها استرداد جنيه واحد، في حين مددت السلطات السويسرية تجميد أصول عصابة مبارك التي تبلغ أكثر من 70 مليار دولار، معللة قرارها بإعطاء مزيد من الوقت للتحقيقات الجارية بشأن هذه الأصول، وبحسب القانون السويسري، فإنه لا يمكن تجميد أصول الأموال أكثر من 10 سنوات.
وتشكل قضية الأموال المنهوبة جزء بسيط من فساد عصابة العسكر التي حكمت مصر من أول جمال عبد الناصر إلى السفيه السيسي، وحمل خبراء ومختصون مبارك مسؤولية ما جرى ضد ثورة يناير وأنه كان شريكا في الانقلاب الذي جرى على أول تجربة ديمقراطية حقيقية، حيث أكد الباحث السياسي أسامة أمجد أن مبارك استطاع خلال فترة حكمه أن يرسخ أقدام الفساد في مختلف المجالات سواء المتعلقة بالجماهير أو غير ذلك، وبالتالي كان طبيعيا أن يتصدى هذا الفساد للرئيس مرسي ويفتح ذراعيه للسيسي في إفشال واضح لأهداف ثورة 25 يناير.