“التانتالوم”.. لماذا يُحرَم المصريون من خيرات أرضهم وثروة أغلى من الذهب؟

- ‎فيتقارير

منذ انقلاب عام 1952 والجيش يسيطر على قطاع الثروة المعدنية في مصر بقانون المناجم والمحاجر القديم رقم 86 لسنة 1956، إلا أنه ومنذ عام 2011، زادت سيطرته على الأراضي المتاخمة للطرق وقطاع الثروة المعدنية.

ويقف جنرالات العسكر أمام تطوير قانون الثروة المعدنية، وقاموا بإصدار قانون التعدين بعد الانقلاب وتحديدًا في عام 2014، لاحكام قبضتهم على ثروات البلاد التعدينية والتحكم فى المناجم والمحاجر، وهو قانون بحسب خبراء اقتصاد يضيع ثروة مصر ويضعها بيد العسكر.

فقراء أوي!

تقول الخبيرة الاقتصادية الدكتورة رانيا محمود: “يوجد بمصر ٥ آلاف محجر منها ١٧٠٠ محجر لها رخصة عمل رسمية من الدولة لشركات تابعة لضباط بالدولة أيضا، وهناك ما يقرب من ٣٣٠٠ محجر يعملون من الباطن بدون ترخيص بطريقة مباشرة من الجيش، وطبعا السيسي بيلهط علطوول بس خلاص”.

من جهته يقول الخبير الاقتصادي عبد العزيز السيد: إن إيرادات المناجم انخفضت بموازنات ما بعد الانقلاب بنسبة 50%، متهما العسكر بالاستيلاء على هذه النسبة، وأكد أن الجيش أنشأ 3 شركات تعدين بالمساهمة مع محافظتي كفر الشيخ وشمال سيناء، يتملك بها نسبة 60%، مبينا أن الجيش عبر تلك الشركات يحكم قبضته على سوق وصناعة الثروة المعدنية.

ونصت اللائحة التنفيذية للقانون 198 لسنة 2014، واللائحة التنفيذية للقانون الصادرة في 2015، على زيادة القيمة الإيجارية والإتاوة السنوية بنسبة 740% للرخام، و670% للزلط، و300% للرمل الزجاجي، و747% للجرانيت، و360% للجبس، و227% للطفلة؛ ما أثر على تلك الصناعات وضاعف تكلفة إنتاجها.

وبرغم تأكيد وزارة الصناعة في حكومة الانقلاب، أن مصر تملك احتياطيا للثروة المعدنية يبلغ تريليونات الجنيهات، فإن لجنة الصناعة بالبرلمان أكدت أن المواد التعدينية لا تمثل 5% من الناتج القومي.

ولدى مصر، حسب إحصاءات رسمية، 1.5 مليون طن احتياطي من الرصاص والزنك، و3 مليارات طن احتياطي للفوسفات، ويغطي الحجر الجيري 58% من أرض مصر، وهناك أكثر من 120 موقعا للذهب، وينتشر الحديد بالصحراء الشرقية ومنطقة العوينات والواحات البحرية وأسوان، بجانب 21 مليون طن احتياطي من الفحم.

وزادت وزارة المالية في حكومة الانقلاب رسوم الدمغة على رخص البناء والمحاجر، إذ سيتم رفع قيمة النسب المحصلة عليها كضريبة دمغة، وذلك وفقًا لنشرة “انتربرايز”.

وعاودت أسعار الإسمنت ارتفاعها في السوق المصري رغم افتتاح مصنع إسمنت بني سويف المملوك للجيش، والذي زعم جنرال إسرائيل السفيه السيسي خلال افتتاحه بأنه سيؤدي لخفض أسعار الإسمنت بشكل كبير.

وتحتل مصر المركز رقم 14 بين أكثر الدول المنتجة للإسمنت، حيث يبلغ حجم إنتاجها السنوي 74 مليون طن، بينما تصل معدلات الاستهلاك لـ55 مليون طن، يوجّه منهم 2.7 مليون طن للأسواق الخارجية.

أغلى من الذهب

من جانبه يؤكد الخبير الاقتصادي سمير أبو الخير أن القوات المسلحة تحتكر كل المحاجر المنتشرة بمصر، ومن ثم فهي المتحكمة في مواد إنتاج الإسمنت المتمثلة في الحجر الجيري والطفلة، ما يجعل المنافسة لصالحها، وهي السياسة التي يدفع الجيش السوق المصري في اتجاهها، بأنه الأقل في السعر وعليه سوف يحتكر سوق الإسمنت، إلا أن الواقع يشير لعكس ذلك حيث تذهب الطاقة الإنتاجية لمصنع الجيش للمشروعات التي يقوم بتنفيذها بمختلف المحافظات، سواء في المدن الجديدة أو العاصمة الإدارية أو مشروعات الطرق، وفي النهاية لم يستفد المواطن من وجود أكبر مصنع لإنتاج الإسمنت في الشرق الأوسط.

وسبق أن قامت حكومة الانقلاب بإلغاء عقد “شركة تانتالوم مصر” وهي شراكة بين “هيئة الثورة المعدنية” وشركة “جيبسلاند الأسترالية”؛ ولجأت الأخيرة إلى التحكيم الدولي بعد سحب ترخيصها للتنجيم عن معدن “التانتالوم”.

وقالت “شركة تانتالوم مصر” أن تراخيصها ألغيت لأسباب واهية وأصولها أخذت عنوة، ويتداول الحديث بأوساط المال والأعمال بالخارج أن “هذا ما حدث مع كل قطاع المعادن والمناجم والتحجير والمواد الأولية بمصر، سواء كان المالك مصري أو أجنبي”.

ويشكل “التانتالوم” نحو 50 % من صناعة الإلكترونيات، ما جعله أكثر قيمة من الذهب، وينتشر في صحراء مصر الشرقية، فيما يوجد 3 عقود استغلال لخامات القصدير المصاحبة لـ”النيوبيوم” و”التانتالوم” لصالح شركة “تانتالوم مصر”، وبلغ الإنتاج (98.5 طن) عام 2013، تم تصديرها بالكامل.

ويتساءل الخبير الاقتصادي والأكاديمي ورجل الأعمال المصري الأمريكي محمود وهبة: “هل استولى الجيش على القطاع وألغى التراخيص لأسباب غير شرعية؟”، متوقعا أن تكون قضية التحكيم الجديدة ضد مصر “بداية سيل من القضايا”.

واشار إلى أنه “يُسرب بالخارج أن شركات الجيش استولت بالكامل على قطاع المناجم والمعادن والمحاجر والمواد الأولية”.