«اعتبروا بمصر».. هكذا جعلنا السيسي عبرة في الخراب

- ‎فيتقارير

“مش أحسن ما نبقى زي سوريا والعراق”، عبارة استخدمها إعلام العسكر ومؤيدو الانقلاب في مصر، يوجّهونها إلى منتقدي السفيه عبد الفتاح السيسي، في محاولة لتذكرتهم بأن الوضع في مصر أفضل من بلاد أخرى تضربها طواحين الحرب الأهلية والطائفية، إلا أنهم لم يتخيلوا أن هذه العبارة ستصبح أكثر العبارات الساخرة على لسان صحيفة “الرأي” الأردنية، بعدما فتحت القوس وضمت مصر إلى الدول التي حلّ بها الخراب.

وأثار مقال تصدر الصفحة الأولى في جريدة “الرأي” الأردنية الحكومية، جدلا وانتقادات وردود فعل غاضبة بين الأردنيين، على صفحات التواصل الاجتماعي؛ نظرا لما اتسم به عنوان المقال وما جاء فيه من تلميحات ذات طابع اتهامي تحذيري للأردنيين كما رأها نشطاء ومراقبون، ارتباطا بالاحتجاجات الشعبية الأخيرة التي شهدها الأردن.

جاء المقال الذي كتبه أحمد سلامة تحت عنوان: “أين الملك.. لماذا السؤال؟”، متبوعًا بدعوات تحذيرية نشرت بحروف بارزة على الصفحة الأولى، من بينها “أيها الأردنيون اعتبروا بمصر والعراق وفلسطين”، و”التشكيك بالجيش والأجهزة الأمنية مؤامرة دنيئة”، و”شكرا لجلالة الملك الذي لم يخضع لضغوطات الرذاذ”، و”ديدان الأرض وهوس الخارج يدبرون لزعزعة آخر مملكة حب للعرب”.

ويبدو أن عبارة “مش أحسن ما نبقى زي سوريا والعراق وفلسطين ومصر”، مرشحة لاستقبال دول تطحنها مؤامرات الثورات المضادة التي تقودها الرياض وأبو ظبي، مثل ليبيا واليمن، والدائرة تتسع مع نذر حرب خليجية إيرانية تلوح بالأفق، ما جعل بعض الكتاب والصحفيين يتندرون ويحذرون في نفس الوقت من الأحوال الصادمة في مصر، من عمليات القمع التي يقوم بها السفيه السيسي، وكل تجاوزاته، والتي حولت العبارة من مادة للسخرية إلى مادة للحزن والأسى لما حل بمصر.

تقول الناشطة إخلاص الزيني: “مصر بقت بيضرب بها المثل زي سوريا والعراق.. كده إحنا وصلنا لأعلى ليفل في البؤس”، ويرد الناشط مازن أحمد: “ويعتبرون أيضا بفرنسا التي قامت فيها ثورة دمرت تدميرا فظيعا وبعدها ها هي الآن من أفضل بلاد العالم”.

وتتكرّر عبارة “مش أحسن ما نبقى زي سوريا والعراق” على ألسنة كثيرين في مصر، منذ الانقلاب العسكري الذي قاده وزير الدفاع – آنذاك- السفيه عبد الفتاح السيسي، ضد أول رئيس مدني منتخب الدكتور محمد مرسي، وفي أكثر من مناسبة، فتكاد تتردد في كل نقاش عام، ويتبناها كبار السنّ عموما، وأغلبهم من المؤيدين للانقلاب، للتحذير من مستقبل كارثي، في حال قام الشعب بثورة ضد انقلاب العسكر، بينما يعتبرها الشباب حيلة يتبعها إعلام العسكر على وجه الخصوص لكبح طموحهم في التغيير، كما يتخذها كثيرون مادة ثرية للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويُعدّ الشباب في مصر أكثر المتبرمين من هذه الجملة، لأنهم أكثر فئة شاركت في ثورة 25 يناير 2011، فيقول شريف عفيفي، الطالب في السنة الرابعة بكلية طب قصر العيني: “مش موافق إن مصر تبقى زي سوريا والعراق، لكن هذا ليس معناه التوقف عن نقد الأحوال والتطلّع للأفضل”.

ويُلقي شبان، مثل عفيفي، التهمة على كبار السنّ في انتشار هذه الجملة بالمعنى “التخويفي” الذي تحمله، إذ يضيف: “الآن تُستخدم هذه الجملة في شكل غير صحيح، بخاصة من كبار السن الذين يريدون أن تستمر الأحوال كما هي، ويرفضون التغيير الذي أطلقه الشباب”.

ويرى العديد من الشباب أن الأجدى في هذه المرحلة التي يغوص فيها الانقلاب بمصر إلى قاع الخراب، الالتفات إلى تجارب النجاح في الدول الأخرى، ويقول “لماذا لا نتطلع إلى أن نكون مثل اليابان أو ألمانيا أو حتى تونس، بدلا من التركيز حول مصير سورية والعراق؟”، تتساءل سارة محمد، مُدرسة شابة، موضحة أن “هذا التفكير السلبي يمنعنا من التحرر والتقدم”.

في المقابل، يعكس شبان آخرون نظرة متشائمة للوضع في مصر، ويرون أن مصير البلاد في ظل انقلاب السفيه السيسي يكاد يكون مثل مصير كل من سوريا والعراق، “الديكتاتورية هي التي أدت بسوريا والعراق إلى المصير الذي نشاهده الآن، ونحن نعيش في دولة ديكتاتورية فيها 60 ألف معتقل في السجون، وإذا لم تطبق الديمقراطية فسنجد المصير نفسه”، يقول أحمد الكيشكي، طالب بكلية الهندسة.