ضع في عقلك قاعدة أنه لن تسمح إسرائيل بأن يقوم جنرالات كامب ديفيد الذين تعهدوا بحمايتها، وعلى هذا الأساس سُمح لهم بتولي الحكم في مصر والتصرف في أرواح المصريين، بأن يقوموا بتصرف من شأنه أن يضر الكيان الصهيوني، حتى ولو كان هذا التصرف مقالًا في جريدة أو فيلمًا على شاشة السينما، فهل كسر فيلم "الممر" تلك القاعدة؟.
وبعد سنوات من العمل تحت الطاولة بين العسكر والصهاينة، ردت إسرائيل بفيلم "الملاك" لتُثبت أن أشرف مروان، زوج ابنة جمال عبد الناصر، كان جاسوسًا من الطراز الأول لدى تل أبيب، وأن رأفت الهجان هو أيضا كان جاسوسًا لتل أبيب، وتتحطم أساطير صنعها العسكر في السينما والتلفزيون كان الغرض منها "غسيل السمعة" عند المصريين.
العميل
وأشرف مروان (1944-2007) سياسي مصري بارز، وصهر أبو الانقلاب الفاشي جمال عبد الناصر، ومستشار مقرب من السادات، ولعب مروان دورًا استخباراتيًّا يقول العسكر إنه كان لصالحهم، في حين تتبنّى إسرائيل رواية معاكسة بعمالة مروان لها.
ويتبنّى الفيلم الرواية الإسرائيلية فيما يتعلق بعمالة مروان لتل أبيب، والمأخوذ عن رواية تحمل الاسم نفسه للكاتب الإسرائيلي يوري بار جوزيف عام 2016، ومؤخرا وافق جهاز الرقابة على المصنفات الفنية على المعالجة السينمائية لفيلم "العميل" بعد عامين من تلقي السيناريو، وجاءت الموافقة بعد أيام من عرض فيلم باسم "الملاك" عبر شبكة الترفيه العالمية "نتفليكس".
وبحسب رأي الناقد الفني سامح المهدي، فإن استغلال الجيش للسينما ليس جديدا، خاصة بعد حرب أكتوبر 1973، حيث كانت السينما فرصة جيدة لتغيير الصورة السيئة التي رسمتها هزيمة 1967، وبالفعل فقد حققت هذه الأعمال هدفها مثل "الرصاصة ما زالت في جيبي" و"أبناء الصمت" و"العمر لحظة" و"بدور"، وجميعها كانت في الفترة من 1974 إلى 1980.
ويوضّح المهدي أن فترة حكم المخلوع مبارك لم تشهد إلا ثلاثة أفلام كبيرة فقط، وهي "إعدام ميت" و"حكايات الغريب"، ثم "الطريق إلى إيلات"، مع بعض المسلسلات التي كانت تتحدث عن بطولات المخابرات المصرية مثل رأفت الهجان ودموع في عيون وقحة والثعلب، وأخيرا الزئبق، ولذلك فإن عودة الأعمال السينمائية الحربية مرة أخرى بعد أكثر من 27 عاما، يشير إلى وجود أهداف محددة من استغلال الجيش.
اختراق
ومن أجل المسرحية والتوظيف وإسباغ البطولة على جنرال إسرائيل السفيه السيسي، هاجمت صحيفة إسرائيلية فيلم "الممر"، الذي يذكّر المصريين بأن "إسرائيل هي العدو الحقيقي"، معبرة عن استهجانها لإنتاج هذا الفيلم، في الوقت الذي تتعاون عصابة الانقلاب بشكل وثيق مع "إسرائيل"، أمنيا وعسكريا.
ويتفق الباحث في العلوم السياسية أحمد الشافعي، مع الرأي السابق، مؤكدا أن الجيش لديه وحدة بحوث واستطلاعات للرأي العام، وبالتأكيد فإن هذه الوحدة رصدت تزايدا في الآراء السلبية تجاه الجيش، بعد الانقلاب الذي نفذه السيسي في يوليو 2013، وبعد الاتهامات التي وجهتها المنظمات الحقوقية الدولية للجيش في سيناء، والأهم من ذلك أن هناك قناعة لدى المصريين، بأن الجيش تخاذل في موضوع تسليم تيران وصنافير للسعودية.
وشبه السفيه السيسي الجيش المصري بسيارة "سيات" خلال حرب عام 1973، والجيش الإسرائيلي بسيارة "مرسيدس"، وأرادت البحرين تكريم السفيه قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، فاستقبلته على أنغام مسلسل “رأفت الهجان”، لكن سبق لـ”إسرائيل” أن كشفت عن أن الهجان كان في الواقع عميلا مزدوجا قدم لها خدمات هائلة، فهل استقبلوه على موسيقى الهجان باعتباره عميلا مزدوجا، وهو لم يتردد بالسير بخطوات عسكرية لا مدنية بجانب انحنائه لبشر؟".
وربما بعد سقوط الانقلاب وانسحاب الطائرات الصهيونية من سيناء، تخرج علينا السينما الصهيونية بفيلم يوضح حقيقة السفيه السيسي، تلك الحقيقة التي ستصدم المصريين بلا شك، وستفضح الاختراق الرهيب الذي نفذه السفيه داخل الجيش، حتى قام بالانقلاب وحكم المصريين.
