ومن باب سخافة بعض ما يطلق عليهم النخب تسطيح الصراع بين قوى الربيع العربي وفي مقدمتهم جماعة الإخوان وبين قوى الثورة المضادة الممولة خليجياً والمدفوعة صهيوأمريكياً، رغم أن الصراع واضح جليا إنه أيدلوجي وليس سياسي فقط، يحصرونه رغماً عن ذلك في قضية أو جزئية أن الإخوان يسعون للسلطة، وهل التيار المدني يسعي للصفا والمروة مثلا؟
وترد دعاء عبد الحافظ على أحد الأقلام المحسوبة على الإسلاميين والذي سافر مؤخراً إلى تركيا، بالقول:” فيه ناس ملهمش فى موضوع الاخوان دا خالص ولا حتى متعاطفين معاهم لكن مش بيرضوا بالظلم – هقولك انت حد معدود ع الصفوه – انا شخصيا كنت بحترم كتابتك بس عمرى ما فكرت انى اتابعك وكأن قلبى حاسس ب الاعوجاج الفكرى عموما فيه كتير مقدرين عذرك لو كنت معذور فى هجومك على فصيل بيصارع الوجود”.
من جهته قال الداعية الإسلامي عصام تليمة إن حملة الانتقادات التي جرت ومازالت خلال الفترة الماضية ضد الإخوان لها العديد من الأهداف، منها أهداف محلية داخل مصر ومنها أهداف إقليمية في الوطن العربي، إلا أن تزامن هذه الانتقادات تؤكد أنها تسير ضمن حملة منظمة لتشويه الإخوان بدأت منذ نجاح ثورة 25 يناير 2011.
سكاكين صدئة
وفي مقال نشره الكاتب الصحفي قطب العربي، بعنوان ” عندما تتكاثر السكاكين الصدئة على الإخوان!”، يقول:” يخطئ أولئك المناوئون للإخوان إذا تصوروا أنهم بهذه الطعنات سيتمكنون من الإجهاز على الجماعة، ويخطئون أكثر إذا تصورا أنهم سيكونون ورثتها، أو سيملأون فراغها”.
وأردف العربي:”فالجماعة التي يعتقدون بانهيارها لا تزال قائمة، وإن لم تكن بالقوة التي تمكنها منفردة من الإطاحة بحكم عسكري يمتلك المدرعات والطائرات والبنادق. وأبناء الجماعة مع غيرهم من المخلصين لا يزالوا هم الذين يتحركون في شوارع مصر (على قلة عددهم، وابتعادهم عن الشوارع الرئيسية)، ونشطاء الجماعة هم الذين يتحركون مع غيرهم من المخلصين في المحافل السياسية والحقوقية والإعلامية الدولية (رغم ضعف الإمكانات المادية)، وما يوصف بإعلام الإخوان (رغم أنه ليس ملكا في معظمه لهم) لا يزال يقوم بدوره بشكل جيد، وفقا لتقارير مؤسسات بحثية عالمية”.
مضيفًا: “وقد دفع ذلك السيسي شخصيا للدخول على الخط، وتهديد العاملين في هذه القنوات بالمحاسبة، بعد محاولات متعددة من قبل لإغلاق هذه القنوات والمواقع، أو التشويش عليها”.
ووبخ “قطب” تلك الأقلام التي عضها العسكر وتأخر حقنها بالمصل، قائلاً:” الإخوان بشر يخطئون ويصيبون، وهم في صراع مع الحكم العسكري لمصر عبر الأعوام الستين الماضية؛ قدموا خلالها العديد من التضحيات، ولم يهنوا أو يلينوا، ولم ينقرضوا كما تصور مناوئوهم المعاصرون والراحلون. وهم في صراعهم مع العسكر لم يكونوا يستهدفون مغنما خاصا بهم، بل يريدون الحرية والكرامة لكل الشعب”.
هرولة مع إسرائيل
وختم قطب العربي بالقول: “ومن عجب أن تتصاعد أصوات البعض حاليا متهمة إياهم بأن صراعهم مع عصابة السيسي هو صراع على السلطة لا علاقة للشعب به! إذ كيف لا تكون للشعب علاقة وهو الذي أتى بمرسي رئيسا، وأتى بنوابه الحقيقيين إلى البرلمان؟ وما يجري الآن هو دفاع عن إرادة هذا الشعب نفسه، وحقه في اختيار حاكمه ونوابه بكل إرادته، وحقه في التمتع بكل صور الحرية والكرامة والتنمية والحكم الرشيد”.

في سياق متصل قال أستاذ المقاصد الشرعية الدكتور وصفي عاشور أبو زيد إن هذا الهجوم يتزامن مع الهرولة التي يعيشها العالم العربي نحو التطبيع السياسي مع إسرائيل لتحقيق مصالحهم المشتركة في المنطقة، وعلى رأسها صفقة القرن التي تحمل في طياتها تصفية القضية الفلسطينية، وكذلك الرغبة في تشويه الحركات والجماعات ذات التاريخ المناهض للمشروع الصهيوني والعلماني في المنطقة.
ويشير أبو زيد إلي أن هذه الأنظمة تري في وجود هذه الحركات تهديدا لملكها، وفضحا لمخططاتها، وكشفا لخياناتها، وتعرية لانحراف عقيدة الولاء والبراء عندها، كما أنها محاولة للتغطية على فشل هؤلاء الحكام والأنظمة في قيادة بلادهم، وصرفا للأنظار عن جرائمهم وطغيانهم واستبدادهم وفسادهم السياسي وفشلهم الاقتصادي، وسقوطهم الأخلاقي الذين يريدون به تغيير هوية مجتمعاتنا العربية.
جدير بالذكر أنه ليس من السهل معرفة حجم جماعة الإخوان المسلمين، لا في مصر ولا في المجال العربي ككل، ولكن، إن وضعنا في الاعتبار عضوية الحركة، والمتعاطفين معها، ومن ينتمون للتيار الإخواني فكرياً وسياسياً، بدون أن يكونوا أعضاء في تنظيماتها المختلفة، فإن التقديرات تدور حول أكثر من عشرة ملايين من العرب، هذه ليست أكبر قوة سياسية فعالة في العالم العربي وحسب، بل وبين أقدمها وأرسخها جذوراً وميراثاً، في بعض من البلدان العربية بما في ذلك مصر، لا تكاد توجد قوة سياسية فعالة، ذات انتشار وطني، سوى الإخوان المسلمين، والمؤكد أن الحرب الشعواء التي أعلنتها دول عربية على الإخوان ستخفق، ولن تنتهي إلى نتيجة ما، اللهم إلا إيقاع بعض الأذى بالإخوان والكثير من الأذى بالدول التي تتعهدها والأقلام التي تسترزق من فتات البيادة.